الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي مريضة نفسيًا وقد تضررت منها كثيرًا، فهل أطلقها؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب، عمري 26 سنةً، أكملت دراستي الجامعية، وتوظفت في وظيفة جميلة، وراتب جيد، وأردت الزواج لكي أعف نفسي، ولكن أهلي رفضوا؛ بحجة أن أخي الأكبر لم يتزوج بعد، وأحيانًا يقولون بأنهم لم يجدوا العروس المناسبة، وقد مضى على هذا الحال سنتان، فنصحني أحد الإخوة أن أتزوج بالسر، فبحثت ووجدت امرأةً مطلقةً من أسرة فقيرة، فتزوجتها، وعقدت النية أني سأطلقها إذا وافق أهلي على تزويجي، وبعد سنتين من الزواج شعرت بالذنب تجاهها، وقررت أن أخبر أهلي بموضوع زواجي منها، ولكنني اكتشفت بأنها تعاني من مرض نفسي وعصبي، وأنه متى ما حدث خلاف بيني وبينها فإنها تلف الحبل على رقبتها، أو تضرب رأسها أو نفسها بسكين.

كلمت أمها، فقالت: اصبر عليها، وعالجها، وإن حصل حمل فستتحسن حالتها، ولكن بعد الحمل زادت حالتها سوءًا، وزادت عصبيتها، فهل أطلقها بعد أن تلد؟ وهل علي إثم إن قطعت المصروف عنها وعن أهلها بعد الطلاق؟

مع العلم أنها تهددني، بأنني إذا تزوجت فسوف تقتلني وتقتل نفسها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يثبت أجرك، وأن يُعينك على الخير، وأن يُعينك على علاج الزوجة المذكورة، وأن يُلهمك السداد والرشاد، فهو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

قطعًا نحن لا نُؤيد فكرة الاستعجال بطلاق هذه الزوجة، وأرجو أن تبذل الأسباب في علاجها، ونتمنَّى ألَّا تقطع الخير الذي عندك -إذا كان بالإمكان- عن أهلها، أو عن كل محتاج يُقابلك في هذه الحياة؛ فإن الذي يفعل الخير يأتيه من الله الخير.

ونحن حقيقةً تمنّينا لو أن الأسرة تعاونت معك منذ البداية، وكذلك أيضًا لو أنك تواصلت مع الموقع؛ حتى نضع معك النقاط على الحروف، أمَا وقد حصل هذا فأنت مأجور على صبرك عليها، ومأجور على إحسانك لأهلها، ونتمنَّى أيضًا ألَّا تُقدم على أي خطوة الآن حتى يخرج هذا الطفل إلى الدنيا؛ لأن أي توتر سيؤثر على هذا الطفل، وبالتالي فإنه سيكون طفلاً يواجه صعوبات ومشكلات كبيرة في حياته.

يمكنك التواصل مع الموقع، والتفاهم مع العقلاء والفضلاء من أهلها، وأهل العلم والدعاة، الذين يعرفون من حالك وحالها، ولا نؤيد أيضًا الدخول في معركة في هذا الاتجاه، ولكن الطلاق الذي يُحقق الغرض هو الطلاق الذي يكون عن دراسة، وتكون الأمور فيه واضحةً، وبعد أن تبذل الأسباب في علاجها، وتتواصل مع أهلها.

ولا نؤيد فكرة قطع المصاريف عن أهلها وعنها، إذا كنت تستطيع، أمَّا إذا كنت لا تستطيع فلا يُكلِّف الله نفسًا إلَّا وسعها، والإنسان يفعل ما يستطيعه، ولكن لا تترك الخير الذي تعوّد الناس عليه، والذي كنت تقوم به، وبعدها يمكن أن تُفكّر حتى في إبقائها، والزواج من أخرى إذا كان ذلك مُتيسّرًا، حتى تكون لك فرصة في أن تستقيم حياتك، وتستقر.

عمومًا: كل أمرٍ تُريد أن تُقدم عليه من المهم أن تستخير وتستشير العقلاء فيه، ولا تُقدم على خطوة إلَّا وقد درست عواقبها، ومآلات الأمور، ولا أعتقد أنك ستدخل في إثم إذا قمت بالذي عليك؛ فلست مكلَّفًا بالذي يحدث، ولكن من المهم أن تأخذ بالأسباب، وخاصةً إذا تأكد لك أنها مريضة، فليس هذا هو الظرف المناسب الذي تتركها فيه، وأنت ما كتبت إلينا إلَّا لأن المشاعر النبيلة تحرّكت في نفسك، فلا تترك الخير الذي تعوّدت عليه، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير، ثم يُرضيك به.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات