الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اختلاف طبائع الزوجين وأثر ذلك على حياتهما الزوجية

السؤال

تزوجت منذ ستة أشهر من زميل دراسة بعد قصة حب صادفتها جميع أنواع المشاكل سواء بيننا أو بين الأهل، وعلى الرغم من علمنا التام بعدم قدرتنا على التفاهم بقينا لمدة عشر سنوات نحب بعضاً، ولم يستطع أي منا الزواج، وتزوجنا على أمل أن نتفاهم وأقنعنا أنفسنا بأن السبب في عدم تفاهمنا المشاكل بين الأهل وأننا لسنا في بيت واحد، وأننا إذا تزوجنا سينصلح الحال، ولكن منذ أن تزوجنا وحتى الآن ونحن دائماً في شجار لدرجة أنني بدأت أشعر بالندم.
أرجو أن تساعدوني على طريقة للوصول للتفاهم والراحة مع زوجي الذي أحببته عشر سنوات ولا أريد الطلاق منه، فنحن شخصيتان مختلفتان تماماً، فأنا عصبية وهو متحكم جيد بأعصابه، وأنا سريعة الاستفزاز وهو مستفز جداً وبمنتهى الهدوء، وأنا شديدة العناد وكثيرة العتاب وسريعة الغضب وهو عنيد جداً أيضاً، ولكنه لا يعاتب وليس سريع الغضب، أنا صريحة معه لأقصى درجة في كل شيء، وهو كثير الكذب حتى لأتفه الأسباب، ودائماً له علاقات نسائية حتى علاقته بزميلاته في العمل لا تتصف بالاحترام فهم يتكلمون في أمور لا يمكن الكلام فيها إلا بين النساء فقط، وأنا على العكس تماماً علاقاتي بزملاء العمل في حدود زمالة العمل فقط. لا أعرف ماذا أقول أكثر من ذلك، حتى تربيتنا مختلفة وعائلاتنا وأخلاقياتنا ومبادئنا.

وعلى الرغم من ذلك لا أريد الفشل، وعندي أمل وعلى استعداد، ولكن أتمنى مساعدتكم بإرشادي للطريق، وكيف أستطيع أن أشجعه على التعاون معي في إصلاح حياتنا، خاصة وأن فيه من الصفات الكثير التي أحبها فهو يحبني ولم يستطيع الزواج بغيري طيلة عشر سنوات، وكريم في بيته وعلى ضيوفه ويساعد المحتاج، خفيف الظل، والأهم من كل ذلك أنه مصلي ولا يترك فرض ومثقف ومحبوب من الجميع وطموح ويحب العمل ومتحمل لمسئولية بيته.
ساعدوني وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نهى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعاً رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا!

فقد أعجبني إصرارك على عدم الفشل ورفضك لفكرة الطلاق، وهذه العزيمة هي أهم خطوات النجاح بعد توفيق الكريم الفتاح، وأسعدني أن يكون عندك أمل واستعداد، وهذا مما يعين على التصويب والإصلاح.

وأرجو أن تكون البداية في التغيير بما ذكرته في ختام السؤال، فعليك بتذكر الإيجابيات، فإن من لم يشكر الناس لم يشكر الله، فاعرفي له فضله، وافرحي بنجاحاته وضخمي إنجازاته، ووفري له جرعات العطف والاهتمام والثناء والإعجاب، حتى لا يبحث عنها خارج البيت، واعرفي الأمر الذي يشده إلى زميلات العمل، وادخلي في حياته واهتمي باهتماماته، واجتهدي في إظهار مفاتنك والدلال عليه بأنوثتك، وتجنبي الندّية والمنافسة معه، ولا تتكلمي عن آخرين في وجوده، واطلبي منه مثل ذلك، وإن تحقق لك نجاح في عملك فلا تفتخري عليه، وانسبي الفضل بعد الله له، ولا تحاولي استفزازه حتى لا يرد لك الصاع صاعين.

ونحن ننصح الجميع بالاستغفار من الذنوب، والتوبة إلى علام الغيوب، فإن للمعاصي شؤمها وآثارها، وقد قال ربنا سبحانه: (( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ))[الشورى:30] (وما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة) وقد أحسن من قال: (والله أني لأعصي الله فأرى ذلك في خلق دابتي وفي خلق امرأتي وفأرة بيتي).

وغالباً ما تكثر المشاكل في الحياة الزوجية التي بنيت على عواطف ماجنة وعلاقات لا تنضبط بضوابط الشرع، كما أن طول فترة الخطبة له آثار سيئة على الأهل وعلى الزوجين، وليس هناك فوائد لتلك العلاقات التي تبنى عادة على الكذب والمجاملات وذكر الجوانب الإيجابية فقط، ثم تحدث الصدمة بعد الزواج، وتكتشف كثير من الفتيات أن تلك الظرافة لم تكن إلا طعماً لاصطياد الفريسة.

ولا داعي للانزعاج، فإن الأمر هين بحول الله وقوته أولاً، ثم بإصرارك على النجاح ورغبتك في الاستمرار، وأرجو أن تهتمي بما يلي:

1- كثرة اللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاه.

2- الحرص على طاعة الله واتباع أوامره، فإنه سبحانه يدافع عن الذين آمنوا وهو سبحانه يحفظ من يحفظه.

3- تفادي أسباب الغضب والتعامل مع الأمر برحابة صدر.

4- تغيير أسلوب التعامل مع الزوج، وذلك بالتركيز على اللطف وحسن العشرة، ليكون الجزاء من جنس العمل.

5- مصارحة الرجل حتى تتعرفي على ما يريد.

6- إظهار الإعجاب وعدم مقارنته مع الآخرين، وعدم الحديث عن زملاء العمل.

7- التخفيف من اللوم، وعدم التجسس عليه.

8- تذكيره بالله مع التزامك بطاعة الله، وقولي له لا يليق برجل مثلك أن يتعامل مع النساء بهذه الطريقة التي لا يرضاها ربنا سبحانه.

9- لابد من تقديم بعض التنازلات حتى يكون اللقاء في الوسط.

10- التأقلم والتكيف مع الوضع.

11- الصبر عليه لأجل حبه لك، ولما عنده من صفات جميلة نشكرك على الاعتراف بها.

وتذكري أن الإنسان لا يخلو من النقص والعيب، ولكن طوبى لمن انغمرت سيئاته في بحر حسناته، وأظن زوجك من هذا النوع، فترفقي به واعلمي أن للمرأة وسائل وأسلحة مؤثرة إذا أحسنت استخدامها، ولعل من أهمها دلالها وأنوثتها ورقتها وجمالها، فاستخدمي هذه الوسائل وسوف تظهر لك النتائج، واجتهدي في فهم نفسيته.

واعلمي أنه من اتقى الله وقاه، ومن توكل عليه كفاه، ومن سأله أعطاه، وأكثري من الاستغفار والصلاة والسلام على نبينا المختار، وعمري دارك بالقرآن والأذكار، ليخرج الشيطان وينتهي الشجار.

والله ولي التوفيق والسداد.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً