الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الغيرة والحسد الذي أشعر به تجاه صديقتي؟

السؤال

أنا أشعر بغيرة تجاه صديقتي، وتجاوز الموضوع الغيرة ليصبح حسدًا! في العادة: عندما أشعر بغيرة تجاه أشخاص على الإنترنت، أتوقف عن متابعتهم، لكن على أرض الواقع، ماذا ينبغي أن أفعل؟ هل أبتعد عن صديقتي لفترة حتى أستعيد نفسيتي التي تضررت؟

تأتيني أيام لا أستطيع النوم من كثرة التفكير، ولا يعجبني حالي هكذا، أعتقد أنني إذا ابتعدت عنها، سيكون أفضل من الحالة النفسية التي أمر بها في هذه الفترة.

فبماذا تنصحونني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شاهندة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك بنتنا، ونشكر لك الاهتمام، وهذا السؤال الذي يدلُّ على خيرٍ، ونفسٍ لوّامة، ومحاسبةٍ للنفس، ونسأل الله أن يُقدّر لك ولصديقتك الخير، ثم يُرضيكم به.

لابد للإنسان أن يعرف أن نعم الله مُقسّمة، والإنسان ينبغي أن يعرف نعم الله عليه، ثم يُؤدّي شُكرها لينال بشكره لربِّه المزيد، ولا يمدّنَّ عينه إلى ما عند الناس من النِّعم، كما قال الله لنبيه: {ولا تَمُدَّنَّ عينيك إلى ما متعنا به أزواجًا منهم زهرة الحياة الدنيا}، ما عند الناس من النِّعم يَشبه الزهرة، التي هي جميلة في ظاهرها، ونحن لا نعرف إلَّا هذا الجانب، ولكن نعم الله مُقسّمة، هذا أُعطي شيئًا، وهذا أُعطي شيئًا آخر، وهذا منعمٌ من هذا، أكرِّر: السعيد هو الذي يعرف نعم الله عليه، والتوجيه النبوي أن ننظر إلى مَن هم دُوننا، وأقلَّ مِنَّا في كل أمور الدُّنيا، ولا ننظر إلى مَن هم فوقنا في أمور الدنيا؛ كي لا نزدري نعم الله علينا.

فنحن لا نُؤيّد فكرة الابتعاد عن الصديقة، لكن ندعوك إلى عدم التركيز على ما أعطاها الله من النِّعم، فالسعيد هو الذي يشتغل بالنِّعم التي عنده، وإذا وجدتِّ نعمة تنزل عليها، أو على إحدى صديقاتك، أو أخواتك، فاشكري الله الوهّاب، واسألي الله من فضله، وهذه هي الغبطة، الغبطة هي تمنّي مثيل النِّعمة، أو تمنّي نعمة أخرى بعد شُكر الله على نِعمه، أمَّا الحسد فهو تمنّي زوال النّعمة، وهذا ما لا نريده، ومعلوم أن الغيرة موجودة بين الأصدقاء، وبين التُّجار، وبين الجيران، وبين الأصدقاء، ومصيبة الغَيْرة، أو الحسد أنه دائمًا يدخل بين الأحباب، بين الجيران، بين الأرحام، بين أهل المنطقة الواحدة، في الدوائر التي أرادها الإسلام حُبًّا ووفاقًا ووفاءً.

والإنسان ينبغي أن يُجاهد نفسه، وأنتِ مشكورة على فكرة المجاهدة، وهي: ألَّا تُركّزي على مسألة النِّعم، فإذا ذكّرك الشيطان يُضايقك بالنِّعم، فاذكري الله، وتعوذي بالله من الشيطان، وتذكّري النّعم التي أنت فيها، فكلّنا صاحب نعمة، لا يُوجد إنسان على وجه الأرض إلَّا وعنده نعم من الله عظيمة، لكن يكون الإشكال عندما نترك هذه النّعم وننظر إلى ما عند الناس وإلى ما في أيدي الناس، والإنسان إذا نظر ما عند الناس أتعب نفسه بلا فائدة.

فإنك متى أرسلتَ طرْفك رائدًا*** لقلبك أتعبتك المناظرُ
رأيتَ الذي لا كلَّه أنت قادرٌ*** عليه ولا عن بعضه أنتَ صابر.

فلو نظرت إلى فستان هذه، وحقيبة هذه، وشهادة هذه، وشكل هذه؛ أتعبتك يا أمَة الله المناظرُ، ولكن ينبغي أن تعلمي أن كل إنسان صاحب نعمة، ومرّة أخرى: علينا أن ننظر في أمور الدنيا إلى مَن هم دوننا، وننظر في أمور الآخرة إلى مَن هم فوقنا لنتأسّى بهم، إذا كنت مُحجّبة فانظري إلى المنتقبة، إذا كنت مُنتقبة، فانظري إلى مَن تُحكمُ نقابها، فهكذا الإنسان في أمور الدّين ينظر إلى مَن هم أفضل ليتأسّى بهم، أمَّا في أمور الدنيا، فننظر إلى مَن هم دوننا حتى نعرف قدر النِّعم فنؤدّي شُكرها.

والحل الذي عملْتِه من الحلول المقبولة، لكن لا نُريد أن يطول البُعد حتى لا تشعر، ولكن إنِ اقتربتِ اجعلي التركيز على الأمور الإيجابية التي تنتفعي بها، على النُّصح، على تطوير مهاراتكم.

ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً