السلام عليكم.

أنا شاب عمري 18 سنة، كنت أرتكب المعاصي، ولكن تبت منها جميعًا، وأصبحت صالحاً وملتزماً، وكنت مريضاً بالوسواس القهري منذ كان عمري 14 سنة، عندما أصلي وأقوم بالعبادات وأقرأ القرآن تأتيني وساوس، أخاف حتى أن أقولها أو أكتبها، وأقاوم هذه الوساوس، وأحاول القضاء عليها.

لم أترك العبادة، استمررت أصلي وأقرأ القرآن، ولكن عندما تأتي هذه الوساوس تقهرني، وعندما أقرأ القرآن أبكي، وعندما أصلي، وأسمع صوت الإمام وهو يقرأ أبكي، فتذهب الوساوس لمدة يومين أو ثلاثة أيام، ثم تعود، وكلما عاد الوسواس عاد بقوة، أصبحت موسوساً بأني منافق، وأدعو الله دائماً أن يبعد عني هذه الوساوس، ويغفر لي ويتجاوز عني، فهل يحاسبني الله، وأنا أخاف حتى أن أنطق بالوساوس التي في صدري؟ حتى وإن دعوت الله، أخاف أن أقول هذه الوساوس، ودائماً أتعوذ بالله من الوساوس، وأدعوه أن يبتليني ببلاء، أو مصيبة على أن يبعد عني هذه الوساوس.

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك معنا، ونسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يعجّل لك بالعافية من هذه الوساوس، ويصرف عنك شرَّها.

ونحب أولاً - أيها الولد الحبيب - أن نبشّرك بأن هذه الوساوس لا تضرُّك في دينك، فدينك -ولله الحمد- في مأمن وسلامة، بل نستطيع أن نقول: إن حُزنك الشديد بسبب هذه الوساوس وخوفك منها ونفورك عنها؛ كلُّ ذلك يدلُّ على وجود الإيمان في قلبك، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لمَّا سأله بعض الناس عن الوسوسة وأنه قد أُصيب بها؛ قال عليه الصلاة والسلام: (الحمد لله الذي ردَّ كيده إلى الوسوسة)، يعني أن الشيطان عندما لم يُفلح في إغواء هذا الإنسان، لجأ إلى الوساوس. وفي حديث آخر يقول -صلى الله عليه وسلم-: (ذاك صريح الإيمان) يعني: نفور الإنسان من الوساوس وخوفه منها وحُزنه بسببها، دليل صريح على وجود الإيمان في القلب.

فإذًا طب نفسًا واهدأ بالاً؛ فإن هذه الوساوس لن تضرّك، ولكنك مطالبٌ شرعًا - أيها الحبيب - بأن تأخذ بالأسباب للتخلص منها، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قد أرشدك إلى ما يحصل به الخلاص منها، وأهمُّ ذلك: الإعراض عنها، وعدم الاشتغال بها، تجاهلها وحقّرْها، فلا تُبالِ بها أبدًا.

وممَّا يُعينك على تجاهلها وتحقيرها، أن تعلم بأن هذا الإعراض عنها هو الذي يُحبه الله تعالى منك، ويريدك أن تفعله، وأن استرسالك معها وانجرارك وراءها شيء يكرهه الله، وقد حذَّرك منه.

وممَّا يُعينك أيضًا على تجاهلها أن تشغل نفسك بشيء آخر كلَّما داهمتك هذه الوساوس، اصرف ذهنك للاشتغال بشيءٍ آخر ينفعك في دينك أو في دنياك.

وثالثًا: ينبغي أن تُكثر من الاستعاذة بالله سبحانه وتعالى كلَّما داهمتك هذه الوساوس والأفكار، فقل: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، وانصرف إلى ذكر الله، وخاصّة كلمة التوحيد: (لا إله إلَّا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير).

فإذا صبرت على سلوك هذا الطريق، فإنك ستتخلص منها -بإذن الله تعالى-.

احذر أن تترك عباداتك من أجل هذه الوساوس، فهذا هو الذي يريد الشيطان أن يُوقعك فيه، استمر على ما أنت عليه من الخير وعمل الصالحات، وخذ بالنصائح النبوية التي ذكرناها، وستجد نفسك -بإذن الله تعالى- قد شُفيت وتعافيت منها، واحذر أن تدعو على نفسك بالمصائب، بل اسأل الله العافية وردد الدعاء المعروف: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة وقنا عذاب النار).

نسأل الله تعالى أن يصرف عنك كل مكروه.