الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أشعر بالفرح ولا أعيش الحياة كما ينبغي بسبب الوساوس!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني من وسواس قهري شديد منذ حوالي أربعة عشر عامًا، وقد مرّ بي الوسواس في مختلف الأمور تقريبًا، جاءني في أمور الدين، وتغلّبت عليه بحمد الله، وفي أمور أخرى وتغلّبت عليها أيضًا، لكن بقيت معاناة الوسواس اليومية تقتلني، لا أشعر بالفرح، ولا أعيش الحياة كما ينبغي.

الوسواس يلاحقني كل يوم، يتمثل في تكرار الأفعال، سواءً عدّ الأرقام، أو تكرار أفعال معينة، بشكل قهري، لا أقدر على دفعه.

وبجانب الوسواس، هناك قلق شديد وخوف دائم، فكل لحظة أفكر في أمر ما وأخاف منه، وإذا تغلّبت على ذلك الخوف، جاءني غيره. أنا متعب جدًّا، ومكتئب للغاية، ولا أشعر بالحياة.

بدأت قبل يومين في تناول دواء "بروزاك"، لكنني في حاجة ماسّة إلى خطة علاج واضحة؛ أنقذوني من هذا الوسواس، أريد علاجًا ألتزم به، وأحتاج إلى شيء يخفف من قلقي وخوفي، فقد أصبحت حياتي ثقيلة لا تُحتمل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا جزيلاً على سؤالك واهتمامك بالموضوع، وسعيد لأنك تواصلت معنا لطلب المساعدة أو التوضيح؛ فهذا يدل على حرصك ورغبتك في فهم المشكلة أو الحصول على الدعم المناسب، فلا تتردد في الاستمرار بالسؤال أو التوضيح؛ لأن كل سؤال منك مهم ويُظهر اهتمامك بموضوعك الصحي أو النفسي.

ذكرت في رسالتك أنك تعاني من الوسواس القهري منذ حوالي أربع عشرة سنة، وعبّرتَ أيضًا عن العديد من الجوانب الإيجابية، ومنها أنك استطعت في فترات سابقة التغلب على وساوس ارتبطت بالدين، وكذلك وساوس متعلقة بالأرقام وغيرها، وهذا أمر مبشّر؛ لأن قدرتك السابقة على التحكم في هذه الوساوس تعني أن إمكانية السيطرة على الأعراض الحالية واردة وممكنة بإذن الله.

ذكرتَ كذلك أنك تعاني حاليًّا من قلق زائد، وتخشى من الانتكاس والعودة إلى نفس المسار، وتشعر بشيء من الاكتئاب، وهذه الأعراض كثيرًا ما تكون مصاحبة للوسواس القهري، فغالبًا ما تصحبه نوبات من القلق الشديد، وقد تؤثر سلبًا على المزاج العام، وأحيانًا تُفضي إلى حالة اكتئاب.

وفي مثل حالتك – خاصة بعد استمرار الوساوس لسنوات طويلة – يكون من المهم مراجعة طبيب نفسي مختص ليقوم بتقييم شامل للحالة، ومن ثم وضع خطة علاجية متكاملة للتحكُّم في الوساوس بشكل مستمر وثابت.

أشرتَ في رسالتك أيضًا إلى أنك بدأت مؤخرًا باستخدام دواء (بروزاك، Prozac) واسمه العلمي (فلوكسيتين، Fluoxetine)، وهو من الأدوية المعروفة والفعالة في علاج الوسواس القهري، وله نتائج إيجابية موثقة، لكن من المهم أن يكون تناوله تحت إشراف طبي مباشر.

كما يجدر التنبيه إلى أن الوسواس القهري غالبًا ما يحتاج إلى جرعات أعلى من تلك المستخدمة لعلاج الاكتئاب أو القلق العام، فجرعة 20 ملغ التي بدأت بها قد تكون مفيدة للقلق، لكنها غالبًا لا تكفي وحدها لعلاج الوسواس القهري؛ لذا يحتاج الطبيب إلى ضبط الجرعة حسب الاستجابة وحسب ظهور أي أعراض جانبية.

كما أن من الأفضل أن تُدعّم الخطة الدوائية بعلاج نفسي سلوكي معرفي، حيث تُوجد برامج فعالة للمساعدة على التحكم في الوساوس وتغيير طريقة التفكير الوسواسي؛ مما يعزّز من نتائج العلاج الدوائي ويقلل احتمالية الانتكاس.

ولا نغفل هنا أهمية الجانب الروحي، والاستعانة بالله تعالى، والإكثار من العبادات التي تُساعد على التوازن النفسي، والاطمئنان القلبي، وخاصة في حالات الوساوس المرتبطة بالدين.

نسأل الله أن يوفقك، ويمنّ عليك بالشفاء التام والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً