الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أهلي يسخرون من خطيبي بسبب مستواه التعليمي والمادي!

السؤال

أنا بنت بعمر ٢٤ سنة، عرفت شخصاً جيداً في النادي، وتحدثنا مع بعض لأكثر من ٦ سنين، لأني كنت طالبة، وأحببنا بعضنا بكل مزايانا وعيوبنا، ونختلف أحياناً ونرجع لبعض، وبدون علم أهلي.

حين أكملنا الجامعة ووصلنا للسنة السابعة، خطبني وطلب أن تبقى الخطوبة سنتين، وأمي استكثرتها جداً، ولكنها وافقت؛ لأني أحبه، وهو يبادلني نفس الشعور تماماً.

أهلي أشعروني أن اختياري خطأ، وأنه لا يصلح؛ لأنه فقير جداً، لكنه محترم، ولم تحصل منه إهانة لي، بخلاف كثير من الشباب في هذا الزمن.

كما أنه كان يساعدني في كل شيء، وأهله يريدون أن تتزوج أخته الصغيرة قبل زواجه، فحددوا لها سنة، وحددوا له سنتين، مع أني مخطوبة قبلها، وهذا شيء أغضبني من خطيبي، فأنا أحب أن أكون معه، وهو يحب ذلك، ولكن الحالة المادية صعبة.

هو يعمل عملين لأجل أن يتزوج، ولما أقول له كلم والدك ليساعدك، يقول لي: لا، أنا أريد أن أعتمد على نفسي. مع أن أهله طيبون جداً، وكنت أقعد معهم كثيراً، لكن والده يحب بناته أكثر، مع أنه الابن الوحيد لهم.

أريد أن أعرف كيف أتعامل مع أهلي في موضوع أنه ليس بمستواي، لأن دراسته في معهد فني صناعي، وأنا ماجستير، وأيضاً لأنه فقير جداً، وهذا ليس له فيه يد، ودائماً يسخرون منه، وأنا عشت معه فترة طويلة جداً، ولا أستطيع أن أستغني عنه، حتى ولو حدثت مشكلة بيننا، دائماً يقولون لي إنه اختيارك أنت!

إنهم لا يبدون فرحهم لي، بل كل دقيقة يعيروني على اختياري، ولما جاء مرة واحدة لزيارتي في البيت كانوا متضايقين منه، وغير مهتمين بوجوده، ومع ذلك هو يحبني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Amany حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت به؛ فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:

1- إذا اختلت المعايير الحاكمة حق لكل شخص أن يقول ما يشاء أو يفعل ما يشاء، ولا يستطيع أحد أن ينكر على أحد؛ إذ المعيار المحتكم إليه مفتقد، وهذا ما حدث معكم -أختنا الكريمة- وسنفسر هذا الكلام في النقاط التالية:

- دافعك لاختيار الشاب: طيب وفقير ولم يهنك قط، وهذا كلام جيد، لكنه ليس المعيار في القبول.
- دافع أهلك في الرفض: المكانة الاجتماعية، الفقر، الشكل العام له، وهي كذلك أمور جيدة، لكن ليست هي المعيار المطلوب.

المعيار عندنا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير، قالوا يا رسول الله وإن كان فيه؟ قال: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه..ثلاث مرات)، وهذا يعني أن المعيار المحتكم إليه هو دين الرجل وخلقه، وهذا ما لم تتحدثوا عنه.

2- لقاء الشاب طيلة هذه السنوات والحديث معه خارج البيت حتى ولو لم يحدث ما تقولين عنه من تجاوز -ونحن بالطبع لا نفهم معيار التجاوز عندك أختنا- هذا في حد ذاته أمر لا يجوز، ولا ينبغي أن يقوم البيت المسلم على مثل هذه اللقاءات أو المحادثات.

3- الرجل الآن أصبح خاطباً، والحديث عما مضى القصد منه معرفة عدم الجواز والتوبة منه، وأما اليوم فالوضع يقتضي مراعاة ما يلي:

- تدين الشاب من عدمه، والحد الأدنى من التدين أن يقيم الصلاة.
- أخلاق الشاب، والحد الأدنى من الأخلاق ألا يجاهر بالمعصية ولا يقع في المحرمات.
- القبول يعتمد على رؤيتك الشخصية بعد الدين والخلق للشاب، إن كنت ترين فيه شاباً مناسباً لك من حيث الشكل والجوهر؛ فهذه حياتك، وعليك الدفاع عنها، ولا تتردي في الموافقة والإتمام.
- مسألة أهلك لا تعد فاصلة في الاختيار؛ لأنهم قرروا الموافقة حين أخبروك بأن هذه حياتك، بقي أنت فالقرار لك أنت: هل اقتناعك به حقيقي أم متوهم؟ هل هو مبني على اقتناع به كزوج، أم هي شفقة اقتضتها العاطفة؟! الجواب على النقطة الأخيرة مهم جداً، ولن يستطيع أحد الإجابة نيابة عنك.

4- إننا نحب كذلك أن نذكر أن الشاب متميز في بعض الأمور منها:
1- تقديمه أخته على نفسه، أو مواففة أبيه على ذلك، فهذه إحدى صفات الرجولة فيه.
2- عدم قبوله من حيث المبدأ أن يساعده أحد؛ وهذا يؤكد المعنى السابق.
3- له نفسية طيبة؛ فقد أتاك وهو يعلم أن الترحيب به أقل مما يجب، ومع ذلك أتى البيت إكراماً لك.
4- طيبة قلب أهله علامة على أن البيت سهل التعامل معهم.

بقي -أختنا- أن توازني بين كل ما ذكرناه، وأن تستخيري الله تعالى قبل الزواج، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يختار لك وله الخير إنه جواد كريم، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً