الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تبت من علاقتي بشاب لكنه يراسلني للاطمئنان، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كنت في علاقة محرمة مع شاب، وعاهدني على الزواج، ولكن تعسرت الأمور علينا وأمضينا سنتين على هذا الحال، في السنة الثالثة هدانا الله وقررنا الانفصال مؤقتًا حتى يصلح الله حالنا، وهذا ما حدث، ولكن في ظروف الحرب، أصبح يراسلني كل 3 أشهر أو 4 أشهر للاطمئنان فقط.

هل هذا جائز في ظروفنا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.
أولًا: نهنئك بما مَنَّ الله تعالى به عليك من الهداية إلى الرجوع إلى طريق الحق والتوبة، والإقلاع عن هذه المعصية العظيمة، ونسأل الله تعالى أن يثبتك على هذه التوبة، ويُلهمك رُشدك، ويقيك شرَّ نفسك.

وينبغي أن تشكري نعمة الله عليك، الذي مَنَّ عليك بالهداية، وحبَّب إليك التوبة قبل فوات الأوان؛ فإن الفاحشة -والعياذ بالله- وكذا مُقدّماتها من العلاقات المحرّمة؛ ذنوبٌ وآثامٌ تُعرِّض الإنسان لسخط الله تعالى، وسخطُ الله لا تحتمله السماوات والأرض، فكيف يحتملها هذا الإنسان الضعيف؟!

فإذا مَنَّ الله تعالى عليك بالتوبة فهذا فضلٌ عظيم، فإن التوبة تمحو ما قبلها، كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له". والتوبة تعني: الندم على فعل الذنب في الماضي، والعزم على عدم الرجوع إليه في المستقبل، مع الإقلاع عنه في الوقت الحاضر.

فإذا تاب الإنسان هذه التوبة فإن الله تعالى يمحو ذنبه، بل ويُبدّل سيئاته حسنات.

واعلمي -أيتها البنت العزيزة- أن الشيطان لك بالمرصاد، فإنه كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: "إن الشيطان قعد لابن آدم بأطْرُقِه كُلِّها"، وقد أخبرنا الله تعالى في كتابه الكريم أن الشيطان له خطوات يدعو الإنسان إلى الوقوع في أنواع الجرائم والذنوب، ويستدرجه بخطوات؛ ولذلك حذرنا الله تعالى من اتباع خطواته فقال: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر}.

فهي خطوات بسيطة في أوّلها، ولكنها تنتهي إلى الفحشاء، أي إلى الذنوب البالغة مبلغًا عظيمًا في الفُحش والسوء، ومن ذلك جريمة الزنا -والعياذ بالله- فإن الله تعالى وصف الزنا بأنه (فاحشة) وأنه أسوأ طريق يسلكه الإنسان، فقال: {ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشةً وساء سبيلًا}.

وهذه الفاحشة أوّلُها وبداياتها أمورٌ يراها كثير من الناس سهلة ويسيرة، مثل النظر إلى ما حرّم الله، واختلاء الرجل بالمرأة، وكشف المرأة حجابها أمام الرجل الأجنبي، وفتح باب المحادثات والتواصل بين الشاب والشابة؛ فهذه خطوات يجرُّ الشيطان الشاب أو الشابّة من خلالها للوقوع فيما هو أعظم منها.

فاحذري كل الحذر من أن تسلكي هذا الطريق، وأن تعودي إليه بعد أن مَنَّ الله تعالى عليك بالهداية، فعليك أن تقطعي كل أشكال التواصل مع هذا الشاب، واعلمي أن الله تعالى سيجعل لك مخرجًا؛ فإنه وعد المتقين بذلك فقال: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}، وقال: {ومن يتق الله يجعل له من أمره يُسرًا}.

فإذا كان هذا الشاب جادًّا في الزواج ويريدك زوجةً فإنه سيأتي البيت من بابه، وسيسلُك للمقدور أسبابه، وإذا لم يكن كذلك فستكونين في مأمنٍ من أن يجرّك إلى سخط الله تعالى.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يَمُنَّ عليك بالهداية والصلاح، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي تقرُّ به عينُك وتسكنُ إليه نفسُك.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً