السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
أشكر جزيل الشكر الأستاذ أحمد مجيد الهنداوي، جزاك الله عنا خير الجزاء وجعله في ميزان حسناتك.
أود أن أعطيك لمحة بسيطة عن حياتي: أنا الآن -ولله الحمد- متزوجة، وبعد معاناة، حياتي الآن مع زوجي تشهد الاستقرار، وقد كفلنا فتاة، منذ سنتين تقريباً كان زوجي قاسياً لأبعد الحدود، وبعد الاستعانة بالله ثم ببعض الرقاة الصالحين تمكنا من التغلب على السحر ولله الحمد.
حياتنا مستقرة، لا نغضب لأتفه الأسباب، وخاصة زوجي الذي كان لسبب بسيط يتطاول علي بالكلام، والسب، والضرب، وبالطبع لا يتفهمني! ودائماً أحاول أن أذكره أن الصراحة والتفاهم أهم شيء في الحياة الزوجية.
لكن سبحان الله! كان يقسو علي كثيراً، لكن الآن الحمد لله، وأنا بدوري أصبحت أعامله وأكلمه بطريقة أحسن؛ لأنه غير معاملته السيئة لي.
أما عن طفولتي فكانت قاسية جداً جداً، قسوة الأب، ثم التفرقة في التعامل مع الأولاد، وكذلك حرماننا من أبسط حقوقنا في الدواء والكسوة بسبب عجز والدي؛ لأن عددنا كبير: 12 طفلاً، فينا الكبير والصغير، والمصيبة الكبرى الحرمان العاطفي؛ لأنني مهما فعلت فلن أنسى ذلك الحرمان.
المهم: لقد أرسلت لكم رسالة، وأوضحت لكم قسوة والدي ومعاملته السيئة، وكنت أنتظر أن تواسوني، أو تبعثوا لي بكلمات تخفف عني، لكنكم ذكرتم أن أكثر الآباء يقعون في هذا الخطأ، وأن علي أن أسامحهم وأقف بجانبهم عند الكبر، لكن لم يقف بجانبي أحد، وبداخلي جرح عميق لم يمحه الزمن، إلى الآن لا ألوم أبي ولا أمي ولا الجميع؛ لأن الكل ربما يخطئ، لكن ألوم نفسي لأنني لا أستطيع التسامح، وخاصة من يجرحني بعمق، أو ربما لأنني لا أستطيع نسيان المر من ماضينا.
لكني تجاوزت كل هذا، لكن لم أنس بعد، ولا أكره أبي ولا أحبه، لكن لا أرضى له السوء أو لغيره، المهم أني أحاول أن أنسى الماضي، والذي في وقت مضى كاد يخنقني، أما الآن فالحمد لله، وهذه بعض من كتابتي.
هل هو انفجار، أم انتحار، أم مكافحة من أجل البقاء؟ حين تسترسل أفكاري بعيداً جداً وتجرني معها أهرول مسرعة باحثة عن العودة؛ كيلا يصدمني الواقع، وبكل قواي أرتب محتويات دفتري؛ كي لا أخلط بين الأوراق وأفقد التركيز في اكتشاف أسرار غامضة، صعبة الاحتواء، بالرغم من أن لدي تصورا أنني كتاب مفتوح.
غير أن جل حياتي غامضة، ودائماً أشتاق أن أستيقظ يوماً وأجد أني بلا قيود، ربما أستطيع مواجهة التعصب الذي بداخلي، ولا أجد تفسيراً ولا حتى الكلمات التي تعبر عما بداخلي.
والحقيقة الوحيدة أني في متاهات عظيمة، ولا فرار من الاعتراف بأني أصارع نفسي بنفسي، لكن هل يا ترى أصارع كي أنقذها؟! أو لكي أدمرها؟! وكثيراً ما أتساءل: ما أصارع أهي حقيقة أم خيال؟! وهل هو قدر ومكتوب أم هروب، وأجدني دائماً في دائرة مفرغة، مللت الانتظار حتى أجد جمجمتي تنصهر فتذوب.