الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبح البكاء ملازماً لي بعد أن علقني به وخطب غيري!!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا فتاة على خلق ودين -والحمد لله-، وأعمل مهندسة، والكل يشهد بأخلاقي وذكائي، كما أنني جميلة ومن عائلة ميسورة ومعروفة، وكنت تعرفت على شاب في العمل أقل مني في المستوى والناحية المادية كثيرًا، أبدى رغبته في الزواج مني، فقبلت لما أبدى لي من اهتمام.

بدأنا التعارف وتفاجأت كونه يطلب مني المحرمات بحجة أن يتعرف أكثر على زوجته المستقبلية، كنت أرفض وبشدة، لكني كنت أستمر في الحديث معه بداعي أن الله سيهديه، كنت أدعو له بالهداية دائمًا، وفجأة أخبرني أنه لن يتزوجني دون أن يشرح الأسباب، ثم وصلني خبر أنه خطب زميلتنا في العمل، وأنهما على وشك الزواج.

تأثرت كثيرًا، وصار البكاء يلازمني دومًا، ولم أتقبل أن يتركني ويختار من هي أقل مني في كل شيء، رغم أني أدرك أن التميز يكون بالتقوى، وأنا تقية ولله الحمد، وأريد من الله أن ينتقم منه، وألَّا يوفقه في إتمام زواجه، فهل يحق لي ذلك؟ وما نصيحتكم لي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

اعلمي - وفقك الله - أن التجاوز في العلاقات بين الرجل والمرأة الأجنبية يؤدي إلى كثير من المخالفات الشرعية، وأن أغلب من يمارس تلك العلاقات تحت مبرر البحث عن زوجة لا يكون صادقًا فيها، بل يجعل ذلك وسيلة للتلذذ المحرم والتنقل من فتاة إلى أخرى.

وما حصل منك من تعارف وتواصل مع زميلك خطأ يلزمك التوبة منه، والندم على فعله، والعزم على عدم العودة إليه، أو التكرار له مرة أخرى، والاستغفار حتى يغفر الله لك ما سلف.

كما أن موقفك الجيد من عدم تلبية طلباته المحرمة يدل على تدينك وحرصك على ألَّا تغضبي ربك سبحانه وتعالى، ولو كان جادًا في الزواج منك لكان هذا الموقف منك مشجعًا له على الاستمرار؛ لأن كل زوج يريد أن تكون زوجته عفيفة مبتعدة عن الحرام، ولكن يظهر أنه لا يهمه ذلك!

لذلك لا تحزني لفراقه، ولا تندمي على ذهابه، فلعل الله أراد بك خيرًا، وصرفه عنك، لعلم الله أنه لا يصلح لك ولا خير لك فيه، قال سبحانه: ﴿وَعَسى أَن تَكرَهوا شَيئًا وَهُوَ خَيرٌ لَكُم وَعَسى أَن تُحِبّوا شَيئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُم وَاللَّهُ يَعلَمُ وَأَنتُم لا تَعلَمونَ﴾ [البقرة: 216]. فاتركي البكاء والحزن عليه وفكري بالأمر إيجابيًّا لا سلبيًّا، فالله أراد بك خيرًا عندما صرفه عنك، فاحمدي الله على ذلك وأملي خيرا، وتفاءلي بمستقبل أفضل، ولعل الله ييسر لك زوجًا صالحًا خيرًا منه.

وثقي أن الزواج قسمة ونصيب ولا يأتي إلَّا في موعده، ومن الشخص الذي كتبه الله لك، فلا تيأسي ولا تقنطي ولا تتسخطي على أقدار الله سبحانه، وننصحك بالبحث عن زوج بطريقة أخرى آمنة، وعدم تكرار ما سبق، وترك مثل هذه الطرق التي نتائجها غير جيدة.

ولا داعي للدعاء عليه أو الانتقام منه طالما صرفه الله عنك، ولا تشغلي نفسك به، أو التعلق به، أو التفكير به، بل ألغيه تمامًا من بالك وتفكيرك، وانشغلي بعملك ومستقبلك، وفكري بطريقة صحيحة في الحصول على زوج صالح غيره، وستجدين ذلك قريبًا بإذن الله، فإن الله تعالى يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2-3]. ويقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: 4]. و(من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه).

وفقك الله لما يحب ويرضى، ويسر أمرك، وعوضك خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً