الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خائف من لقاء الله بسبب العادة السرية..فكيف أعيش مطمئناً؟

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب بعمر 18 سنة، لدي العديد من المشاكل الدينية، وهي أني أشعر بالبعد عن الله، رغم أني أصلي، وأنا أحب الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.

أقوم بالمعصية كالعادة السرية التي لم أستطع الإقلاع عنها، ولا أعرف هل لهذا السبب أصبحت بعيداً عن الله، أم أن هناك أسباباً أخرى! أريد أن أتوب إلى الله، وأن أتقرب إليه، لقد أصبحت خائفاً كثيراً من اليوم الذي سألقى الله فيه، ولا ينظر إلي أبداً، كما أني خائف من ألا يسامحني الله في الدنيا.

أريد أن أعيش مطمئناً مثلما كنت، فما هو الحل؟ أرجوكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ adem حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -ولدنا الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله أن يصلحك وأن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، وإننا نحمد الله على قربك من الله، وحبك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والاجتهاد في الاقتفاء والاتباع، وهذا هو طريق العافية، فأنعم بشاب نشأ في عبادة الله، وأنعم به يمسي ويصبح والله عنه راضٍ، ولعله بذلك يرجو أن يكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

اعلم -يا آدم- أن الله يحب عبده، ويقبل ما كان منه ما دام يجتهد في إرضاء الله ويحاول الابتعاد عن المعصية، فلا تظن إذا وقعت في معصية أن الله لن يقبل منك التوبة، أو أن الله سيعرض عنك، لا -يا بني-، لا تتوهم غلق باب رحمة فتحها الله لك، وتذكر أن الله هو القائل: (إن الله يغفر الذنوب جميعاً)، فمهما عظم ذنبك أو كبر فهو صغير بجوار عفو الله ومغفرته، وقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم * وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له).

بل إن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا بأن الله يفرح بتوبة عبده، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك! أخطأ من شدة الفرح).

اطمئن، فما دمت تجاهد نفسك، فاعلم أن الله يتقبل منك، بل وسيبدل سيئاتك إلى حسنات، قال الله: (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).

أما العادة السرية: فاعلم أن العجز منك أنت، فأنت من أوهمت نفسك أنك غير قادر على تركها، فعظم أمرها في نفسك، وتضخمت في ذاتك، ولو قويت همتك، واقتنعت أن تعظيمك لله أقوى، واتبعت نصائحنا التالية ستتخلص منها -بعون الله تعالى-.

أخي الكريم، خذ هذه النصائح واكتبها في ورقة أمامك:
أولاً: العلم بحرمة ذلك الفعل وقبحه، فجمهور أهل العلم على حرمته، استناداً إلى قوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ).

ثانيًا: القراءة حول الأضرار الصحية والنفسية، وكذا الدينية المترتبة على الاستمرار في هذا الفعل المدمر.

ثالثًا: استحضار عظمة الله في قلبك، والاستحياء من نظر الله إليك وأنت تفعل ذلك، وكذلك ملائكة الله المصاحبين لك؛ فإن ذلك مما يقوي همتك على الابتعاد عن هذا الفعل.

رابعًا: إن أهل الاجتماع يخبرون أنه أضحى من الثابت علميًا أن المستمر على العادة السرية، يتعب في حياته الاجتماعية، مما قد يؤدي إلى عدم الاستقرار الزوجي.

خامسًا: ابتعد عن الجلوس وحدك ما أمكن، واشغل وقتك بكل نافع، ولا تترك فراغًا يتسلل منه الشيطان إليك.

سادسًا: اجتهد مع أهل مسجدك أو مع أصحابك الصالحين في أي عمل دعوي أو اجتماعي أو رياضي، المهم أن تكون لك صحبة صالحة تصرفك عن الفراغ والتفكير.

سابعًا: أكثر من النوافل وخاصة الصيام، وكذا الدعاء إلى الله أن يصرف عنك هذا الشر، وأن يرزقك الثبات على الحق.

إنك -يا بني- على خير، فلا تيأس ولا تقنط، واستعذ بالله من الشيطان، ولا تركن للغفلة، والله ناصرك ومعينك، نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الطاعة، وأن ييسر لك الخير حيث كان، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً