الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بقرب الموت بسبب الأفكار السلبية فكيف أتخلص منها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب عمري 20 سنة، من مصر من محافظة الإسكندرية، محترم وطيب، أعرف أحد الشباب وهو يكبرني بسنة مات شهيدا، كنت في كل يوم لمدة أسبوعين أدعو له بالرحمة، وبعد أسبوع وأثناء جلوسي أمام جهاز الكمبيوتر، عانيت من الخفقان الشديد مرة واحدة، وبشكل مفاجئ، وكذلك عقلي شعرت بشيء غريب يحصل فيه، وشعرت بأنني سوف أموت الآن، وظلت حالتي كذلك إلى اليوم.

ذهبت إلى الطبيب، وأخبرني بأنني سليم، أفكر كثيرا، وتغيبت عن المدرسة، ولا أعمل، إلى أن زرت المعالج النفسي، وصف لي العلاج، وانتظمت في تناولة لمدة ستة أشهر، تحسنت حالتي، وبقيت تتطور للأفضل كل ستة أشهر، لكن ثمن الدواء مرتفع، ولا أملك كل تلك التكاليف، بدأ أهلي في مساعدتي بشراء الدواء، وراجعت الطبيب مرة أخرى، ووصف علاجا جديدا، كان مفعوله ممتازا جدا، لمدة شهرين، بعد ذلك أوقفت العلاج، ولكن الأفكار تهاجمني دون إرادة مني، لا أعلم كيف أتعامل مع هذه الأفكار، تعبت كثيرا، وأرغب بالشفاء، فبعد تلك الأفكار أشعر بالاكتئاب، وحينما أضحك أشعر بقرب الموت.

أفيدوني كيف أتخلص من تلك الأفكار وأهنأ بحياتي، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يتقبَّل هذا الشهيد.

الذي حدث لك هي نوبات هرع شديدة، والهرع أو الفزع هو نوع من القلق النفسي الحاد، لكنّه ذو خاصِّية مميزة، فهو شديد ويُعطي الإنسان الشعور بأنه في وضعٍ غريبٍ جدًّا، وأنه سوف يفقد السيطرة على الموقف، وأن الموت قد دنى.

هذا النوع من التجربة قطعًا سخيف ومؤلم للنفس الإنسانية، ويتولد عنه وسوسة وخوف توقعي وخوف مستقبلي. أريدك أن تعرف أن هذه الحالة معروفة، أنها ليست خطيرة مطلقة، لا علاقة لها بأمراض القلب، لا علاقة لها بالموت، فالموت أمره محسوم، والأعمار بيد الله. أنت محتاج لهذا النوع من التفكير، إذًا استبصر الآن عن طبيعة الحالة كما أوضحتها لك.

والأمر الآخر هو أن تُطبق علاجات سلوكية واجتماعية، ليس الدواء وحده يفيد، أولاً: يجب أن تتجاهل الفكر السلبي، أنت -الحمد لله- تعالى لديك كل طاقات الشباب، والتي يجب أن تُوجِّهها التوجيه الصحيح، فيما يتعلق بدراستك، ممارسة الرياضة، التواصل الاجتماعي، أن تكون فعّالاً ومفيدًا لنفسك ولأسرتك ولغيرك، أن تلجأ إلى النوم الليلي، وتتجنب النوم النهاري، أن يكون غذائك متوازنًا، أن تكون صحبتك ورفقتك رفقة صالحة طيبة، وأن تكون لك خارطة أمامك تُدير من خلالها مستقبلك: ما الذي تودّ أن تقوم به؟ ما هي الإنجازات العلمية المطلوبة؟ ما هو المطلوب منك في مجال العمل؟ موضوع الزواج؟...

عش على هذه الكيفية، وبذلك تكون قد أحدثت نوعًا من إزاحة الفكر الاكتئابي السلبي التشاؤمي الذي يتسم بنوبات الهرع. فأريدك أن تُطبق هذه المبادئ بكل صرامة، وهذا قطعًا سوف يفيدك، الرياضة أعطها وقتًا أساسيًا في حياتك، وكذلك التمارين الاسترخائية، ولابد أن تكون لك علاقات اجتماعية فاعلة مع الصالحين من الشباب في سِنك، وهُم كُثُر جدًّا.

أيضًا اجعل بر والديك دائمًا نصب عينيك، بر الوالدين يأتي لك -إن شاء الله- بخيري الدنيا والآخرة، وهو باعث طمأنينة للنفوس، فكن حريصًا على بر الوالدين جدًّا.

بالنسبة للعلاجات الدوائية: هناك طابع وسواسي في حالتك، وأنا أعتقد عقار (فلوزاك)، والذي يُسمى علميًا (فلوكستين)، سيكون دواءً جيدًا بالنسبة لك، ولا أحسبُ أن سعره مُكلِّفًا في مصر، الجرعة هي كبسولة واحدة في اليوم لمدة شهرٍ، ثم تجعلها كبسولتين في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم تتوقف من تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً