الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كلما تمنيت شيئًا وجدت أنه يتحقق لغيري، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاةٌ أبلغ من العمر 32 سنةً، ولست مرتبطةً، مشكلتي هي أنني كل ما أحلم به أجد شخصًا آخر يعيشه واقعًا، وأيضًا الأمنية، كلما تمنيت أمنية أجدها تتحقق لشخص آخر! فقدت الأمل في كل شيء، أحس أنه لا رغبة لي في هذه الحياة، تعبت، ماذا أفعل؟

أصلي قيام الليل والفجر، وأقرأ القرآن، لماذا أحس أن الله يعذبني؟ لدرجة أني أصبحت أخاف أن أحلم أو أتمنى!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وجدان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولاً، أود أن أعرب عن تعاطفي الشديد مع ما تمرين به من مشاعر الإحباط واليأس؛ بأن الأحلام تتحقق للآخرين، بينما تظلين أنت في مكانك، أمر محبط للغاية.

1. الإيمان بأن كل شيء يحدث بإرادة الله وحكمته، هو جزء أساسي من الإيمان، قد يكون هناك حكمة في تأخر -أو عدم- تحقق بعض الأمور التي نتمناها، وربما يكون في تأخيرها الخير، ولكننا لا ندركه الآن (والله يعلم وأنتم لا تعلمون).

2. في بعض الأحيان، قد يكون من المفيد إعادة تقييم الأهداف والأمنيات التي نسعى وراءها، وهل هي تعكس حقًا ما نريد؟ وهل هي متوافقة مع ما نحتاجه حقًا في حياتنا؟ أحيانًا قد نتمنى أمورًا ليست لنا، وفي النهاية نجد أن ما كُتب لنا كان خيرًا لنا.

3. ربما يكون هذا وقتًا مناسبًا للتركيز على نموك الشخصي، وتطويرك الذاتي، من حيث: التعلم، واكتساب مهارات جديدة، أو حتى الانخراط في هوايات جديدة يمكن أن تجلب لك الرضا والسعادة.

4. الصبر والدعاء هما من أجمل وسائل التقرب إلى الله، فاستمري في الدعاء، وطلب الخير من الله، وتذكري أن الله يستجيب للدعاء في الوقت والطريقة التي هي خير لنا ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِیۤ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِی سَیَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِینَ﴾ [غافر ٦٠].

5. التواصل مع الأصدقاء، وأفراد العائلة، وحتى التواصل مع المجتمعات المحلية، يمكن أن يكون مصدرًا للدعم والإلهام.

وإليك نصيحة إضافية حول المقارنة مع الآخرين:

- من المهم أن تتذكري أن كل شخص يمتلك مساره الفريد في الحياة، وما يحدث للآخرين قد لا يكون مناسبًا أو مثاليًا لك، حياتك، أهدافك، وتجاربك فريدة، ولا يمكن مقارنتها بحياة شخص آخر.

- المقارنة المستمرة مع الآخرين يمكن أن تؤدي إلى الشعور بالنقص والإحباط، ومن الأفضل التركيز على تقدمك الشخصي، ونجاحاتك، بدلاً من مقارنة نفسك بالآخرين.

- بدلاً من التركيز على ما حققه الآخرون، ركزي على نقاط قوتك، وما تستطيعين تحقيقه، واحتفلي بإنجازاتك الصغيرة والكبيرة.

- إذا وجدت نفسك تقارنين حياتك بالآخرين، فحاولي تحويل ذلك إلى تحفيز لتطوير نفسك، بدلاً من الشعور بالإحباط، واستخدميه كدافع لتحقيق أهدافك.

- تعلمي تقدير ما لديك، والشعور بالرضا عنه، والشعور بالامتنان للنعم التي تمتلكينها، ويمكن أن يساعد في تخفيف حدة المقارنات السلبية.

تذكري دائمًا أن الحياة ليست سباقًا، وكل شخص يعيش تجربته الخاصة وفقًا لخطته الفريدة، وتعلمي احترام رحلتك الخاصة، والتقدير لما وصلتِ إليه.

لا يليق بك أن تقولي: (لماذا أحس أن الله يعذبني)، فالله عز وجل لم يخلقك ليعذبك، قال تعالى: (ما يفعل الله بعذابكم إن شركتم وآمنتم وكان الله شاكرًا عليمًا)، بل خلقك لعبادته عز وجل، ولكنه جعل هذه الدنيا دار ابتلاء وامتحان، كما قال سبحانه: (ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون). إن الناس لا يظهر لك منهم إلا ما يبدو لك فقط، وما يظهرونه هم، وإن الكثير ممن ترينه مرتاحًا سعيدًا، قد يكون يقاسي ويتعذب ولكن في صمت، وما تدرين أنه نفسه يراك أنت تتمتعين بأشياء يفتقدها هو؟ وهذا معنى قول عمر رضي الله عنه: (لو كشفت حجب الغيب، لما اختار العبد لنفسه إلا ما اختاره له ربه).

أخيرًا، أود أن أشجعك على الاستمرار في البحث عن السعادة والرضا في حياتك، فقد لا تتحقق كل أحلامنا كما نتمنى، ولكن هناك دائمًا فرص للنمو، والتطور، والعثور على السعادة في أماكن قد لا نتوقعها.

أدعو الله أن يعطيك الصبر والقوة، وأن يحقق لك ما فيه الخير في الدنيا والآخرة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً