الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حائر بين البقاء والانتقال لسكن بعيد عن والدي، ما النصيحة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا أقطن في دولة أوروبية، -والحمد لله- عائلتي معي وبجانبي، وتزوجت قبل 9 أشهر، وسعيد في حياتي وزواجي -الحمد لله-، ولا أشعر بالراحة في المنطقة التي نسكن فيها من ناحية الحياة الاجتماعية، وأود الانتقال إلى ولاية أخرى يسكنها العرب، والحياة الاجتماعية فيها أكبر، والمنطقة تبعد 5 ساعات عن والديّ.

بالفعل أنا أبحث عن شقة جديدة، ولكني أشعر بشيء من الذنب، لأني الآن قريب من أهلي ونحاول أن لا تفرقنا الحياة الغربية، وفي نفس الوقت والداي لا يمكنهما الانتقال لعدة أسباب، ويقولان إنهما غير مستائين من انتقالي، إلا إني أعلم أنهما غير سعداء من خلال تصرفاتهما.

لا أريد إغضاب أهلي، وبنفس الوقت أريد أن أفعل مع زوجتي ما نريد، فهل عليّ أي إثم؟ وما سبب شعوري بالذنب في الكثير من الأمور على الرغم من معرفتي أني قد لا أكون مخطئًا؟

أنا أعلم أن السكن هنا غير مشروع، وأحاول الخروج من هذه الدول بأسرع وقت، ولكن لا توجد قدرة في الوقت الحالي مع الأسف.

جزاكم الله كل خير، وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نبيل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى لك التوفيق، وأن يُعينك على بِرّ الوالدين والإحسان إليهما، وأن يُحقق لك الجمع بين مصالح الدين والدنيا.

نشكر لك حرصك على الإحسان لوالديك والابتعاد عمَّا يُحزنهما، وهذا من توفيق الله تعالى لك، نسأل الله تعالى لك المزيد من الخيرات.

ما ذكرتَه فيه قدرٌ وهو المعروف بالفرض أو العدل، وهناك شيءٌ زائدٌ على الفرض وهو النفل والإحسان، والله تعالى يأمر بالعدل والإحسان، يأمر بالعدل أمر إيجاب، ويأمر بالإحسان الزائد على الفرض أمر استحباب وتسابق للخيرات.

الوالدان إذا لم يمنعاك من السفر فسفرك هذا جائز، وليس عليك فيه إثم، ولكن إذا علمت بأنهما يُحبّان البقاء بجانبهما، وليس عليك ضرر في ذلك؛ فإنك ستترك أمرًا من المستحبّات عائدُه عليك كبير، وربما كان سببًا في فتح خيراتٍ كثيرةٍ في حياتك، فإن المبالغة في بِرِّ الوالدين سببٌ لبرِّ الله تعالى لك، فإن الجزاء من جنس العمل، فاحرص على البقاء بجانب والديك ما دمت لا تتضرر بهذا البقاء، وما دمت سعيدًا في حياتك.

لا يُزيّن لك الشيطان الانتقال وما فيه من منافع ما دمت مستقرًّا في حياتك بجانب والديك، فهذا فضلٌ كبيرٌ مَنَّ الله تعالى به عليك، يتمنّاه كثيرٌ من الناس، فإن بقاءك بجانبهما يُمكِّنك بفعل طاعات كثيرة، ولو لم يكن إلَّا رؤية الوالدين وتفقّد أحوالهما، والإعانة لهما بما تقدر عليه، وربما يُسّران كثيرًا بؤرية أولادك بعد ذلك، إلى غير ذلك من الطاعات الكثيرة والحسنات الكبيرة، فلا تُضيّع هذا كلّه بالبحث عن حياةٍ اجتماعية أفضل، هذه نصيحة ليست في دائرة الإثم وعمل الإثم، ولكنها في دائرة الفضل والإحسان وتحصيل الأجور والخيرات.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً