الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالغضب الشديد بسبب عدم اهتمام زوجي بي، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم

لا أعرف ماذا أفعل؟ أشعر بالغضب القاتل في أغلب الأوقات، زوجي غبي، ولا يعتذر عن أخطائه، ويكرر نفس التصرفات التي تغضبني، مثل إيقاظي من النوم في الليل، والتحدث في الهاتف حول عمله، ولا يعير أي اهتمام لي، رغم محاولاتي والتعبير عن ذلك.. إلخ.

أيضاً عدم احترام مواعيدنا، وتخصيص وقت لحياتنا العاطفية والزوجية، لا يعرف مفهوم المحادثات الزوجية، والتواصل فقط للعمل، والأكل والنوم واستعمال الهاتف وقت راحته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Fatima حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

نقدّر لك -أختي الفاضلة- هذا الاهتمام بإصلاح علاقتك الزوجية، والارتقاء بها لتحقق السكن والمودة والرحمة، وينبغي أن يكون هذا هو الأصل في أي علاقة زوجية، فأساس الاستقرار في العلاقة الزوجية يقوم على التفاهم والتوافق بين الزوجين، وفهم الأدوار والمسؤوليات.

التجاهل وعدم الاهتمام من أخطر الآفات التي تُهدد استقرار الأسرة، وبسببه تتطور الكثير من المشاكل البسيطة، لذلك يحتاج التجاهل إلى علاج وبحث في الأسباب وتأن وصبر، وفهم نفسية الطرف الآخر، بعيداً عن الانفعال والغضب.

أختي الفاضلة: شعورك بالغضب والانفعال بشكل دائم ربما ساهم في تعقيد هذه المشكلة، وجعلك تواجهين هذا التجاهل بنوع من الانفعال والغضب الدائم، وهذا ربما ساهم في جعل سلوكك من أسباب زيادة المشكلة وأنت لا تشعرين، كما أن الانفعال يجعلك تفسرين هذا التجاهل بتفسيرات تصب في صالحك، كعدم الاحترام والتقدير، وكل ذلك له أسبابه المختلفة.

جميع السلوكيات التي ذكرت عن زوجك تدل على التجاهل وعدم الاهتمام، فالتجاهل نتيجة وليس سببًا، لذلك سنقدم لك نصائح عن أهم أسباب التجاهل وطرق العلاج، وينبغي عليك أن تجتهدي في إصلاح دورك في هذه العلاقة بكل الوسائل، لأنك طرف مهم فيها، فلا تنتظري الحل من جهة زوجك فقط، وإنما لا بد من أن يكون لك دور تبادرين فيه.

أولاً: مشكلة الروتين في الحياة الزوجية، بسبب كون العلاقة الزوجية دائمة وطويلة، فدخول هذه العلاقة في روتين يتسبب في الملل، ويبدأ كل طرف يشعر بعدم اهتمام الطرف الآخر، وعلاج روتين العلاقة الزوجية يكون بالتجديد قدر المستطاع في كل شيء، سواء في أسلوب الحوار أو التعامل داخل المنزل، أو في الجوانب المادية كتغيير شكل وتنسيق المنزل، أو نوع الطعام أو المظهر الذي تظهرين به لزوجك، أو في رحلات وزيارات متنوعة، كل هذا يُشعر الزوج بتميز وتجديد يجبره على التفاعل معه.

ثانيًا: الشخصية اللّحوحة وغريزة التملُّك، قد تكون بعض الزوجات ذات شخصية لحوحة في طلبها، خصوصًا عندما تغضب، وهذا ينتج عنه محاولة هروب الزوج من أجواء الغضب والطلبات التي لا تنتهي، أو أن تعتقد أن الزوج ملكها وينبغي أن يعطيها كل وقته.

لذلك ننصحك -أختي- أن تراعي الظروف التي يمر بها الزوج، والضغوط التي تواجهه في الحياة، واختاري الأوقات المناسبة للحوار والطلب، ولا بد أن تعلمي أن للزوج أوقاتاً يحتاج فيها أن يختلي بنفسه، أو أن يكون له نشاطه الخاص.

ثالثاً: شخصية الزوج غير المهتم، مما لا شك فيه أن البشر تختلف شخصياتهم، وتنعكس هذه الشخصية في طبيعة السلوك، فمن الناس من تكون شخصيته تتصف بعدم الاهتمام، ويحتاج للشعور بالمخاطر حتى يتحرك بشكل إيجابي، قد يكون زوجك من هذا النوع، وعلاج هذا الجانب يحتاج لفهم شخصية الزوج بشكل دقيق، وما يُفرحه وما يُحزنه، وما يثير انتباهه... إلخ.

رابعًا: إثبات قوة الشخصية، أسلوب التجاهل وعدم الاهتمام يلجأ إليه البعض لإثبات أنه مستغن عن الطرف الآخر، أو لا يشكل شيئاً مهماً بالنسبة له، كما أن فيه رسائل غير مباشرة أنه الأقوى والمسيطر والمتحكم بكل شيء، هذا التصرف سببه غالباً ردة فعل لمحاولة أحد الأطراف التقليل من قدر الآخر، وتجاهل دوره الكبير وجهده فيلجأ للتجاهل، وعلاج هذا بفهم المسؤوليات والأدوار، دون التقليل من أهمية دور الآخر.

أختي الفاضلة: لم يعجبنا أن تصفي زوجك بلفظة (غبي)، فالزوج مهما يكون له حق عليك، ومن أكبر الحقوق الاحترام وعدم الإساءة إليه، خاصة عند الحديث عنه للآخرين، ولا أظن أن زوجك غبي -كما تقولين- ولكنه ربما يصطنع التغابي، أو يحاول الهروب من شيء، والزوجة الذكية هي من تعرف مفاتيح قلب زوجها، يمكن في لحظات كسر الروتين أن تدخلوا في حوار يكون مثمراً، بعيداً عن الانفعال أو الاتهام.

لا تنسي -أختي الفاضلة- الدعاء والصبر، والإكثار من العمل الصالح، وعدم مشاركة مشاكلك الشخصية مع الآخرين، حتى لا يتدخل من لا يُحسن حلها، واحرصي على أن تجعلي هذه المشاكل في دائرة العلاج الشخصي.

وفقك الله وأعانك على الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً