الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرى كل شيء واضحاً أمامي لكني لا أقدر أفكار وأهدافي!!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

منذ أن دخلت كلية الصيدلة قبل أربع سنوات من الآن -بعد تعثري في البكالوريا بسبب غروري- وأنا غارقة في بحر الدونية والتضاؤل أمام نفسي والآخرين، لا أستطيع تقدير أفكاري ولا أهدافي، أرى كل شيء واضحاً أمامي، لكنني أؤكد لنفسي دائماً أنني لست أهلاً لأي شيء.

أرى كل زملائي في دفعتي أو الأكبر مني أنهم أكثر كفاءة مني في كل شيء وإن اتضح العكس، أخشى الفشل والسقوط، أضعهما نصب عيني دائماً، فلا أذاكر بفعالية بسبب ذلك، دائماً ما أجلد نفسي ولا أستطيع النوم، أتوتر فآكل كثيراً وتتدمر عاداتي الصحية، أخاف أن أخيب ظن أهلي لأنهم يثقون بي كثيراً، والأكثر من ذلك أخاف ألا أكون في المستوى المطلوب مني كطالبة ثم كصيدلانية مسؤولة، ثم كامرأة مسلمة تساهم في بناء الحضارة وهذا أهم ما يقلقني.

أكره في نفسي هبوطها الثابت إلى نقطة الصفر، كرهت جمودي وشرودي الدائم، أندم كل لحظة على كل لحظة لم أنم ولم أتعلم فيها جديداً، كرهت كيف أنني مسلوبة الإرادة ولا أعيش الحياة التي أريدها إلا في خيالي، كرهت كيف توقفت عن ممارسة هواياتي وتأجيلها المستمر.

لا أريد أن أعذب نفسي أكثر فأقع فيما لا يرضي الله، أساساً أخاف أن يبغضني الله ويتخلى عني بسبب جمودي وفتوري، وإن كان قد شرفني برؤية الحبيب صلاة الله عليه يوصيني في منامي بالإخلاص في طلب العلم، وهذا ما زاد في معاناتي؛ لأنني أخاف ألا أنفذ الوصية وأعصي الله والرسول.

إن أفكاري مشوشة جدا وأطلب منكم -بعد الله- أن تنصحوني، وجزاكم الله الجنة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء.

طبعاً سوء تقدير الذات يؤدي إلى كثير من الإحباطات والإنسان يجب أن يكون منصفاً مع نفسه أولاً، ثم بعد ذلك ينصف الآخرين، يجب أن تتوقفي مع نفسك ما الذي يدعوك لهذا الشعور بالإحباط وإنقاص قيمة ذاتك؟! لا بد أن تكوني منصفة لنفسك.

أنت -الحمد لله- طالبة في كلية الصيدلة السنة الرابعة، ولا بد أن يكون لديك مقدرات، لا بد أن يكون لديك معرفة، لا بد أن يكون لك أشياء إيجابية كثيرة جداً في حياتك، تقدير الذات بصورة خاطئة أمر خطأ، فأرجو أن تعيدي تقدير ذاتك، وأرجو أن تفهمي ذاتك، وأن تقبلي ذاتك، ثم تسعي لتطوير ذاتك.

أنا أعتقد أنك محتاجة لأن تقرئي كثيراً عن الذكاء الوجداني، لأن الذكاء الوجداني من خلاله يستطيع الإنسان أن يفهم نفسه بصورة صحيحة، ويتعامل معها إيجابياً، ويفهم الآخرين ليتعامل معهم أيضاً إيجابياً. توجد كتب عديدة أهمها كتاب دانيال جولمان والذي يسمى الذكاء العاطفي، ألفه سنة 1995م، وهو يعتبر رائداً كبيراً في هذا العلم.

أرجو أن تتحصلي على هذا الكتاب وتطلعي عليه، وتحاولي أن تستفيدي منه لأقصى درجة، بعد ذلك أرجو أن لا تحكمي على نفسك بمشاعرك، ولا بأفكارك السلبية، احكمي على نفسك بأفعالك، أنا متأكد أن لديك أفعالاً عظيمة، حتى ولو كنت ترين أن أفعالك سلبية قومي بتغيير نمط حياتك، نظمي وقتك، خصصي وقتاً للدراسة، وقتاً للاطلاع الحر، وقتاً للترفيه عن النفس، وقتاً للعبادة، وقتاً للرياضة، وقتاً للتواصل الاجتماعي، واحرصي على بر الوالدين، فهو مبعث طمأنينة النفس، وحسن تقدير الذات.

إذاً: لا تحكمي على نفسك بفكرك، ولا بشعورك إنما بفعلك، وهذا الثلاثي هو الذي يكون الإنسان سلوكياً: الأفكار، المشاعر، الأفعال، من يعجز في تغيير أفكاره ومشاعره يجب أن يغير أفعاله ليجعلها إيجابية، والفعل الإيجابي يؤدي إلى فكر إيجابي وإلى شعور إيجابي؛ وهذا ينتج عنه المزيد من الإيجابية في كل شيء في الفكر وفي الشعور وفي الفعل.

طبعاً الذين يعانون من سوء تقدير الذات، والشعور بالإحباط ربما يكون لديهم أيضاً مكون اكتئابي، في هذه الحالة تناول أحد محسنات المزاج ربما يكون مفيداً، فإن شئت أن تجربي أحد محسنات المزاج، مثل عقار مثل البروزاك، لأنه يحسن الدافعية، ربما يكون مناسباً جداً بالنسبة لك، يمكن أن تتناوليه بجرعة 20 ملجم كبسولة واحدة يومياً لمدة ثلاثة أشهر مثلاً، ثم تقيمي نفسك والنتائج التي تحصلت عليها من تناول الدواء، الجرعة الكلية للبروزاك هي 80 ملجم، لكنك لا تحتاجين لهذه الجرعة، جرعة 20 ملجم كافية جداً، وإن أردت أن تقابلي طبيباً نفسياً وتسترشدي برأيه هذا سيكون أمراً جيداً.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً