الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أريد إسرافا وتبرجاً واختلاطاً في عرسي وأمي تعارض ذلك!!

السؤال

أُعدُّ نفسي ثقافيًا وفقهيًا للزواج للسنين القادمة، خاصة أنه بقي من زواجي نحو 3 سنين -بعون الله-، قد تبدو بعيدة، إلّا أني أحاول تهيئة وتثقيف نفسي بكل جوانب ما يتصل بالزواج.

حصل اختلاف بيني وبين والدتي حول نقطة معينة أريد فتواكم فيها -أثابكم الله- ففي عاداتنا تُقام صالة أفراح تكون باهظة الثمن، مع لبس فستان وتبرج، ووجود أغان ورقص، ويختلط الرقص آخر الحفلة عند دخول أهل الزوجة وأهل الزوج ليسلموا عليهم.

لا أستطيع تحمل وزر جميع المدعوّين، نعم عند دعوتي لحفلة أشارك فيها أستغفر الله كل مرة عن وزر نفسي، لكن وزر الآخرين لا أقوى عليه.

قررت بدل المبلغ الباهظ المدفوع على الصالة واللبس والتبرج، أن أقوم بتجهيز طرود خير، وأوزعها مع زوجي في يوم إشهار حفلنا للمحتاجين، ثم مساءً يحضر أهله لأخذي من بيت أهلي.

أمي عارضت الفكرة باستماتة، ودعت علي، وقالت بأنها ستغضب مني إن فعلت هذا، وأنها إن لم أختر أنا صالة هي ستختارها.

علمًا بأني أكره الصالات، ولو عملت صالة ولبست وتبرجت لن أكون سعيدة أبدًا، فليس هذا محل سعادتي، وهذا ما لا تفهمه أمي، فهي تعتقد أني بهذا الشكل أريد أن أوفر على زوجي المستقبلي، خاصة أني أخبرتهم أني أريد تقليل مهري، اقتداء بزوجات الرسول عليه السلام وبناته.

أهلي لا يساعدوني في أمري، والدي معي بشدة لكن عندما يرى غضب أمي علي يقف معها ليخفف عليها.

1- كيف يمكن إقناعهم بما أسعد به؟
2- كيف يمكن إرضاء أمي، ولكن ضمن نطاق سعادتي ودون معصية الله؟
3- لو لم تقتنع أمي بالأمر، هل أسعى لسعادتي أم سعادتها في ذلك اليوم؟
4- ما مفهوم الإشهار في الدين الحنيف؟ وكيف كان رسولنا الكريم يشهر زواجه من نسائه أو يشهر زواج بناته؟
5- ما نصيحتكم؟

أفيدوني، أثابكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، وأن ييسر لك إتمام الزواج، وأن يجعله باب سعادة وصلاح.

ثانياً: نشكر لك -ابنتنا العزيزة- حرصك على التفقه في الدين ومعرفة الأحكام الشرعية لكل ما أنت مقدمة عليه، وهذا من توفيق الله تعالى لك، فإن التفقه في الدين فرض فرضه الله تعالى علينا، كما قال عليه الصلاة والسلام: (طلب العلم فريضة على كل مسلم).

بناء الحياة الزوجية على أساس متين من معرفة حدود الله تعالى وأحكامه، ومعرفة الآداب التي ينبغي لكى الزوجين التخلق بها، وتفقه المرأة في حقوق زوجها عليها، هذا البناء المتين سبب أكيد في إنشاء حياة زوجية سعيدة مستقرة وتنشئة ذرية صالحة بعون الله تعالى، فنسأل الله تعالى مزيداً من التوفيق والهداية والصلاح.

ثالثاً: ما توجهت إليه -أيتها البنت العزيزة- من تقليل نفقات العرس، والاقتصاد فيها، والتزام الحدود الشرعية، هو الصواب الذي ينبغي أن يكون كل أفراد أسرتك معينين لك عليه.

نصيحتنا لك أن تستعيني بكل وسائل التأثير على أمك، وبروية وتأن وهدوء، وأن تستجيبي لبعض طلباتها التي ليس فيها إثم ولا كبير مغرم، فحاولي أن تستعيني بمن لهم كلمة مؤثرة على أمك، وأن تبيني لها أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أرحم الناس بنا وأحرص الناس على الخير لنا، قد بين في أحاديثه الشريفة أن من بركة المرأة ويمنها على زوجها وعلى أسرتها القديمة والجديدة قلة مؤنة زواجها، من قلة المهر وغير ذلك، فهذه بشارة نبوية بحصول البركة واليمن والسعادة، كلما قلت هذه النفقات.

ذلك لما نعرفه ونعلمه من حال الزوج بعد الزواج، حينما يكون قد تكلف ما يرهقه، وربما أنفق كل ما في يده، فيستقبل حياته الزوجية بأنواع من الأكدار والهموم والغموم، فلو خففت عنه تلك لكانت مشاعره تجاه زوجته وأسرته الجديدة مغايرة لتلك المشاعر، فهذه الحقيقة ينبغي أن تصل إلى أمك بأسلوب هادئ لين مقنع.

حاولي أن تستعيني بمن يمكن الاستعانة بهم لإقناعها في ذلك، وأولهم أبوك ما دام مقتنعاً بوجهة نظرك، ومسانداً لك عليها، ويبقى فقط أن تتحينوا الأوقات المناسبة لطرح الموضوع على أمك بطريقة مقبولة، كالكلام أولاً عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في كيفية تزوجه هو، وكيف كان يزوج بناته عليه الصلاة والسلام، وهو بلا شك يحرص على السعادة، ففاطمة التي هي سيدة نساء العالمين، ومن أحب الناس إلى قلب النبي صلى الله عليه وسلم، زوجها عليه الصلاة والسلام بمهر يسير، وهو درع كان يملكه علي رضي الله تعالى عنه، الدرع الحطمية، هذا الدرع لا تزيد قيمته عن 500 درهم من الفضة، وهو مبلغ يسير جداً إذا ما أردنا حسابه بأسعار الفضة اليوم.

هو عليه الصلاة والسلام كان يتزوج كذلك، فقد أخبرت عائشة رضي الله عنها -كما في صحيح مسلم- عن مهره صلى الله عليه وسلم لنسائه، وأنه كان يعطي الواحدة اثني عشرة أوقية ونشاً، أي اثني عشرة أوقية ونصفاً، أي 500 درهم تقريباً من الفضة، فهذا هديه صلى الله عليه وسلم في المهر.

أما الوليمة والعرس، فإن الوليمة سنة للرجال، وليس للنساء، أما المرأة فالأصل أنها تتهيأ وتتزين لزوجها، ثم تزف من بيتها إلى بيت زوجها، ولا تطالب هي بعمل إشهار ووليمة ونحو ذلك، هذا في الأصل الشرعي، ولكن جرى عمل الناس على خلاف ذلك.

لا بأس ولا حرج في أن يتشارك المجتمع في بعض ما يفعله من الأشياء الحسنة، ولكن علينا أن نتجنب الأشياء القبيحة والعادات المحرمة والسيئة، ومن ذلك اختلاط الرجال بالنساء الأجانب، ومن ذلك تبرج النساء أمام الرجال الأجانب، وأشد من ذلك الرقص المختلط بين النساء والرجال، فكل هذه محرمات لا يرضاها الله سبحانه وتعالى.

حاولي أن تقنعي أمك بالطرق التي ذكرناها، وإذا لم تقتنع فإنه لا يجوز لك أن تعصي الله تعالى لإرضائها، فلا طاعة لمخلوق في معصية الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات