الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زميلي في الجامعة أرسل أنه يحبني ويريد التعرف .. فكيف أتصرف؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أدرس في الجامعة، حدث لي موقف أكثر من مرة، وأريد أن أعرف ما هو التصرف الصحيح فيه، أو هل كان تصرفي صحيحًا أم لا؟

شاب من دفعتي أرسل لي أنه يحبني، ويريد أن نتعرف حتى يكون قادراً على أن يتحول الأمر رسمياً، وأنه يريدني أن أخبر أهلي عنه؛ لأنه جاد في موقفه، فـأخبرته أنني لا أتكلم مع أي شاب، وأوضحت له موقفي، وأنني لن أستطيع الرد عليه إذا أرسل مرةً أخرى.

فهل كان تصرفي صحيحاً، أم أنه كان يجب علي أن لا أرد على رسالته منذ البداية، وكأنني لم أر شيئًا؟ وكيف أتصرف في مثل هذه المواقف؟

شكراً جزيلاً لكم، وجعله الله في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يحفظك ويزيدك حرصًا وخيرًا، ونحب أن نؤكد أن مثل هذه المواقف تجعل الشاب الجاد يتعلق بالفتاة أكثر وأكثر، والشرع يريد للرجل الذي يجد في نفسه ميلاً لفتاة أن يسأل عن بيتها وأهلها ومحارمها، ثم يأتي بأهله ليطرقوا بابها، حتى يأتي البيوت من أبوابها، ونحن لا نؤيد طبعًا أي محاولة للتعارف وتقديم التنازلات والتفاهم قبل إعلان العلاقة الرسمية؛ لأن أولى الخطوات هو أن يأتي البيوت من أبوابها.

إذًا من حقه أن يسأل عنكم، ومن حقكم أن تسألوا عنه، ثم بعد ذلك إذا حصلت الخِطبة، وحصل التوافق والوفاق، والميل المشترك؛ عندها تأتي مسألة الخِطبة.

والخطبة: ما هي إلَّا وعدٌ بالزواج، لا تُبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته، ولا الخروج بها، ولا التوسُّع معها في الكلام، وهو لا يزال أجنبياً عنها، وهي لا تزال أجنبية عنه، لكنّها مرحلة للتعارف بين الشاب والفتاة بحضور محارمها، وأيضًا فرصة للسؤال عنكم، والسؤال عنهم، وفرصة للتقارب بين الأسرتين؛ لأن الزواج لن يكون مجرد علاقة بين شاب وفتاة، لكنّه علاقة بين بيتين وبين أسرتين وبين قبيلتين، وسيكون هاهنا أعمامٌ وعمَّات، وفي الطرف الثاني سيكون أخوالٌ وخالات.

وعليه فالموقف الذي حصل منك جيد، وهكذا ينبغي أن تكون الفتاة، لكن إذا كان هناك مجال في أن تُخبريه بأن يأتي البيوت من أبوابها، فعليه إذا كانت له رغبة أن يطرق باب أهلك؛ لأن لك محارم، والشريعة جعلت للفتاة محارم، وهذا نوع من الصيانة لها، ولأن الرجال أعرف بالرجال، وكثير من الشباب عندما يُقال له (عليك أن تأتي دارنا من الباب) بعضهم يهرب، ولذلك هذا مقياس لجدِّيَّة أي شاب، فالشاب الجادّ حتى لو قال (أريد أن أتعرف) يقول: أين أهلك؟ مَن هم محارمك؟ هل يمكن هاتف والدك؟ أو نحو ذلك من الكلام، حتى يأتي البيوت من أبوابها.

ولذلك نحن نريد أن نقول لأي فتاة تشعر أن أي شاب يميل إليها تقول (خالي فلان، وعمّي فلان، ووالدي فلان، وأخي فلان، وهذه أرقامهم)، إذا أراد أن يتكلّم ويتقدّم.

وننصح الشاب أيضًا أن يُدخل أهله، بحيث تأتي والدته إلى والدتك، ويتصل والده على والدك، أو يأتي الخال إليهم، يعني: أي إنسان من طرفه يأتي ليتكلّم في هذا الموضوع، ثم بعد ذلك تُتاح فرصة للطرفين للسؤال وللاستفسار، لأن العلاقة الزوجية ليست علاقة سطحية، لكنها علاقة مستمرة وممتدة، ويكون فيها أبناء وبنات وحفدة، وهي علاقة طويلة ومستمرة، ولذلك الشرع يبنيها على قواعد عظيمة، ويأخذ من كلا الطرفين ميثاقًا غليظًا.

والحب الحلال حقيقةً يبدأ بالرباط الشرعي، وأي توسُّعٍ قبل العلاقة الرسمية ليست في مصلحة الشاب ولا في مصلحة الفتاة، ونحن نقول دائمًا: الشاب يهرب من الفتاة التي تُقدّم له التنازلات، وتتوسّع معه في الكلام والخروج، لكن الشاب يجري ويلهث وراء الفتاة التي تلوذ -بعد إيمانها- بحيائها، وتريد أن يكون المدخل إليها والوصول إليها عن طريق محارمها، وهذا هو الذي يريدُه الشرع الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

نسأل الله أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً