الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ترتجف يدي وصوتي أمام الآخرين، فما نصيحتكم لي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا بعمر 18 سنة، ومشكلتي غريبة: أتوتر، وأخاف من أعراض التوتر، مثل رجفة اليد والصوت الذي يظهر أمام الآخرين، وهذا يجعلني أتوتر فعلاً، وتظهر الأعراض حتى في مواقف يسيرة.

منذ بداية دراستي وأنا أقرأ بفصاحة، وصوت عال، واستمر هذا الشيء 10 سنين، ولكن من موقف واحد ارتجف صوتي فيه؛ صرت أخاف من القراءة لكي لا أرتجف مرة ثانية، وكل مرة يجبرني المدرس على أن أقرأ، فأتوتر!

موقف حصل لي منذ سنة، كان عندنا ضيافة وتجمع كبير، ومن التعب يدي ارتجفت وأنا أصب القهوة، ومن كثرة التفكير والخوف صرت كل مرة أصب فيها القهوة أتوتر، وترتجف يدي، وأنا كنت طبيعياً، لكن كثرة التفكير جعلتني أخاف من مواقف يسيرة.

رأيت عشرات الفيديوهات على عدة مواقع لتخفيف التوتر، لكني ما استفدت منها، وحالتي تزداد.

أرجو أن تفيدوني بعلاج أو دواء يخفف أعراض التوتر، لأني لا أتوتر من الناس، أنا أخاف أن تظهر عليّ أعراض التوتر!

وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صالح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أخي الفاضل- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.

نعم -أخي الفاضل- إنَّ ما تعاني منه هو الرهاب الاجتماعي، والذي يترافق مع نوبات الهلع أو نوبات الذعر، ولكن بشكل أساسي ما تعاني منه هو الرهاب الاجتماعي، وهو من أكثر أنواع الرُّهاب انتشارًا بين الناس، وإن كان معظمهم لا يتحدّث عنه، خشية أن يُستهزأ بهم.

أخي الفاضل: في كثير من الأحيان يكون الشاب طبيعيًّا، وكما ذكرت فأنت كنت قادراً على القراءة بفصاحة، وبصوت عالٍ، ولكن حادث واحد -حيث شعرت برجفة الصوت- أحدث عندك هذه الرهبة من لقاء الناس، أو الحديث أمامهم، كما حصل معك في هذين الحادثين، ومنها رجفة اليد وأنت تصبّ القهوة.

الخطأ الذي يقع فيه الكثير أنهم يبدؤون بتجنّب هذه المواقف التي تُسبب لهم هذا التوتر والقلق، ورويدًا رويدًا يجد الإنسان أنه قد انسحب من كثير من المواقف والحياة الاجتماعية، خوفًا من رجفة الصوت أو التوتر والارتعاش.

أخي الفاضل: هذا خطأٌ، نعم تجنُّب هذه المواقف يُساعد في وقتٍ قصير، حيث إنك تحاول أن تتجنّب حصول مثل هذه المواقف المحرجة، ولكن على المدى الطويل هذا التجنُّب لا يُفيد، بل يزيدُها تعقيدًا، وتزداد عندك المواقف التي تُشعرك بمثل هذا التوتر ورجفة الصوت.

أخي الفاضل: عكس التجنُّب هو الإقدام والمواجهة، فخيرُ علاجٍ لمثل هذا الرُّهاب هو العلاج السلوكي، عن طريق مقاربة ومواجهة مثل هذه المواقف، والإقدام عليها وعدم تجنُّبها.

نعم في بداية الأمر ستشعر أن الأمر مُقلق، وأنك تشعر ببعض التوتر والقلق، ولكن مع الوقت ستعتاد مثل غيرك، وبعون الله ستخرج من كل هذا الرُّهاب، وتعودُ إليك ثقتك بنفسك التي كانت عندك، بحيث إنك تقرأ بصوتٍ عال، وبفصاحة، دون رجفة صوت أو ارتعاش، وكذلك تعود إلى ما كنت عليه من إمكانية صبِّ القهوة من دون رجفة اليد.

خيرُ ما أنصحك به هو عدم التجنُّب، وإنما الإقدام بالرغم من هذه الصعوبات والتحدِّيات.

أمَّا موضوع الأدوية: فنعم هناك أدوية يمكن أن تُساعد في ذلك الموقف، منها دواء (اندرال Inderal) عشرة مليجرام، يأخذه عادةً مَن يُعاني مثل هذه المواقف، ساعة قبل هذا الموقف الذي تتوقع أن تشعر فيه بالحرج، وهذا الدواء الإندرال يُخفي فقط الأعراض الظاهرة البدنية، كرجفة اليدين، أو التعرُّق، أو الارتباك، وإن كنتُ لا أنصحك بهذا، وخاصة أنك في هذا السِّن من الشباب، وبإمكانك تخفيف كل هذا والخلاص منه عن طريق ما ذكرتُه لك من المقاربة السلوكية.

أدعو الله تعالى أن يوفقك ويكتب لك تمام الصحة والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً