الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي لا يقوم بحقوقي الزوجية الخاصة كما ينبغي!

السؤال

امرأة متزوجة منذ 20 عامًا، زوجها لا يقوم بحقوقها الزوجية الخاصة كما تريد، مع أنها تحاول إغراءه بأكثر الوسائل، وما يؤلم أكثر هو وجوده معها؛ فتقوم بالعادة السرية ومشاهدة الحرام، ولكنها بعد كل مرة تقوم بذلك تندم وتستغفر، وتعزم ألا تعود إلى ذلك مرة أخرى، لكن لا فائدة، تحاول كبح نفسها عبثًا.

هي تشعر بالحزن والألم لهذا الأمر، وتأنيب الضمير، والخوف القوي عند محاسبتها أمام رب العالمين، فما الحل؟ وهل لها توبة؟ إن كان كذلك، فما هو طريق التوبة؟ وكيفية اللجوء إليه؟

نطلب المساعدة، جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب.

نحن نتفهم المشاعر التي تعيشها هذه الأخت، ونتفهم أيضًا حاجتها لقضاء حاجتها بالجماع، فهذا أمرٌ فطر الله تعالى عليه النفوس، وركّبه في الأبدان لتحقيق مصالح عظيمة، وليس لمجرد قضاء الشهوة والأَرَب.

وهذه الشهوة إذا صُرّفت في الطريق الصحيح، فإنها مُحقِّقة لمنافع عظيمة ومصالح كبيرة، ومنها الإنجاب والنسل، ولهذا جاءت الشريعة بالتوجيهات التي من شأنها أن تُهذّب هذه الشهوة، وتكبح جماحها، وتُوجِّهها التوجيه الصحيح، ومن جملة هذه التوجيهات الزواج.

ولكن إذا لم يحصل بالزواج القدر الكافي من الإعفاف، فينبغي اتخاذ الأسباب والأساليب التي يصل بها الإنسان إلى إعفاف نفسه عن الوقوع في المحرَّمات والمحظورات.

وقد أحسنت هذه الأخت بالتعرُّض لزوجها ومحاولة إغرائه، ونحن ننصحها بأن تستمر في هذا، وأن تُكثر منه، وأن تُغيّر الأساليب.

كما ننصحها أيضًا بالأخذ بأسباب الاستعفاف من حيث صون السمع والبصر والفكر، فإذا صانت سمعها عن سماع المُهيِّجات لهذه الشهوة، وصانت بصرها عن تلك المُهيِّجات أيضًا، وصرفت ذهنها وفكرها إلى ما يعود عليها بالنفع في أمرٍ الدِّين أو أمر الدُّنيا، بأن فكّرتْ فيما يملأ وقتها وفراغها؛ فإنها -بإذن الله تعالى- ستجد نفسها تتغلَّب على هذه الشهوة وتكبح جماحها، فالنفس تعمل وتشتغل بما يُلقى فيها من الأفكار، فهي كالرحى الدائرة التي لا تتوقّف، ولكنّها تطحن ما يُلقى إليها.

فننصحها بملء أوقاتها، وألَّا تترك في برنامجها وقتًا للفراغ، وأن تمارس الأعمال المرهقة لبدنها، من أمور الخدمة في البيت، وترتيب البيت –ونحو ذلك–، وتمارس بعض الرياضات البدنية في بيتها، وأن تُكثر من مجالسة النساء الصالحات الطيبات، فإنها ستملأ وقتها بما يُفيد وينفع، فإذا ملأت وقتها، فإنها سترتاح -بإذن الله تعالى- من كثير من هيجان هذه الشهوة.

ثم بعد أخذها بأسباب الاستعفاف من صون السمع والبصر والفكر؛ ينبغي أن تتذكّر بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد أرشد إلى الإدمان على الصيام، والإكثار منه لمن كان يجد في نفسه هذه الشهوة الجامحة، فإن الصوم يُقلّل الطعام، ومن شأن ذلك أن تقلَّ معه هذه الشهوة.

وأمَّا ما تجده من تأنيب الضمير لممارستها للعادة السرية، أو السيئة؛ فهذا شأن حسن ينبغي أن تستثمره إذا توجّه نحو مغالبة هذه العادة، ومحاولة الإقلاع عنها، وإذا علم الله تعالى منها الصدق في إعفاف نفسها، فإنه سيُعينُها، كما قال سبحانه وتعالى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 33]، فالله تعالى ييسّر للإنسان أسباب الاستعفاف ويعفُّه، (‌وَمَنْ ‌يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ)، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وإذا وقعت في هذه المخالفة فإنها إذا تابت يمحو الله تعالى توبتها، وهذه المخالفة حرامٌ عند جمهور العلماء، وإن كان قد جوَّزها بعضهم إذا خاف الإنسان على نفسه الوقوع في الحرام، وهو الزنى، ولكن على كل تقدير: إذا تاب الإنسان من ذنبه –أيًّا كان هذا الذنب–، فإن الله سبحانه وتعالى يقبل توبته، ويمحو بهذه التوبة ذنبه ذلك، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (‌التَّائِبُ ‌مِنَ الذَّنْبِ، كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ)، والتوبة تعني: الإقلاع عن الذنب، والعزم على عدم الرجوع إليه في المستقبل، مع تركه في الوقت الحاضر، فمن فعل ذلك تاب الله عليه.

نسأل الله تعالى أن يتوب علينا أجمعين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً