الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اكتشفت أن الخاطب شخص حاسد، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تمت خطبتي منذ سبعة شهور، واكتشفت أن خاطبي شخص حاسد، ولقد أصابتني عينه مرة، وتأكدت من الأمر في مواقف أخرى.

هل أفسخ الخطبة أم هناك علاج للأمر؟ علماً بأني طلبت منه كثيراً أن يذكر الله، ويقول الأدعية الواجب ذكرها، لكنه مرة يفعل وأخرى لا، فماذا يجب علي أن أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ همسة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير وأن يصرف عنك كل مكروه.

بدايةً نقول -أيتها البنت الكريمة- إن العين حق، كما قال الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-، ولكن لا ينبغي أبدًا الاسترسال مع الأوهام، وربط كل شيءٍ نُصابُ به من المكاره بأننا أُصبنا به بسبب العين، فهذه الأوهام إذا تسلّطت على الإنسان لا تزيدُه إلَّا ضعفًا، وهي في الوقت نفسه تُكدّرُ عليه حياته، ويعيش بسببها أنواعًا من الهموم والأكدار.

ينبغي للإنسان المسلم أن يثبّت في نفسه عقيدة الإيمان بقضاء الله تعالى وقدره، على الوجه الصحيح، فيؤمن بأن الله سبحانه وتعالى قد قدّر المقادير والأحداث، قبل أن نخرج نحن إلى هذه الدنيا، فلا يُصيب الإنسان إلَّا ما كتب الله تعالى له، وقد قال الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم: (وَاعْلَمْ أَنَّ ‌الْأُمَّةَ ‌لَوِ ‌اجْتَمَعت عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بشيء لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفعت الْأَقْلَامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ) لا يستطيع أحدٌ أن ينفع أحدًا أو يضرّه إلَّا بإذن الله تعالى وتقديره، هذا أولًا.

ثانيًا: ينبغي للإنسان أن يأخذ بالأسباب التي يُدافعُ بها أقدار الله تعالى بأقدار الله، فقد شرع الله سبحانه وتعالى أن نتحصَّن بالأذكار الشرعية للحماية من العين وغيرها من الآفات، فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُعوّذ الحسن والحسين -رضي الله عنهما-، ويقول: ‌‌(أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَةِ اللَّهِ ‌التَّامَّةِ، ‌مِنْ ‌كُلِّ ‌شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ)، فهذا نوع من الحماية قبل الإصابة بالعين، فينبغي للإنسان أن يتحصّن بالملازمة للأذكار، وخاصة أذكار الصباح والمساء، ونحو ذلك من الأذكار الموزّعة على أوقات اليوم والليلة، فإن ذكر الله تعالى حصنٌ حصين يتحصّن به الإنسان من الآفات التي تُحيطُ به.

ثم شرع الله سبحانه وتعالى الرقية من العين بعد أن يُصاب الإنسان بها، على فرض أنه أُصيب بشيءٍ من ذلك، والرقية الشرعية ما هي إلَّا أذكار وآيات من القرآن الكريم، وأحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتناولها وعملها سهلٌ يسير.

في ظلِّ هذه المعطيات كلها، يتبيّن لك بأن الأمر لا يدعو إلى كبير من التهويل والتعظيم، وخاصّةً فيما بينك وبين الشخص الذي خطبك ورغب فيك للزواج، ويغلب على أنه يحمل لك في قلبه المحبّة، فلا ننصحك أبدًا بأن تفتحي على نفسك هذا الباب من الأوهام، وألَّا تستسلمي لها، ولا تسترسلي معها.

نحن لا ندري كيف تيقنت أو تأكدت من أنه أصابك بالعين، هذه كلُّها لا تزال أمور تحت الاحتمال، فلا ننصحك بأن تفتحي على نفسك هذا الباب، فإنه سببٌ لنفرتك من خاطبك، وربما كراهته وكراهة العيش معه، والشيطان حريص على أن يقطع أي صِلات بين رجل وامرأة، قد اتجهوا نحو الزواج والاستقرار وإنجاب الذرية، فإنه يسعى إلى هدم البيوت بقدر استطاعته.

قد أحسنت حين طلبت من خاطبك أن يُكثر من ذكر الله تعالى ويقول الأدعية، ومع دوام التذكير بذلك فإنه سيحصل منه -بعون الله تعالى- في المستقبل.

نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير، وأن يصرف عنك كل مكروه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً