الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخجل الزائد أبعدني عن المسجد وعزلني عن الناس!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب، وبعد شهرين أصبح في الـ19 من العمر.

أعاني من مشكلة أصبحت خطيرة ومحرجة؛ لدرجة أنها جعلتني أبتعد عن المساجد خوفاً منها، أعاني من الخجل الزائد والشديد، وشخصيتي ضعيفة جداً، ولم أكن في السابق هكذا، فقد كنت محبوباً جداً، ومعروفاً ومحترماً بين الناس، والكل يعرفني بأني شاب خلوق، أصلي كل صلاة بوقتها في المسجد، وأخرج مع رجال الدعوة إلى الله -بفضل الله- إلى أن أتت عليّ فترة لا أعلم ما حصل لي! فجأة بدأ كل شيء يتغير ببطء، أصبحت أخجل من المشي في الشارع، أشعر أني مراقب، وأن الكل ينظر إليّ؛ لدرجة أن وجهي يحمر في الشارع فجأة ويسبب لي الإحراج!

أصبحت لا أذهب كثيراً إلى المسجد، وأيضاً أصبحت أخجل من معارفي وأصحابي، وإن نظر لي شخص، أو تحدث معي حتى لو كان يعرفني وأعرفه جيداً يحمر وجهي وأرتجف، لدي احمرار محرجٌ يحصل بالوجه، ودقات قلبي تجعلني أشعر بالغثيان، وبطني يؤلمني وأرتجف؛ مما يسبب لي الإحراج.

أصبحت إذا أردت أن أشتري شيئاً أخجل بسبب وجود فتيات يبعن، لا أستطيع تحمل النظر لفتاة؛ أحمر بسرعة وأحرج وأتلعثم، أصبحت آخذ أحداً بدلاً عني لأشتري لي ما أريد.

سئمت من كل الحياة، أصبحت أتهاون بالصلاة وأجمعها وأتأخر عنها، وأصلي وأنا جالس! حياتي انقلبت فجأة بعد أن كنت طبيعياً، الخوف والقلق يسيطران عليّ دومًا، أعيش بتوتر بهذا العالم، وأتمنى لو يمر بي العمر بسرعة لكي أكبر وأموت وأرتاح من الحياة وهمومها، عندما يدعوني أحد لحفل زفافٍ من أقاربي أو الناس لا أذهب خوفاً من حدوث فضيحة! وحقاً يحصل فضيحة إن ذهبت، لا أعلم ماذا أقول، اشتقت للمسجد حقاً!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

قد قرأنا رسالتك ونحن نتفهم تماماً ما يحدث معك، ونحب أن نطمئنك، فمشكلتك عارضة، وستزول متى ما فهمتها، وفهمت كيفية التعامل معها؛ لذا ندعوك إلى الهدوء والقراءة بتأنٍ.

أولاً: ما يحدث معك يعرف بالخجل الاجتماعي، وخلاصته: أنّ الإنسان يكون في طبيعته العادية تماماً إذا كان وحده، أما إذا انتقل من عالمه الأصغر إلى غيره تغيرت حالته، وهنا يشعر أن الجميع يطالعه ويراقبه، ويشعر أنه مراقب رقابة شديدة؛ مما يؤثر سلباً على سائر تصرفاته وسلوكه، وهذا يفسر لك عدم ذهابك إلى المسجد حتى لا تختلط بالناس، أو عدم الشراء حتى لا تقع في مشكلة، أو عدم الذهاب إلى العرس حتى لا تحدث على حد قولك: (فضيحة).

ثانياً: هذه الظاهرة قد تكون فردية وقد تكون جماعية، ولا شك أنّ الحالة الفردية أشد من الجماعية، وحالتك يبدو أنها فردية؛ لأنك كنت طبيعياً ثم تغير الحال، ولو كان هناك مؤثرات خارجية لذكرتها لنا.

ثالثاً: هذه الحالة لن تستمر طويلاً فلا تقلق، المهم أن تفعل ما يلي:

1- البداية تكون بالمواجهة: واجه ذاتك بأن ما أنت فيه هو خجل، وأنك ضخمته أكثر مما يستحق، وأنك طبيعي تماماً، وأنّ هذا عارض وسيزول، لا بد من إقناع العقل اللاواعي عندك بذلك، ولا بد من إصدار تحدٍ بداخلك على هزيمة الشعور الخجلي.

2- ابدأ التحدِّي بالتعرف على من يشابهك من أهلك أو من أصدقائك، وبينك وبينه علاقة جيدة وهو يعرفك.

3- تفاعل مع مجموعات ليست كبيرة، بل هي أقرب إلى الدائرة الصغيرة المتنوعة من الأهل وغير الأهل، من المدرسة، أو من الجيران، أو من المسجد.

4- اذهب إلى المسجد مع من اخترتهم من أصحابك، وليس هناك عذر في عدم الذهاب، المهم أن تتعرف على إمام المسجد وأن تصاحبه، وأن تتحدث معه، فهذا سيعطيك ثقة أكبر.

5- حافظ على أذكارك والرقية الشرعية، واجتهد في أن تكون دائماً على وضوء.

وأخيراً: لا تعتبر ما أنت فيه مرضاً، بل وطن نفسك داخلياً أنّ أصل ما أنت فيه من خجل هو أمر ممدوح، لكن المبالغة هي المذمومة، وأنّ هذا عارض وسيزول، وكلما أقنعت عقلك بذلك تقدمت للأمام خطوة.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات