الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرهاب الاجتماعي أثر كثيراً على حالتي النفسية، فما النصيحة؟

السؤال

السلام عليكم

أعاني من رهاب اجتماعي ونوبات هلع ومس، منذ ٤ سنوات و١٠ أشهر، آخذ دواء لنوبات الهلع بوصفة من طبيب، وأحاول دائماً أن أقرأ سورة البقرة، ولكني أعاني كثيراً من الرهاب الاجتماعي، وهذا يؤثر على حالتي النفسية بشكل كبير، وبالتالي يؤثر على دراستي وعلى صوتي، ويجعله منخفضاً.

تعبت كثيراً، كلما أحاول أن أعطي نفسي فرصةً للتكلم في المحاضرة والمشاركة أرجع بتجربة مؤلمة ومحرجة وأنهار من البكاء، لا أدري ماذا أفعل؟ هل هناك دواءٌ للرهاب الاحتماعي؟

أيضاً أنا أحفظ من القرآن ١٠ أجزاء -ولله الحمد- ولكن منذ أن بدأت أعاني من هذه الأمراض وأنا لا أستطيع أن أذهب للمركز، وتوقفت عن حفظ القرآن، أود وبشدة أن أرجع وأحفظ القرآن، فما نصيحتكم لي؟

دعواتكم لي ولعائلتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دانا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أعتقد أنك تقصدين بالرهاب الاجتماعي عدم قدرتك على المواجهات الاجتماعية، وأنك تحاولين التجنب من المواقف الاجتماعية، وحين تواجهين اجتماعيًا تحدث لك أعراضٌ نفسية جسدية، كتسارع ضربات القلب، والخوف، وخفة الرأس، وربما التلعثم، وهذه مشاعر ليست صادقة وليست دقيقة، نعم يشعر بها الإنسان، لكن هنالك مبالغة كثيرة في المشاعر.

أهم علاج لعلاج الخوف الاجتماعي هو أن يُحقّره الإنسان، وأنا أؤكد لك أنه ليس جُبنًا وليس قلَّةً في إيمانك، هو في الغالب ناتجٌ من تجربةٍ نفسيةٍ سابقةٍ سالفةٍ، ربما تكونين قد تعرضت لأي نوع من المخاوف في فترة الطفولة، ومن ثم حصل نوعٌ من التشفير والتخزين لهذه التجربة السلبية على مستوى العقل الباطني، ومن ثمّ أصبح يُعبّر عنها في شكل أعراض كرهاب اجتماعي، طبعًا أهم علاج للرهاب الاجتماعي هو تحقير الفكرة كما ذكرتُ لك.

الأمر الثاني هو: المواجهة، المواجهة في الخيال والمواجهة في الواقع، المواجهة في الخيال تكون من خلال بناء سيناريو مُعيّن، تكونين فيه أنت الشخص الذي يستقبل الآخرين، يُقدّم مثلاً برزنتيشن (Presentations) للآخرين، وهذا ليس بالأمر الصعب، تصوري أنك سوف تُقدمين محاضرة لزميلاتك، أو في حلقة القرآن، سوف تكونين أنت من يدير الحلقة في ذلك اليوم، عيشي هذا الخيال بدقة وبكل تفاصيله، وفي نهاية الأمر يجب أن تحسي بشيء من الانشراح والفرحة بعد أن أنجزت المهمّة، هذا هو التعرُّض في الخيال، وبعد ذلك التعرُّض في الواقع، والأمر بسيطٌ جدًّا، إذًا لا تتجنّبي، أريدك أن تواجهي، أن تحقّري فكرة الخوف.

هنالك تمارين الاسترخاء، تمارين التنفس المتدرّجة، الشهيق العميق بقوة وبطء عن طريق الأنف، ثم يُحبس الهواء قليلاً في الصدر، ثم يأتي بعد ذلك الزفير، وهو إخراج الهواء بقوة وبُطء عن طريق الفم، وهنالك تمارين قبض العضلات وشدِّها، هذه التمارين يجب أن يتعلّمها كل مَن يعاني من الهلع أو الهرع أو الفزع أو القلق أو الرهاب الاجتماعي، وتوجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية تطبيق هذه التمارين.

طبعًا الرهاب الاجتماعي مكونه الرئيسي هو القلق، وهذا يؤدي إلى تشويش كبير في التركيز، وأنت ذكرت أنك لا تستطيعين الذهاب إلى المركز، مركز حفظ القرآن، أتمنى ألَّا يكون ذلك بسبب الخوف والرهاب، يجب أن تكسري هذا الحاجز، فأنت سوف تذهبين إلى مكانٍ يجب أن تكون فيه الطمأنينة والأمان، جلسات القرآن تحفُّها الملائكة، فيجب أن تجتهدي في الإعمال الفكري الإيجابي، ولا تتركي فقط مشاعر الخوف والتوتر تتسرّب إلى ذاتك.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أبشرك أنه توجد أدويةٌ فاعلةٌ وممتازةٌ وسليمةٌ، وأنت تحتاجين لدواء واحد يُسمَّى (سيروكسات CR) جرعة السيروكسات سي آر هي أن تبدئي بـ 12,5 مليجراماً، هذه هي جرعة البداية، والدواء سليمٌ، وفاعلٌ، وغير إدماني، وليس له أي تأثير سلبي على الهرمونات النسائية، تناولي جرعة 12,5 مليجراماً يوميًا لمدة شهرٍ، ثم ارفعيها إلى 25 مليجرامًا يوميًا، وهذه هي الجرعة العلاجية، علمًا بأن الجرعة العلاجية الكلية هي (50 مليجراماً) في اليوم، لكن لا أراك في حاجة لهذه الجرعة، استمري على جرعة الـ 25 مليجراماً يوميًا لمدة شهرين، ثم خفضي الجرعة إلى 12,5 مليجراماً لمدة شهرين، ثم اجعليها 12,5 مليجراماً يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم اجعليها 12,5 مليجراماً مرةً واحدةً كل ثلاثة أيام لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

لابد أن يكون هنالك تدرُّج في تناول السيروكسات، بالرغم من سلامته، لكن التوقف المفاجئ عنه قد يؤدي إلى أعراض انسحابية.

يوجد أيضًا عقار يُعرف باسم (اسيتالوبرام)، وآخر يُعرف باسم (سيرترالين)، لكن أعتقد أن السيروكسات سوف يكون الأفضل في حالتك، وطبعًا إن أردت استشارة طبيب نفسي أو الذهاب إليه، هذا أيضًا سوف يكون إضافة علاجية إيجابية جدًّا، لكن حالتك بسيطة وواضحة، وأرجو أن تأخذي بما ذكرتُه لك من إرشاد وتوجيه وتناول الدواء بانتظام.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً