الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تأثرت حياتي وحياة أبنائي بعصبيتي الشديدة، فكيف أتخلص منها؟

السؤال

أنا أتعصب على أولادي، وأصرخ كثيرًا حتى أشعر أن حنجرتي وصحتي تتألمان من كثرة الصراخ والعصبية، أضربهم وأشعر بالندم، أشعر أني لا أستطيع تحمل مسؤولية أولادي، وفي نفس الوقت لا أستطيع ترك أولادي لأي شخص يومًا واحدًا، أنا عصبية منذ صغري، ومع أولادي أصبحت أكثر عصبية.

أصبحت لا أهتم بأحد ولا أتحدث مع أحد. كنت أنام كثيرًا في صغري وأحب النوم، أما الآن فنومي متقطع بسبب كثرة التفكير، أريد أن يكون أولادي أفضل الأولاد، وأخاف عليهم كثيرًا من أبسط الأمور، أتعصب عليهم وأضربهم حتى في موضوع الأكل، ابتعدت عن زوجي لأنني عندما أكون معه أنهار وأمرض أكثر.

أريد علاجًا يهدئني بدون أعراض جانبية، مثل النوم أو زيادة الوزن، لأن وزني زائد بالفعل. أعاني من السمنة والربو، وحساسية مزمنة في الجلد والأنف.

أنا عصبية مع الجميع، ولكن أهم شيء هو أولادي، لا أريد أن أكون عصبية معهم؛ لأنهم لا ذنب لهم، هم أمانة عندي.

شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زهرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك – أختنا الفاضلة – عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.

أختي الفاضلة: كثيرًا ما تأتينا سيدات أُمَّهات يعانين من العصبية كما ورد في سؤالك، ثم أسألُ هذه السيدة سؤالاً واحدًا: ما الهوايات الموجودة عندك؟ فتستغرب السيدة من هذا السؤال، وتنظر إليَّ مستغربةً وتقول لي: إنه ليس عندها هوايات، وأنها (متفانية) في رعاية أطفالها!

أختي الفاضلة: يقول المصطفى ﷺ: (إِنَّ ‌لِنَفْسِكَ ‌عَلَيْكَ حَقًّا)، فحقيقةً إن رعاية الأطفال أمرٌ يُسبّبُ التوتر والقلق الشديدين؛ لذلك لا بد للأُمِّ أو للمربّي من أن يرعى نفسه ليكون على حالة من الهدوء والاستقرار، ليتعامل مع أطفاله بحكمة دون اللجوء إلى الصراخ والعصبية، هذا أولاً مُضرٌّ بالأطفال؛ حيث يجعلهم أطفالاً متوترين، وربما لا يحققون طموحاتهم بالشكل المناسب، كما أنه مضرٌّ أيضًا بالأم؛ لأنها تندم بعد أن تصرخ وتعزم على ألَّا تعود إلى الصراخ، وما هو إلَّا وقت قصير حتى تعود إلى الصراخ عليهم والندم من جديد.

أختي الفاضلة: أنصحك بأن تُعيدي ترتيب برنامجك اليومي؛ بحيث يكون هناك وقت للأولاد، ووقت لزوجك، ولكن أهم شيء أن يكون هناك وقتٌ لك أنتِ، كي تستعيدي نشاطك وهمّتك، وإلَّا فإنك ستصابين بما نسميه (الاحتراق النفسي)، وهذا هو الذي ربما أنت فيه، أنك وصلت إلى حدٍّ يصعبُ عليك الهدوء والكلام الهادئ والاستقرار؛ لذلك عليك أن تُعيدي ترتيب برنامجك، وتضعي فيه -قطعًا- وقتًا خاصًّا لك.

إذا فعلت هذا فسينعكس على هدوئك مع أطفالك؛ لأن الأطفال يحبُّون الأخذ والعطاء، ولكن لابد للأمِّ هنا من أن تكون هادئة.

أيضًا سيتحسّن نومك، ولا أُقلِّل من أهمية أيضًا النشاط البدني، فهذا أيضًا يُساعدك على التفريغ العاطفي ويُساعدك على الاستقرار، وربما يُساعدك أيضًا في تخفيف الوزن.

لا أنصحك بهذه المرحلة بالعلاج الدوائي، فالأهم منه في هذه المرحلة هو ترتيب الأولويات، التغذية الصحيّة، النوم المناسب، المحافظة على الصلوات، وتخصيص وقتٍ خاصٍّ لك، تمارسين فيه هواية ممتعةٍ لك، وليس لأحدٍ آخر.

أدعو الله تعالى أن يشرح صدرك، وييسّر أمرك، ويعينك على تربية أطفالك ليكونوا ليس فقط من الناجحين، إنما من المتفوقين ليفتخروا برعاية أُمِّهم لهم.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً