الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خالتي أثقلت كاهل أمي برعاية أبنائها..كيف نتصرف معها؟

السؤال

السلام عليكم.

خالتي مطلقة منذ عام، ولديها طفلان مصابان بالتوحد، طردها زوجها فلجأت إلينا، وبقيت معنا سنةً وربع حتى تم تجهيز بيتها، وكانت في هذه الفترة قد تخلت عن العناية بالطفلين لأمي: من مأكل، ومشرب، ورعاية، مما أثقل كاهل أمي، فهي بعمر 67 سنةً، بينما خالتي بعمر 45 سنةً، فهل يحق لنا أن نطالبها بأن تذهب لبيتها حتى يخف الحمل عن أمي، أم أن ذلك يعد افتراءً عليها وظلمًا؟ فهي تتحجج ولا تريد الذهاب!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب.

نشكر لكم حُسن رعايتكم لخالتكم خلال هذه المدة الماضية، وهذا من صلة الرحم، والإحسان إلى الناس، وكلُّ ذلك من القُرب والطاعات التي تُقرّبكم إلى الله تعالى إن قصدتُّم بذلك القربى والطاعة؛ فصلة الرحم من أسباب دخول الجنّة، كما جاء في الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: (وصِلُوا الأرحام تدخلوا الجنّة بسلام).

وأمَّا الإحسان إلى الناس، وإعانتهم على قضاء حوائجهم؛ فهذا بابٌ واسعٌ من الخير، الله سبحانه وتعالى قد أثنى على المحسنين كثيرًا في القرآن الكريم، وأخبر أنه لا يُضيّع أجورهم، وأنه يُحبُّهم، وأنه معهم، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث كثيرة عن فضل الإحسان إلى الناس، وأنَّ (مَن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته)، وأنَّ (من كان عونًا لعبدٍ فإن الله تعالى مُعينٌ له)، وأنَّ (مَن كان قاضيًا لحاجة مسلمٍ قضى الله تعالى حاجته)، والأحاديث في هذا المعنى كثيرةٌ جدًّا.

فنوصيكم -أيها الحبيب- بالحرص على الإحسان إلى خالتكم هذه بما تقدرون عليه؛ فهذا خيرٌ لكم لا يضيع، ولكن هذا الإحسان ليس على سبيل الوجوب والإلزام، بل هو فضل، ونافلة، وقُربة ينبغي الحرص عليها، إلَّا فيما تعجز عنه هذه المرأة، وتحتاج فيه إلى إعانتكم؛ فقد يجب عليكم في بعض الأحيان ذلك.

فنصيحتُنا -أيها الحبيب- أن تُحسنوا في نُصحها وتوجيهها لتقوم بمسؤوليتها، وتتحمّل أعباء تكاليف حياتها وأبنائها وبناتها، ما دامت تقدرُ على ذلك، وليكن ذلك بالقول الحسن واللين؛ فإن الله سبحانه وتعالى أرشد الإنسان المسلم إلى إعانة ذوي القربى، فإذا لم يقدر على إعانتهم فليُحسن في الكلام معهم، كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا} [الإسراء: 28]، يعني: إذا كنت لا تستطيع أن تُعينهم الآن، وإنما تتوقّع في المستقبل أن تُعينهم إذا فتح الله تعالى عليك؛ فالآن في الوقت الحاضر قل لهم كلامًا جميلاً، {فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا}، والشاعر يقول:

لا خَيلَ عِندَكَ تُهديها وَلا مالُ ... فَليُسعِدِ النُطقُ إِن لَم تُسعِدِ الحالُ

فلا أقلّ من أن يقول الإنسان الكلمة الطيبة، ويُحسن إلى قريبه بالكلام الجميل، وبهذا القدر -إن شاء الله- تبرأ به مسؤوليتكم، وتكونون مُحسنين به إلى خالتكم.

نسأل الله تعالى لكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً