الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقدم لي رجل وأخاف ألا أؤدي جميع حقوقه، فهل أقبل به؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

أشكركم جزيل الشكر على هذا الفضاء الرائع.
أنا في حيرة من أمري وأود فضلًا أن تنصحونني.

أنا دكتورة متخصصة في الصيدلة، قاربتُ الثلاثين من العمر، رفضتُ كل من تقدَّم لخطبتي؛ لأني كنت أنتظر شخصًا ما، ولكنه لم يتقدم.

خطبني منذ ثلاثة أشهر رجل يكبرني بسبع سنوات، غريبٌ ليس من منطقتنا، وقبلت به، وكنت مرتاحة بعد الاستخارة، وإلى الآن ما زلت مستغربة كيف تم الأمر بهذه السرعة، وهناك عدة نقاط تدور في رأسي وتخيفني:

- كبر السن، فرغم أني محبوبة وجميلة، إلَّا أن السن يشكل فارقًا أكيدًا.
- هو ليس من مستواي الدراسي، وأخاف ألَّا يكون هناك توافق فكري بيننا في المستقبل.

في أول أيام التعارف، طلب مني أن أسأل عن كل ما يدور في خاطري، وأجابني عنه، سألته عن منظوره للزواج، وعن تعليم الأطفال وغيرها، وكانت كل إجاباته مرضية بالنسبة لي.

وعدني أنه سيصلح أي شيء قد ينغص حياتنا، وأخبرني بأن غايته من الزواج هي الراحة والاستقرار، وأنه لن يقبل أن يكون هناك خصام أو مشاحنات بيننا، وأنه سيسعى لذلك. أحس أنه يريد فقط أن أرضى، وأخاف أن يكون هذا الأمر فقط لأقبله، ثم يتغيَّر بعد الزواج.

رغم أن لديه راتبًا شهريًا بحكم أنه متقاعد من العسكرية، إلَّا أنه يعمل في السباكة لإتمام بناء منزله وإعفاف نفسه.

وأخبرني بأنه لم تكن له علاقات سابقة، لا في الواقع ولا عبر شبكات التواصل، وأخبرني بأنه مواظب على الصلاة، والظاهر أنه مطيع لوالدته، فقد أحسست برضاها عنه عند زيارتها لنا، وحتى أخته الكبرى أخبرتني بأنه طيب جدًا، لدرجة أنها دعت له بزوجة جوهرة كما قالت.

أخبرني بأنه مُرْهق، وأخاف أن يتوقف تمامًا عن العمل بعد الزواج، وفي الوقت نفسه، هو لا يحب المرأة العاملة، يبدو أن ظروف معيشته كانت صعبة إلى حد ما، فتعوّد على أبسط الأمور والمأكولات، وأنا لا أشبهه، فأنا أسعى دائمًا لتطوير نفسي علميًا ودينيًا واجتماعيًا، لا أحب أن أكون محتاجة، والحمد لله لم أكن كذلك يومًا بفضل الله، وكنت دائمًا عزيزة بين الناس.

تكلَّم مرة بسوءٍ عن طليقة أخيه، ولم يعجبني الأمر، وكان غاضبًا ولا يعرف ما يقول، أو ربما هذا هو أسلوبه، لا أعرف، وأنا بطبعي أتخير الكلمات قبل نطقها، ولا أحب ذكر أحد بسوء، فتلك غيبة.

أريد زوجًا يعينني على أمور الدين والدنيا، وأود بمَن أستطيع طاعة الله فيه، والزواج لا يكون إلَّا بود وراحة نفسية، صحيح أنني لا أكرهه، ولكن في الوقت نفسه لا أحبه الحب الذي يسمح له بالقرب مني، أخاف ألَّا أستطيع إعطاءه كل حقوقه، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آمال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يُبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يُقدِّر لك الخير حيث كان، وبعد:

فقد قرأنا رسالتك جيدًا، وكتبنا التخوفات بجوار الإيجابيات، وظهر لنا ما يلي:
1- الشاب من ناحية العمر ممتاز جدًّا، فهذا الفارق في العمر هو الأنسب للزواج.
2- الشاب متدين، وبار بأمه، وهذا أمر إيجابي جدًّا، فمن كان بارًّا بأهله، فهو لزوجه أبر.
3- الشاب عصامي يجتهد ويعمل، وهذا كذلك أمر متميز.
4- الشاب ليست له علاقات عاطفية، وهذا أمر جيد، فأنت ستكونين عالمه الأوحد -إن شاء الله-.
5- الشاب متفهم ويتخذ الحوار وسيلة، وهذا قد ظهر في اللقاء الذي أخبرك بكل ما عندك من أسئلة.

بقية التخوفات الأخرى إذا ثبت صحة ما مضى، فأمر طبيعي، ولا تجعل صاحبة القرار تتردد لسببين:

1- ليس هناك زوج فيه كل مواصفات الحياة، ولذا دائمًا ما ننصح أن يكون الحكم على المجموع لا الجميع، أي مجموع الصفات لا كل الصفات.
2- أنت صيدلانية وناجحة، وهذا أمر جيد، وسنك الآن مناسب، ولكن التأخُّر أكثر من ذلك يضعف الفرص الجيدة.

ننصحك بما يلي:
1- السؤال عنه أكثر من المحيطين به للتأكد من تدينه وأخلاقه.
2- الاستخارة قبل العقد، وثقي أن الاستخارة لا تجلب إلَّا الخير.
3- الحياة لا بد أن تمر بمنعطفات، تلك طبيعة أي علاقة زوجية، من الجيد أن تتفقا على كيفية إدارة الخلاف متى ما وقع.

4- إن كانت هناك بعض التخوفات الكبرى لا الصغرى كالوظيفة مثلاً، فيمكنك مناقشته فيها قبل الخطبة.

ثم بعد ذلك توكلي على الله ووافقي، فإن أتم الله الزواج فهو الخير، وإن قدَّر الله وصرفك عنه فهو الخير، المهم بعد الاستخارة أن تكون الموافقة.

نسأل الله أن يكتب لك الخير حيث كان، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً