الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استيقظت فجأة بشعور مخيف غريب..فما تشخيصه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب أبلغ من العمر 27 سنة، وأعزب، وزني 60 كجم، وطولي 183 سم، أتمنى من الله ثم منكم الوقوف معي في مشكلتي التي عانيت منها، والتي سببت لي العديد من المشاكل في عملي وحياتي الاجتماعية والنفسية.

مشكلتي بدأت منذ سنتين ونصف، عندما كنت عائدًا من السفر، كنت في كامل صحتي، وعندما وصلت إلى المنزل شعرت بالتعب، فاستلقيت ونمت، وعندما استيقظت فوجئت بأن الرؤية عندي غائمة وغير واضحة، وشعرت برعشة في العين، مع دوخة تأتي وتذهب، كما أصبحت أشعر بأنني لا أستوعب الواقع وكأنني في حلم، ولم أكن أتحمل الأضواء نهائيًا!

كان شيئًا غريبًا جدًا وشعورًا مخيفًا، وعلى الفور اتصلت بأخي وأخذني إلى المستشفى، نمت هناك ثلاثة أيام، وتم إجراء كل الفحوصات، وكلها سليمة، بما في ذلك (فحص الدم، وفيتامين دال، B12، والغدة، وأشعة الرأس)، وفي النهاية، قاموا بتسريحي، والمشكلة أنني لا زلت أعاني من الأعراض نفسها، وقال الطبيب لأخي: ربما تكون لديه مشكلة نفسية، وأحزنني كلام الطبيب لأنني في وضع سيئ جدًا.

بعد ذلك راجعت استشاري العيون، وأجريت فحوصات العين لمدة ساعة، وكان الطبيب يُقطّر لي في عيني، ثم ينتظر قليلاً، وبعدها فحص العين بالمنظار، وأعاد العملية عدة مرات، وقال: عينك سليمة، بعد ذلك راجعت أخصائي مخ وأعصاب، وأجرى لي فحوصات مكلفة:
- فحص الشحنات الكهربائية، والنتيجة سليمة.
- أشعة نووية للرأس، ولم يجد فيها شيئًا.

راجعت دكتور أنف وأذن وحنجرة، وهو معروف، وشرحت له مشكلتي، فقال: عندك مشكلة بالأذن الداخلية العصب الثامن، وصدقته، وأعطاني العلاج.

اسم العلاج الذي وصفه هو "ستيجرون"، ومنذ أن بدأت في تناوله، بدأت أعاني من التشنجات، والكهرباء في جسمي، وأصبت بطنين الأذن، وظهرت نقاط سوداء في عينيَّ تسمى الذباب الطائر، بعدها رجعت إلى الطبيب وأخبرته أن العلاج سبب لي مشاكل لم أعانِ منها سابقًا، فأعطاني (بيتاسيرك)، استمررت عليه لمدة 8 شهور، مع (فيتامين B12) لمدة 3 أشهر، إلى أن سبب لي العلاج حساسية من الأدوية، وزادت الآلام بعد تناول الدواء.

عندما كنت أتناول العلاج، كنت أشعر بأن أنفي سينكسر من الجنب، وعيني متعبتان وتُصابان بالصداع، كما أعطاني علاجًا لحساسية الأنف، لكن عندما أخذته، كان يتعبني، بعدها استمررت على حبوب الحكة لمدة سنة تقريبًا، ثم توقفت عن تناول كل الأدوية، وبالفعل قلت الرعشة والدوخة، وأكملت 6 شهور بعد ترك الأدوية.

ما زالت لدي رعشة في العين وغيوم دائمة في الرؤية، مع ألم في الأنف من الجانبين والعين، ويزداد الألم لو تناولت الشوكولاتة أو الحليب، أو استنشقت رائحة العطور، أو فعلت العادة السرية -نسأل الله أن يبعدنا عنها وعن كل حرام-، أو إذا خرجت في الهواء الطلق على الفور أصاب بصداع العين، وألم الأنف والرأس، مع دوخة ورعشة وغيوم، بالإضافة إلى ومضات ضوئية في العين كالفلاشات عندما أكون جالسًا في الظلام.

أما الذباب الطائر، فهو يؤلمني، وأسمع همسات في الأذن، وصار لدي حساسية من أي دواء آخذه؛ لأنه يسبب لي صداعًا في الرأس، وتعبًا في العين؛ مما يزيد من تفاقم المشكلة.

علمًا أن الطبيب قال إن الجيوب الأنفية سليمة، وما أعانيه حساسية بسيطة، لكن المعاناة أكبر من ذلك.

وأعاني أيضًا من القولون وآلام الأسنان، حيث تعبت أسناني والفك بعد خلع ضرس العقل، وكان ملتهبًا، كما أنني أشعر بألم في حلقي عندما أشرب أي شيء بارد، بالإضافة إلى طقطقة في المفاصل.

أرجو أن يكون شرحي كافيًا لتتمكنوا من تشخيص حالتي بشكل صحيح، حيث عانيت كثيرًا حتى وصلت إلى حد اليأس، لكنني على يقين أن فرج الله قريب -بإذن الله-.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عضو بالموقع حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك التوفيق والسداد.

أخي الكريم: لك مشاركات سابقة متعددة، وهذه الأعراض التي ذكرتها في هذه الاستشارة أعراض جسدية، وأنت تعرَّضتَ لها فيما سبق أيضًا، والأعراض الجسدية من هذه الشاكلة -أي التي لا يجزم أنها ناتجة من مرضٍ عضويٍّ حقيقيٍّ- نسميها بـ (الجسدنة) أو (سيكوسوماتية)، يعني اضطراب نفسي جسدي، وأعراض الجسدنة قد تكون ناتجة من حساسية في الشخصية، أو قد تكون ناتجة من نمط حياة فيه شيء من التكاسل، أو قد تكون ناتجة من قلق داخلي بسيط، أو قد تكون ناتجة أيضًا من إجهاد جسدي أو إجهاد نفسي.

هنالك عدة أسباب، وكلها أسباب واهية وضعيفة كما تُلاحظ -أخي الكريم-، أنت -الحمد لله- أجريت الفحوصات المخبرية كاملة، وكلها سليمة، وأعتقد أن الذي تحتاجه ليس علاجًا دوائيًا، إنما تنتهج نمطًا حياتيًّا حيويًّا، وهذه هي الكلمة المهمّة "حيويًّا": بأن تكون نشطًا، أن تكون فعّالاً، أن تكون مُحسنًا لإدارة وقتك، أن تكون لك آمال وطموحات وغايات تبتغيها، وتقوم بفعل ما هو مناسب ومطلوب لأن تصل لهذه الغايات.

لعيش حياة صحيَّة أنت مطالب أن تنام مبكّرًا، هذا مهمٌّ جدًّا، وبعد أن تصلي الفجر تبدأ ببعض الأنشطة، في محيط العمل، أنت لم تذكر وظيفتك، العمل مهمٌّ جدًّا، والعمل هو الذي يُدعم الصحة النفسية والجسدية للإنسان، وهو الذي يطور المهارات.

تواصل اجتماعيًا، قم بالواجبات الاجتماعية: زيارة الأهل والأقارب، مشاركة الناس في المناسبات الاجتماعية أيًّا كانت، الرياضة مهمّة جدًّا لك، الرياضة ليست لتقوية العضلات فقط، إنما هي تقوية للنفس، اجعل هذا أمرًا مهمًّا جدًّا في حياتك.

حسن إدارة الوقت سوف يشعرك أنك فعلاً تقوم بأشياء مفيدة ونافعة لك ولغيرك، وفي ذات الوقت سوف تحس بشيء من الاستمتاع؛ لأنك أنت الذي تتحكّم في الوقت ولا يتحكّم الوقت فيك.

الصلاة -أخي الكريم- مع الجماعة مهمَّةٌ جدًّا، تفوز بالأجر العظيم، وتقابل الصالحين من الناس، تتفقَّد أحوالهم ويتفقَّدون أحوالك، نِعَمٌ عظيمةٌ جدًّا حولنا لا نُقدِّر قدرها ولا نعرف لها وزنًا، ينبغي أن نجتهد في تحصيلها والظفر بها، وألَّا نتغافل عنها.

هذه هي العلاجات التي أراك محتاجًا لها -أخي الكريم-، ولا تكن شخصًا سلبيًّا في أسرتك، كن فاعلاً، كن مفيدًا، كن مساهمًا في كل ما ينفع الأسرة، ولك في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القدوة والأسوة الحسنة، كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مهنة أهله، يعني في خدمة أهله، فإذا نودي بالصلاة كأنه لَمْ يعرفنا كما تقول أم المؤمنين، وهذا ممَّا يُعزز وضع الأسرة لتعيشوا جميعًا حياة طيبة.

أتمنى -أخي الكريم- أن تأخذ بهذه النصائح الإرشادية؛ لأنها بالفعل تُمثِّلُ الركيزة الجوهرية لأن تعيش حياة إيجابية بعيدًا عن هذه الأعراض التي تحدَّثتَ عنها، وهي أعراض (الجسدنة)، وأنا أرجوك ألَّا تتردد بين الأطباء، لا تكثر من ذلك أبدًا، مقابلة طبيب الأسرة مرة واحدة كل أربعة أشهر تكفي جدًّا.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً