الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أعالج مشكلة أحلام اليقظة المفرطة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كنت مترددة أن أتكلم عن مشكلتي، إلا أن الموضوع خرج عن سيطرتي!

اسمي أسماء، عمري ١٩ سنة، عندي مشكلة بدون مبالغة مدمرة لحياتي (أحلام اليقظة المفرطة)، المشكلة بدأت معي منذ عمر ٦ سنوات وإلى الآن، والوضع يسوء، ولا أستطيع أن أركز في مذاكرتي، ولا أن أقوم بمهامي بشكل طبيعي، لم أكن أعرف ما أنا فيه من حالة، وما كنت أعرفه فقط هو أنها شيء جيد إلى أن صدمت بمذاكرتي! ولم أعد أعرف أن أركز، ولا أن أذاكر بشكل طبيعي، تمر علي ساعات دون أن أشعر، وأنا مستغرقة في أحلامي، إلى أن بدأت أفهم أن هذا أمر غير جيد، ويضرني في كل خططي اليومية ودراستي، فقررت أن أوقف هذه الأحلام، دون أن أعرف ما هي هذه الحالة بالضبط!

الآن فهمت أن هذه أحلام يقظة، لكنها زادت عن حدها، وهذا لم ينفعني بشيء؛ لأني عندما أحاول إيقاف التفكير وأنجح فيه عدة دقائق، أفشل في ساعات أخرى، وأعود للسرحان، حتى أني لم أعد أركز في الصلاة!

الأمر في ازدياد، وكل يوم أظل على الكتاب الواحد لساعات دون وجود أي تركيز، تعبت؛ لأني لم أعد أحب نفسي وأنا على هذا الحال، أرجو منكم المساعدة والنصيحة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

أحلام اليقظة هي ظاهرة معروفة جدًّا، تحدث في سنوات الشباب واليفاعة والمراهقة وما بعدها، والناس يتفاوتون في درجة انغماسهم واستقبالهم لما يُسمَّى بأحلام اليقظة، بعض الناس يتعاملون معها بحزم منذ البداية، ولذا تكون قليلة جدًّا، أو تنعدم، والبعض يسرف فيها ويُعطيها أهمية، وبكل أسف يكون ذلك على حساب المهام الحياتية الأخرى، والتي تكون أهمَّ، مثل العبادة والمذاكرة والعمل المكلف به.

فيا أيتها الفاضلة الكريمة: هذه الأحلام بيد الإنسان إلى حدٍّ كبير، ضعي أشياء معيّنة تكون أسبقيات في حياتك، مثلاً: كأن تصلي الصلاة في وقتها، وتحضّري نفسك وجدانيًّا وعاطفيًّا، وتُسبغي الوضوء، وتدخلي في الصلاة، هنا سيكون موضوع الصلاة هو الموضوع الأهم، لذا سوف يأخذ الدرجة الأولى في مستوى التفكير لديك.

التفكير على مستوى العقل يكون دائمًا في درجات، الدرجة الأولى هي الدرجة التي نتعايش معها وتظهر في مستوى الوعي، وهذا يعتمد على درجة اهتمامنا، يعني: ما أهتمّ به أكثر سيكون هو الدرجة الأولى في التفكير، وهو الذي يشغلني، وتكون أحلام اليقظة بعد ذلك في الدرجة الثانية أو الثالثة. فإذًا استشعري أهمية الأشياء.

بالنسبة للمذاكرة: أيضًا مثل موضوع الصلاة، حاوري نفسك، وتحدّثي معها، واعلمي أن هذه المذاكرة هي أمر ضروري ومهم، ويجب أن تأخذ منك حيّز التفكير الأهم، لا تسترسلي في هذه الأحلام التي لا تُجدي ولا تُفيد ولا خير فيها، إذًا أعطي المذاكرة أهمية، وهكذا، كل عملٍ تريدين أن تُنجزيه يجب أن تعطيه الأهمية الفكرية، يشغل الدرجة الأولى أو الطبقة الأولى في درج التفكير.

والأمر الآخر هو: أن تُكثّفي تمارين الاسترخاء، تمارين التنفُّس المتدرّجة، تمارين شدّ العضلات وقبضها ثم استرخاؤها، مفيدة جدًّا. يمكن أن تستعيني بأحد البرامج التي تتحدث عن تمارين الاسترخاء وكيفية ممارستها، وذلك عن طريق اليوتيوب.

أيضًا المذاكرة بعد النوم، يكون الإنسان في حالة تركيز جيد جدًّا. فإذًا المذاكرة بعد صلاة الفجر ستكون حلاً أساسياً بالنسبة لك. نامي مبكّرًا، استيقظي للصلاة وأنت نشطة، وبعد الصلاة وشرب الشاي مثلاً والاستحمام السريع، تبدئين المذاكرة، على الأقل سيكون لديك ساعة إلى ساعتين من المذاكرة المركّزة قبل أن تذهبي إلى مرفقك الدراسي، فإذًا هذا حلّ وحلٌّ ممتازٌ جدًّا.

هذه هي الحلول الرئيسية التي أرى أنك يمكن أن تستعيني بها، وهنالك أيضًا أدوية بسيطة، مثلاً: عقار (توفرانيل Tofranil) والذي يُسمَّى (ايميبرامين Imipramine) دواء سليم جدًّا، شاوري أهلك حول استعماله، جرعته بسيطة، خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا، عند المغرب تناوليها لمدة أسبوعين إلى ثلاثة، ثم توقفي عن تناوله. قطعًا سوف يمتصّ القلق والتوتر المرتبط بأحلام اليقظة، ممَّا يُقلّلها تمامًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً