الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بيئة الكلية تعج بالمعاصي ولا أجد رفيقًا ملتزمًا، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أنا طالب جامعي في الصف الأول، أشعر بضيق نفسي من كثرة الاختلاط والتبرج بالكلية، وأحاول غض بصري، ولكن البنات بكل مكان تقريباً، ونسبة الأولاد أقل من 10% تقريباً.

في كل الأماكن يوجد شاب وفتاة مع بعضهم يتحدثون ويمزحون، ولا أجد صديقاً في الكلية أو أحداً ملتزماً، حتى أن بعضهم كان يسخر مني لأني أذهب للصلاة وقت المحاضرة، وأنا أخاف أن يُصبح هذا مألوفاً لدي.

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أخي الفاضل- في استشارات إسلام ويب، وأسال الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

أخي العزيز، هنيئاً لك هذا الحرص على الطاعات، وتزكية نفسك، ونسأل الله أن يثبتك على الخير ويلهمك الرُّشد.

أخي العزيز، من أعظم البلاء أن تجد نفسك في بيئة لا تعينك على الخير والطاعات، ويكثر فيها ما يدفعك للانحراف، لذلك فالعبد الصابر والمحتسب والمجاهد لنفسه في هذه الأوساط أعظم أجراً من غيره، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر) فاصبر واسأل الله الثبات على كل حال.

قد أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن المسلم إذا رأى منكراً أن يجتهد في تغييره، بحسب قدرته واستطاعته، فقال: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) فهذه ثلاث مراتب، إما تغيير باليد، فإن عجز عن ذلك فينتقل إلى تغيير اللسان، فإن لم يستطع فتغييره بالقلب، وتغيير القلب يقتضي بغض وكُره هذا المنكر، وتجنب أسبابه والابتعاد عن كل ما يؤدي إلى انتشاره أو بقائه.

أخي العزيز، لا يألف الإنسان أي منكر إلا إذا أصيب بثلاثة أمور:

أولاً: ضعف في الإيمان، يتسبب في التساهل في اتباع خطوات الشيطان حتى يقع في المنكر، أو يرضى به، وهناك أمور كثيرة تسبب ضعف الإيمان، من أبرزها عدم غض البصر، والتساهل في الصغائر.

ثانياً: مجالسة ومخالطة أصحاب المنكر دون نصحهم أو تذكيرهم بخطر فعلهم.

ثالثاً: عدم وجود بدائل الخير والطاعات التي تملأ القلب فتصرفه عن الرغبة في هذا المنكر.

لذلك عليك -أخي الكريم- حتى لا تألف هذا المنكر، عليك أن تجتهد في أن لا تقترب منه أو تخالطه قدر استطاعتك، وان اضطررت لذلك فاجتهد بالالتزام بأدب المخالطة، فتكون للضرورة فقط مع غض البصر.

كذلك اجتهد أن تكون صالحاً مُصلحاً فتنصح وتُرشد، وتُعلم غيرك، ثم توجد لنفسك البديل الذي يعينك على الخير كمرافقة الصالحين، وأهل الخير، فإن لم تجد فاعتزل مكان الانحراف قدر استطاعتك، ولا تُكثِّر أعدادهم بمشاركتهم، وأشغل نفسك بما هو مفيد كالدراسة أو تلاوة القرآن، أو أي عمل فيه نفع وفائدة.

أخيراً -أخي العزيز-: كثرة الفساد وأهله ليست دليلاً على أنهم على حق، والمؤمن الذي يسير على الصراط المستقيم ويجتهد في طاعة ربه هو على الهدى، لذلك لا ينبغي أن تؤثر عليك ضحكاتهم أو سخريتهم، فأنت على الخير، وينبغي أن تفرح وتحمد الله أن جَنَّبك الوقوع في المنكرات، وتفتخر أنك تلتزم أوامر الله تعالى، ولا تشعر بالخجل أو الحرج من ذلك.

كما ننصحك إن وجدت جامعة أخرى لا يوجد فيها اختلاط، أو كان المنكر أخف مما أنت فيه؛ فبادر للانتقال إليها إن استطعت. ثم نوصيك بكثرة الدعاء، والأعمال الصالحة التي تقوي قلبك، لمواجهة هذه الفتنة العظيمة، وطلب العلم الذي يعينك على رد الشبهات والشهوات.

نسأل الله أن يوفقك للخير، ويعينك على الطاعات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً