الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوس كثيرة مقاومة للأدوية...هل من خطة علاجية قوية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندي توتر شديد مع وساوس، لها خمس سنوات واستخدمت أدوية كثيرة: الفافرين، والباروكستين، والفلوكستين، والسبرالكس، الدولكستين بجرعات كبيرة، وسواس الموت وغيره، وهذه الوساوس الكثيرة مقاومة للأدوية.

الآن تعلمت العلاج المعرفي السلوكي للوساوس، وبدأت أستخدم سيرترالين ١٠٠ملج، لي اليوم ٢٤ يومًا، زائد الرزبردون، لكن القلق والتوتر قوي ورأسي مشدود.

أريد أن أغيره إلى الدينكسيت، كيف أنتقل إليه؟ ولو أعطيتني خطة علاجية قوية.

جزاك الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على الثقة في إسلام ويب.

أخي: طبعًا لعلاج الوسواس والقلق والتوترات والمخاوف لا بد أن يهتمّ الإنسان جدًّا بالآليات التي تؤدي إلى تغيير واختفاء هذا السلوك، وذلك من خلال الممارسات السلوكية المعروفة، وهي ممارسات بسيطة جدًّا، أضف إلى ذلك الدواء.

إذًا الدواء لوحده لا يمكن أن يكون فاعلاً، أو حتى إذا استفاد منه الإنسان سوف يستفيد منه استفادة مؤقتة، لكن إذا مزج الإنسان ما بين العلاج السلوكي والاجتماعي والعلاج الدوائي؛ هنا تكون النتائج رائعة جدًّا، وحتى إذا توقّف الإنسان من العلاج الدوائي سوف تتحسّن حالته، ولن ينتكس أبدًا -إن شاء الله تعالى- ما دام قد عرف وطبّق واستمرَّ على التغيرات السلوكية والاجتماعية.

بالنسبة للعلاج الدوائي: الـ(سيرترالين Sertraline) عقار رائع جدًّا، أنا أقترح عليك أن ترفع الجرعة إلى مائة وخمسين مليجرامًا، هذه سوف تكون جرعة علاجية محترمة جدًّا، والـ(ريسبيريدون Risperidone) يكون بجرعة واحد مليجرام ليلاً، ليس أكثر من ذلك، أمَّا إذا أردتَّ أن تُوقف الريسبيريدون وتتناول الـ(ديانكسيت Deanxit)، فالديانكسيت تتناوله بجرعة حبة واحدة في الصباح، وهذه تكفي تمامًا، وليس هنالك إشكال في أن تنتقل من الريسبيريدون إلى الديانكسيت مباشرة؛ لأن هنالك الكثير من المشتركات التكوينية والكيميائية ما بين هذين المركَّبَيْنِ.

إذًا هذا من ناحية العلاج الدوائي، وطبعًا العلاج الدوائي حتى وإن لم يُساعدك للدرجة التي تُريدها سوف يُساعدك قطعًا في تخفيف القلق، وهذا يُمهِّد بصورة إيجابية جدًّا للتطبيقات السلوكية.

إذًا في جميع الأحوال الدواء ممتاز، وأنا أقترح أن تظلّ على جرعة المائة والخمسين مليجرامًا من السيرترالين لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، بعد ذلك خفضها إلى مائة مليجرام يوميًا.

التطبيقات السلوكية –أخي– أنت تعرفها جيدًا، أولاً: يجب أن تُحقّر فكر الوسواس، ويجب أن تصرف انتباهك عنه.

والأمر الآخر هو: أن تُكثر من التمارين الرياضية، وكذلك تمارين الاسترخاء. تمارين الاسترخاء أشرنا إليها كثيرًا؛ لأنها بالفعل مفيدة جدًّا، إذا وجدتَّ أخصائيًا نفسيًا يُدربك عليها، فهذا أمرٌ جيد، وإن لم تجد فتُوجد برامج كثيرة جدًّا على اليوتيوب يمكنك أن تستفيد منها، كما أن إسلام ويب أعدت استشارة رقمها (2136015) يمكنك أن تطلع عليها وتُطبّق ما ورد فيها، وإن شاء الله تنتفع بها.

أخي: العلاج الاجتماعي أيضًا مهمٌّ جدًّا، أنت ليس لديك عمل، وأرجو أن تجتهد في أن تجد عملاً، حتى وإن كان عملاً بسيطًا؛ لأن التأهيل والعلاج من خلال العمل لكلِّ هذه الظواهر النفسية نعتبره أمرًا ضروريًّا وجوهريًّا.

ثانيًا: العمل يُساعد قطعًا على حُسن إدارة الوقت؛ لأن الفراغ الكثير يُؤدي إلى الوسوسة، ويؤدي إلى القلق، ويؤدي إلى حديث النفس، ويشعر الإنسان حيال نفسه أنه قليل القيمة، وهذه إشكالية كبيرة جدًّا، فيا أخي الكريم: ابحث عن عمل، وأحسن إدارة وقتك.

ومن الأشياء الجميلة في حُسن إدارة الوقت: تجنُّب السهر، النوم الليلي المبكّر له فوائد عظيمة على الصحة الجسدية والصحة النفسية، وطبعًا ممارسة الرياضة قد ذكرناها لك، وتجنّب تناول الشاي والقهوة بكميات كبيرة، وأكثر من التواصل الاجتماعي: الزيارات، تفقُّد الأهل، صلة الأرحام، الجلوس مع الأصدقاء، زيارة المرضى، مشاركة الناس في أفراحهم وأتراحهم، المشي في الجنائز ...؛ كل هذه أشياء مهمّة ومفيدة، وأن تنخرط في أي كورسات ثقافية، أو برنامج لتحفيظ القرآن، أو كليهما، هذه أيضًا تعتبر نقلة تأهيلية عظيمة وكبيرة جدًّا.

هذا هو الذي أودُّ أن أنصحك به، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً