الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي لا ينفق علي بالقدر الكافي ويأخذ من راتبي ويحرجني!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا متزوجة منذ 3 سنوات من رجل لديه وظيفة عادية، ومستواه المادي عادي، وأنا أعلم بهذا منذ بداية زواجنا، كان لا يعطيني المال عند ذهابي للسوق، أو الخروج للتنزه مع أهلي لمدة سنة، كنت أدفع من مدخراتي، ثم صارحته بحاجتي للمصروف، وبدأ بعدها يعطيني مصروفي، ولكنه دائمًا ينسى تحويل المبلغ ويجب أن أذكره عدة مرات.

بدأت بالبحث عن وظيفة بعد التخرج، ولكنه رفض عملي بقوة، وأصررت على العمل؛ لأن المصروف لا يكفيني إلا مع المكافأة الجامعية، وكنت عندما أطلب منه شيئًا يقول لي: (لا يوجد مال، من أين لي) وهكذا، وأنا في الحقيقة لم أعتد على هذا الشيء، توظفت قبل سنتين وطلبت منه إيقاف المصروف لمعاونته، في أول سنة لم تكن هناك مشاكل، فهو يتكفل بالصرف على المنزل، وإحضار الطعام والشراب، وأنا أحيانًا أدعوه لتناول الطعام في المطعم، ونخرج للترفيه.

هذه السنة أصبح يجبرني على دفع الأساسيات، بحيث يطلب من البقالة، وعند وصول الطلب يأخذ بطاقتي ويدفع بها، ويقول: ليس معي أي مال، وسأحول لك المبلغ بعد ذلك، ولا أرى شيئًا، وهكذا يحرجني، وكأني أملك بنكًا ولدي خزائن مدين، وهو يتصرف كأنه فقير ليس لديه شيء!

علمًا أن راتبه أعلى من راتبي ولكنه يدخر المال للمستقبل، وكأنه لا مستقبل لدي، والمستقبل له فقط، وهو يصرف على والدته وهي أرملة ولديها راتب، ويلبي جميع احتياجاتها الكمالية.

حاليًا أنا حامل، وأحاول الموازنة بين طلب المال منه ودفعي للمصاريف، راتبي يذهب بالكامل لتجهيز المولود الجديد، وأرسل له بعض الفواتير ليدفعها، وأرسلت له آخر فاتورة ليدفعها ولم يدفع، وهكذا، لا أعرف ما هي الطريقة الصحيحة للتعامل معه؟

أشعر بأني ظلمت نفسي، وهو لا يهتم ولا يقدر، ولا أريد أن يظلم طفلي، ويعتاد والده على عدم الإنفاق عليه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Nana حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نشكر لك حرصك على إعانة زوجك وتخفيف أعباء الحياة المادية عليه، ومشاركتك له في تحمُّل هذه الأعباء، وممَّا لا شك فيه أنك مأجورة على هذه النفقات؛ فإن فعل الخير المتعدّي إلى الآخرين لا يضيع عند الله تعالى، وأولى الناس بالإعانة والمعروف زوجك، وقد أخبر الله تعالى بأنه يُخلف على الإنسان إذا أنفق في المباحات على نفسه وعلى أهله وذويه، فقال: {وما أنفقتم من شيءٍ فهو يُخلفه وهو خير الرازقين}.

فانتظري من الله سبحانه وتعالى العوض وتيسير الأمور، وأحسني ظنّك بالله بأنه كما يسّر لك الوضع الحالي، فإنه سيفعل ذلك معك في المستقبل، فلا تحملي همًّا كبيرًا، ولا تسمحي للشيطان ليتسلَّل إلى قلبك، فينغِّص عليك حياتك، ويُورثك بعض الهموم والأحزان بسبب الهموم المستقبلية.

أمَّا عن كيفية التعامل مع زوجك: فإن النفقة الواجبة تجب على الزوج إذا كانت المرأة جالسة في البيت، أمَّا إذا خرجت للعمل فينبغي أن تُشاركه بتحمُّل شيءٍ ما دام قد أسقط هو بعض حقوقه، فينبغي أيضًا أن تكون المرأة متعاونة معه في تحمُّل شيءٍ يتراضيان عليه ويتفقان عليه، ولكن لا يجوز للزوج أن يأخذ ما لا تطيب به نفسُ الزوجة من مالها، فإن الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- يقول: "كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه"، و"لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسٍ منه"، كما جاء في الحديث، وأنت ممَّن يدخل في هذا الحديث، والله سبحانه وتعالى قد اشترط طيب النفس فيما يأخذه الزوج من مال زوجته، كما قال الله -عز وجل-: {فإن طبن لكم عن شيءٍ منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا}.

فهذه المعاني ينبغي أن تُوصليها إلى زوجك بأسلوب رفيق، فإن الرفق ما كان في شيءٍ إلَّا زانه، وما نُزع من شيءٍ إلَّا شانه، أوصليها إليه بطريقة مهذّبة ومؤدّبة، ولو بأن تستعيني بمن يُحبُّهم زوجك ويقبل كلامهم، لتصلي معه إلى تفاهم حول ما يمكن أن تطيب نفسك به وتتحمّليه معه، وما يلزمه هو أن يقوم به، وبهذا تستمر الحياة بينكما على المودة والألفة والتعاون.

نسأل الله تعالى أن ييسر لك الأمر ويُقدّر لك الخير، وأن يصلح زوجك، ويُديم الألفة والمحبة بينكما.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً