الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف من الحياة التي بعد الموت، فهل هذا شعور طبيعي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هناك أمر يشغلني كثيرًا؛ وكلما فكّرت فيه أشعر بالخوف، وغصة في قلبي.

بمجرد أن يخطر في بالي أن بعد الموت حياة أبدية لا نهاية لها، ينتابني خوف شديد، ويصل أحيانًا إلى حد البكاء، وأشعر بضيق في صدري، فكيف يمكنني أن أفهم هذا الشعور، وهل هو أمر طبيعي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

ليس هناك ما يدعوك إلى هذا الخوف المرضي، أو أن تشعر بغصّة في قلبك تجاه الحياة الأبدية، والمقصود بها: حياة النعيم والجنة، فهذه -بإذن الله تعالى- يستمتع بها كل مؤمن ومسلم.

المقصود من هذا المفهوم: أن الدنيا فانية، وأن الآخرة هي الباقية، وأولى خطوات الإنسان نحو الآخرة هي الموت، ثم حياة البرزخ، ومن ثم الجنة ونعيمها للمؤمنين والمسلمين -إن شاء الله تعالى-.

لذا لا بد أن تُبَسِّط هذا الأمر في تفكيرك، وألا تُعقِّده أو تُشعِّبه، أقصد أن تفهمه على أساسياته، وحسب ما هو متاح ومعروف من المعارف الشرعية، فتبسيط الأمور يعين على طمأنينة القلب.

وأرجو أن تجلس مع إمام مسجدك، أو أحد المشايخ أو العلماء، ممن يستطيع أن يشرح لك هذا الأمر بدقة وتفصيل أكبر، ويوضح لك أن الحياة الأبدية والباقية لا تشبه هذه الحياة التي نعيشها، فهناك لا تعب ولا نصب ولا وصب للمسلم، وإنما هي حياة قد جملها الله لعباده المؤمنين.

لا تخَفْ -أيها الفاضل الكريم-، وإن كان لا بد من الخوف، فليكن خوفًا مُحفِّزًا، يُشجِّعك على العمل لما بعد الموت، وعلى الاجتهاد في العبادات، وطاعة الله وخشيته، وفعل الخيرات، وعمل الصالحات، واكتساب الحسنات، فهذا هو ما ينبغي أن يكون دَيدَنَ الإنسان، لا أن ينساق وراء متاع الدنيا فيُضَيِّع آخرته، فليس هناك ما يدعوك إلى الخوف أبدًا.

أما الشعور بالغصّة التي ذكرتها: فأعتقد أنه ربما تكون ناتجاً عن بعض التشويش أو الوساوس التي أثّرت في تفكيرك وطغت عليه، وربما يعود ذلك إلى عدم امتلاكك للمعلومات الشرعية الصحيحة؛ مما جعلك تعيش هذه الحالة من الخوف، خاصة من جهة شعور غصّة القلب.

فأنا أرجو منك -مرة أخرى- أن تجلس مع إمام مسجدك، أو أحد العلماء أو المشايخ، و-إن شاء الله تعالى- سيفيدك كثيرًا في هذا الباب، ويوضح لك مفهوم الحياة في الآخرة، والحياة في الدنيا.

لا يوجد ما يدعوك للخوف أو البكاء، وإنما أنت بحاجة فقط إلى تصحيح مفاهيمك، وأن تعيش حياتك بقوة، وعمل، ورجاء، وأن تعمل للحياة الأبدية بكل ما تستطيع، وهذا في حدِّ ذاته يجعل تفكيرك إيجابيًا وسليمًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات