الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوسواس القهري والحساسية المفرطة .. كيف الخلاص منهما؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله خيرًا على ما استفدتُ به من هذا الموقع، وجزاكم الله خير الجزاء، وجعله في ميزان حسناتكم.

عمري 18 عامًا، مشكلتي أنني حساسة جدًّا لدرجة أنني أتأثر بأي كلمة وأفسرها تفسيرًا خاطئًا وأحزن، وصديقاتي أخبرنني أنني حساسة جدًّا، وبشكل غير طبيعي، وبأنني أُضخِّم الأمور، ومشاعري تُجرح من أشياء لا قيمة لها.

أصبحتُ أكره نفسي، ورغم هذا فأنا مصابة بالوسواس القهري. كان أولًا في العبادات، ثم ازداد حتى أصبحت الأفكار تتكرر في رأسي، وأشعر بأن رأسي سينفجر. قرأت في موقعكم الكريم عن الوساوس، واستنتجت أنني قد أُصبت بأغلبها.

شخصيتي قلقة ووسواسية، ولا يحبها الناس، وأغلب من عرفتهم يكرهون شخصيتي، لكنهم يتعاملون معي لأنني كما يقولون ذكية. أمَّا عن نفسي فأنا لا أرى أنني ذكية، لكن الله رزقني ببعض المواهب، والناس تصفها بالذكاء وتحبها.

الكل يعاملني بأنني "سالي الذكية"، وليس لأنني أنا، حتى معلميّ يحترمونني فقط لأنني "ذكية"، وقالوا أمام الطلاب أنني ذكية، فكرهت تعامل الناس معي لهذا السبب.

إن أحببت أحدًا فأحبه حبًا مفرطًا وفي النهاية أكرهه، ولا أذكر أنني أحببت أحدًا ولا زلت أحبه حتى والداي. كما أنني أحيانًا ترتفع معي الشهوة الجنسية -وآسفة على قول ذلك-، وأقاومها وأحاول قدر المستطاع أن لا أعصي الله عندما ترتفع، وأحيانًا تهبط الشهوة لدرجة لا يهمني إن تزوجت أم بقيت عانسًا، بل أُفضل العنوسة.

أُكلم نفسي كثيرًا، وأضحك مع نفسي، وأخاف أن يراني أحدهم ويظن بأنني مجنونة، وأعاني من سرعة الكلام، وأمي أحيانًا لا تفهمني بسبب سرعة كلامي، وأصبحت أعاني من التأتأة بعض الأحيان.

وهذه المشاكل لم تكن موجودة منذ زمن، بل تطورت مع السنوات. ورغم أنني كنت سريعة الحفظ، إلا أنني الآن أحتاج عدة أيام للدرس، أما في الماضي فكنت أحتاج لساعة، فقدت تركيزي تمامًا.

تعرضت لمواقف صعبة، وكذلك للخوف من عدم الاستقرار. أهلي في الماضي كانوا دائمًا يُثبطون رأيي، فلو قلت رأيي كان الرد دائمًا: "اصمتي، اخرسي".

أما عندما كبرت وأصبحت أدرس، أصبح أهلي يأخذون رأيي في كل شيء، وهذا كان هو السبب في ضعف شخصيتي.

أنا متعبة حقًا، فأنا في الثانوية، ورغم أنني نجحت في الفصل الأول، إلا أنني قررت إعادتها حتى أحصل على معدل مرتفع، وفي الحقيقة حتى هذا الحلم لم يعد لدي.

ما هذا المرض الذي أعانيه؟ أرجو أن ترشدوني إلى دواء يخفف ما أعانيه، لأنني أصبحت أكره الحياة، ولا أرى لها أي طعم أو جمال.

أريد الذهاب إلى الطبيب النفسي، وأمي ترفض بشدة، ومصاريف الطبيب لا أستطيع دفعها وحدي، وأهلي يرفضون الأمر.

آسفة على الإطالة، لكن ليس هناك من يسمعني ويفهمني، دون أن يتهمني بالجنون إلا أنتم، أرجو الرد بسرعة، فالامتحانات اقتربت، وإن بقيت على هذا الحال فلن أحصل على ما أريد.

أشكركم على كل شيء تقدمونه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سالي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب.

أنتِ في سِنِّ المراهقة -أختي الكريمة- وهذه المرحلة هي التي يمرُّ فيها الشخص بأعراض كثيرة من القلق والتوتر، ودائمًا يختبر علاقته مع الأقران والآخرين التي تتميَّز بالحساسية الشديدة ومحاولة كسب احترام الناس وودِّهم، وأن يُنظر إليه كشيء مهم، وهذا يُولِّد الحساسية الزائدة كما ذكرتِ، والوسواس القهري أيضًا قد يبدأ في هذه السِّن المبكرة يا أختي الكريمة.

طبعًا في سِنِّ المراهقة أيضًا تكون هناك زيادة في الشهوة الجنسية، وذلك عند البنين أو البنات، والحمد لله أنكِ استطعتِ أن تسيطري على هذا الأمر كما ذكرتِ، ولم يجعلكِ تنجرفين إلى أي شيء آخر.

من الأدوية الفعّالة جدًّا في هذا السِّن والتي تُعالج –إن شاء الله– الوسواس القهري والحساسية المفرطة التي تعانين منها؛ هو دواء (فلوكسيتين - Fluoxetine) 20 مليجرامًا، البداية تبدئين بكبسولة واحدة بعد الأكل يوميًا، وتحتاجين فترة ستة أسابيع حتى تشعري بمفعول الدواء، وتبدأ هذه الأعراض في الزوال.

بعد ذلك يجب عليكِ الاستمرار في تناول الفلوكسيتين لفترة لا تقل عن ستة أشهر، حتى تختفي كل هذه الأعراض وتعيشي حياة طبيعية، وتتحسَّن علاقتك مع الآخرين، وتقلَّ الحساسية، وتقلَّ الوساوس التي تدور في نفسك، وبعد ذلك يمكن التوقف عنه بعد فترة ستة أشهر بدون تدرُّج أو قطع تدريجي، إذ إن الفلوكسيتين لحسن الحظ لا يُسبِّب أعراضًا انسحابية، ولا يُسبِّب زيادة في النوم، ولا يؤثِّر على الشهية، فهو من الأدوية الفعّالة في هذا السِّن، والآثار الجانبية التي تنتج عنه قليلة جدًّا.

وفقكِ الله وسدد خطاكِ.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً