الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يريد منعني من العمل ومساعدة أمي المحتاجة، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم

أنا ضائعة، وأريد منكم إجابةً لعل الله يهدي قلبي:

أنا متزوجة منذ 5 سنين، ووضع زوجي المادي سيء، بمعنى أن مرتبه لا يكفي لأيام، واقترحت في بداية الزواج أن أعمل وأساعد قدر الإمكان، ولو لاحتياجاتي الشخصية، وبعد عناء وافق. الآن أنا أعمل منذ 4 سنوات تقريباً، وعملي جيد -والحمد لله- لكنه ليس دائماً، أعمل بالشهر مرتين أو ثلاثاً، لكن الدخل لا بأس به -والحمد لله-.

أمي منفصلة، وتعيش مع أخي المتزوج، ووضعه الآن سيء، ولا يعمل، وأنا كل فترة أعطي أمي مبلغاً صغيراً لنفسها، يعني لو اشتهت شيئاً تجده. علماً بأننا 3 إخوة فقط، أخي المتزوج، وأنا ولنا أخ بعمر 16سنة، وزوجي لا يريدني أن أعطي أمي مالاً مني، ويقول إنه أحق هو وأهله.

علماً بأن أهله داخل الوطن، ووضعه مُتعَب، وبدأ الاتكال علي في غالب المصروف، وفرضه علي، وأنا أسكت، وحين أعترض يقول لي: لا تعملي، ولا تطلعي من البيت.أنا متعلقة جداً بعملي؛ لأنه شغفي، ولأنه لا يستطيع الإنفاق علي، ولا على ابنته، وأنا أدفع لها مصاريف الحضانة واللبس...إلخ.

يقول لي: إنه مجبر على الإطعام والسكن فقط، وهذا يكفي، وهذه قدرتي، ولا يطعمنا سوى بطاطا ومعكرونة، ويحب أن يعيش هكذا، وقال إذا علمت بأنك تعطين أحداً من أهلك مالاً سأطلقك. علماً بأن أمي مريضة، وعندها أدوية، لو قطعتها سيتضاعف مرضها، وأخي حالياً ليس معه ما يعطيها، فتحاورنا حواراً طويلاً، وقال: لا تعملي، ولا تطلعي من البيت.

أنا ضائعة جداً، ولا أحب أن أخرب بيتي، وبنفس الوقت لا أحب أن أترك عملي، وقد تعبت للوصول لهذا العمل، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rama حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -بنتنا وأختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك أولاً الرغبة في المحافظة على أسرتك، ونحيي برّك لوالدتك، ونسأل الله أن يهدي زوجك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

لا شك أن المداراة مطلوبة، وأن التوفيق بين هذه الأمور من الأشياء المهمة جدًّا، وأحرص الناس على أن تكوني سعيدة في بيتك ومستقرّة فيه هي الوالدة، ونحن نتكلّم بمشاعر الآباء والأمهات الذين يُعجبهم أن يكون الأبناء والبنات سُعداء في حياتهم، حتى لو كان ذلك على راحة الوالد أو الوالدة.

نسأل الله أن يجزيك خيرًا على مشاعرك النبيلة تجاه الوالدة، وعليه: ندعو أن تمارسي المداراة مع هذا الرجل، حافظي على عملك، حافظي على أسرتك، لا تُقصّري بقدر المستطاع مع الوالدة، وحاولي إدارة الحوار معه، وقدّمي ما تستطيعينه، وعليه أن يُدرك أن الإنفاق واجب عليه، وأنه ليس له أن يمنعك من أن تُعطي الوالدة، لكننا لا نريد أن نتعامل بهذه الطريقة، فالواجب الشرعي هو أن يتحمّل هو الإنفاق بقدر ما يستطيع، أمَّا أموالك التي تأتيك، والتي تحصلين عليها وتُساعدين منها الزوج، وتساعدين بها نفسك وتُساعدين بها طفلتك؛ هذا كلّه من الأمور التي تُشكرين عليها، وهو لون من حُسن المعاشرة، ومع ذلك نحن لا نُؤيّد الدخول في صدام أو الدخول في عناد.

وجودك واستمرارك في العمل مفيد لكل الأطراف، كما أن استقرارك الأسري من الأمور المهمة، ومساعدة الزوج ومساعدة الأهل كل هذه من الأمور التي تُؤجرين عليها، إلَّا أن الأصل أن تحافظي على بيتك وعلى أسرتك، ثم تجتهدي في مساعدة الوالدة، وليس من الضروري أن يعرف كل صغيرة وكبيرة في مساعدتك للوالدة، ولكن نسأل الله أن يهديه، ونسعد جدًّا لو نجحت في أن تجعليه يتواصل معنا، حتى نُبيِّن له الناحية الشرعية، ونبيّن له أن الذي يفعله ليس بصحيح، ويسمع التوجيه من مصدر خارجي ومصدر شرعي، ونسأل الله أن يُؤلِّف القلوب وأن يغفر الزلّات والذنوب.

أكرر شكرنا لك على الرغبة في المحافظة على أسرتك، والرغبة في مساعدة الزوج الفقير الذي لا يستطيع أن يقوم بواجباته، ونحيي قبل ذلك وبعده حرصك على بِرِّ الوالدة ومساعدتها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على الخير، وأن يُوفّر لإخوانك مصدر دخل وخير، حتى لا تحتاج إليك الوالدة، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.
_____________
انتهت إجابة الدكتور: أحمد الفرجابي المستشار التربوي
وتليها إجابة الشيخ أحمد الفودعي المستشار التربوي.
_____________

مرحبًا بك ابنتنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.

قد أفادك الأخ الفاضل الدكتور/ أحمد بما فيه نفعٌ كبير وتوجيهات مفيدة، وبقي فقط أن نشير إلى الجانب الفقهي في مسألتك، وبيان الأحكام الشرعية على وجهٍ دقيق من الناحية الفقهية، وذلك بأن نقول لك: إن الأصل هو أن المرأة تبقى في بيتها ولا تخرج من بيت زوجها إلَّا بإذنه، في مقابل أن يتولى هو الإنفاق عليها، وهذه النفقة تكون بحسب العُرف والعادة التي تليق بمثله من الأزواج لمثلها من الزوجات.

إذا قام الزوج بهذا القدر من الإنفاق؛ فله الحق في أن يمنع زوجته من الخروج من البيت.

يُجيز بعض العلماء المصالحة بين الرجل وزوجته، على أن تبذل له شيئًا من المال الذي ستحصّله إذا هي خرجت للكسب والعمل، في مقابل أن يأذن لها بالخروج، ولكن لا يعني هذا أبدًا أن كل ما تكسبه المرأة فإنه للزوج، بل المرأة لها شخصيتها المالية المستقلّة عند أكثر علماء المسلمين، فهي تملك مالها، ولها أن تتصرّف فيه.

لهذا فنصيحتُنا لك أن تعملي بما أوصاك به الأخ الفاضل الدكتور/ أحمد الفرجابي من كتمان بعض الأمور عن زوجك، فليس بالضرورة أن يعلم بكل ما تفعلينه من تصرفات مالية، وبهذا تستطيعين الجمع بين الخيرين، فتقومين ببرّ أمك وإعانتها، وفي الوقت نفسه تحافظين على زوجك وتتجنّبين الأسباب التي تؤدي إلى سخطه وغضبه عليك، وربما أدَّت إلى أضرار بالغة على الأسرة.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات