الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالعجز عن التغيير رغم اطلاعي الواسع على مجالات تطوير الذات

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة، أرجو مساعدتكم في تطوير شخصيتي، وتقييمها وتشخيص حالتي.

لقد مررت بحالات معنوية مختلفة نظرًا لتنوع الظروف الحياتية في مجتمعي؛ مما أدى إلى تكوّن شخصية مختلطة (سمات غير متجانسة، قطبان لا يشبه أحدهما الآخر يجتمعان في شخص واحد!).

يراني المجتمع والأصدقاء شخصًا غير مفهوم، وحسب مقاييس الأخصائيين النفسيين شخصيتي نرجسية، لكني متواضع وأتقبل الرأي؛ عصبي، ولدي هستيريا خفيفة، وتبدد في الشخصية، وتبدد في المحيط.

بعد فترة من تحمل الصراعات النفسية، أصبح لدي طيف من التعقل النفسي بسبب القوة النفسية الناتجة عن الريجيم الغذائي القاسي لأشهر، وحالة نفسية من التناغم الوجداني المتنامي بسبب شلل النوم، مع شعور بذوبان طبقات اللاوعي، ومشاهدة أحداث الماضي كشريط فيديو، مع شعور بالصد والهروب الفطري؛ لأن دخولي منطقة اللاوعي كان مرعبًا جدًا.

عدة مرات وقت الفجر انتابتني ظاهرة الفجر (Dawn phenomenon)، وهي تغييرات هرمونية أدت إلى سعادة عالية، ورغبة في صعود الأماكن العالية، وميول انبساطية زائدة.

في أيام السفر والسياحة، أشعر أحيانًا أني حصلت على كل شيء في الحياة، وهذه سمات ظرفية غير طاغية حاليًا.

حياتي الأسرية والاجتماعية والمهنية مستقرة الآن، لكني أريد أن أكون شخصًا أكثر انفتاحًا وانبساطًا؛ لأني أشعر بالعجز عن التغيير بالشكل المطلوب، رغم اطلاعي الواسع لسنوات على مجالات تطوير الذات.

أعتذر عن الإطالة، أرجو توجيهكم، مع الشكر الجزيل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فهذه المسميات متعلقة بسمات الشخصية، وليس من الضروري أن تكون كلها دقيقة وصحيحة وصادقة. وتعرف أن هنالك الكثير من المدارس المتعلقة بالصحة النفسية، والذي أطلبه دائماً من الناس أن يكون الإنسان أكثر واقعية وأكثر استبصاراً، وألا يحكم على ذاته أحكامًا قد تكون قاسية، وألا يُلصق الإنسان بنفسه مسميات ليست دقيقة وليست منضبطة وتختلف حولها وجهات النظر.

أخي الكريم، احكم على نفسك بمشاعرك وأفعالك وأفكارك، وإن كانت هناك سلبية في الفكر، فيجب أن تطورها لتصبح إيجابية؛ إن كان هنالك نوع من السلبية أو الكدر في المشاعر، فيجب أن تبدلها لتصبح إيجابية، وإن كان هنالك أي اضطراب أو ضعف في الأفعال وبروز عدم الإنتاجية كشيء مغلق، فيجب أن يتطور الإنسان في أفعاله ليكون نافعًا لنفسه ولغيره؛ احكم على نفسك على هذه الأسس، وهي الطريقة التي تطورك من حيث البناء النفسي الإيجابي. والإنسان من المهم جدًا أن يفهم نفسه، ويعرف إيجابياته قبل أن يعرف سلبياته؛ لأن ذلك يساعدك على تطوير الإيجابيات والتخلص من السلبيات، وأن تكون واقعيًا وأن تقبل ذاتك بمحاسنها وإيجابياتها وعللها وسلبياتها.

لكن يجب أن تكون منصفًا لنفسك، لا تقسُ عليها فتتهمها بكل ما هو سلبي، ولا تضخمها لتلبس عليها أيضًا الثوب الانتفاخي وتعطيها أكثر من حقها.

فيا أخي الكريم: التعامل الاجتماعي، والتواصل الاجتماعي، وبناء النسيج الاجتماعي من أفضل الوسائل التي يطور الإنسان نفسه من خلالها، وأن تتمثل بالصالحين وأن تفعل أفعال الناجحين؛ هذا يقلِّص عليك كثيرًا السمات السلبية، وأن تجعل لحياتك هدفًا، وأن تكون دائمًا في المقدمة، أن تنفع نفسك وتنفع من حولك.

أيضًا بر الوالدين وجدناه من أعظم الأشياء التي تؤدي إلى تطوير الشخصية، ومصاحبة الصالحين كذلك، وأن تكون لك آمال وطموحات واقعية، وأن تكون دائمًا متخذًا المنهج الإيجابي منهجًا لك.

اجعل لحياتك معنى، وضع الخطط المستقبلية، وضع الآليات التي توصلك إلى أهدافك؛ هذا مهم جدًا، هذا يحور الشخصية. والأهداف تُقسم إلى:
- أهداف آنية يجب أن يتم تحقيقها في لحظتها، مثلاً: إذا نويت أن تزور مريضًا فاذهب وزره، هذا هدف آني يتحقق، وسوف يكون مردوده إيجابياً جدًا عليك.
- وأهداف متوسطة المدى تكون خلال 6 أشهر، قرر مثلاً أن تحفظ جزأين أو ثلاثة من القرآن الكريم، وأنجز ذلك في هذه المدة، هذا هدف عظيم إن تم إنجازه سوف يعود عليك أيضًا بمردود عظيم.
- وأهداف بعيدة المدى معروفة، هي: إكمال الدراسة، إكمال درجات عليا، والحصول على درجات عليا تعليمية. في مثل حالتك، التخصص يجب أن يكون هدفك، والزواج إن لم تتزوج -أيها الفاضل الكريم- وبناء المنزل، هذه كلها أهداف، وفوق ذلك يكون هنالك الهدف الوجداني، أن أكون دائمًا متفائلاً، وأن أجلب لنفسي السعادة ولغيري، حتى وإن تصنعت السعادة سوف تأتيك السعادة.

ومن الأشياء المهمة جدًا التي أذكرها لك هو أن تطلع بدقة على علم الذكاء الوجداني أو الذكاء العاطفي، هنالك كتاب مشهور لدانيال جولمان، كتبه عام 1995، وهو رائد هذا العلم، وتوجد كتب أخرى اطلع عليها -أخي الفاضل الكريم- وحاول أن تلجأ لما هو ممكن تطبيقه؛ لأن الذكاء الوجداني هو الذي يعلمنا كيفية أن ننفك عن أنفسنا وعن الآخرين بصورة إيجابية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً