الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج بغرض الإعفاف دون تحمل المسؤولية، ما توجيهكم في ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هل هناك مانع من أن أتزوج لأعفّ نفسي، مع الاستمرار في المبيت في بيت أهلي، وتبيت الزوجة في بيت أهلها، مع وجود لقاءات دائمة بيني وبينها بطبيعة الحال، إلى أن أنهي دراستي الجامعية، وأحصل على وظيفة، ثم ننتقل إلى بيت مستقل -بإذن الله-؟

وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخانا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك بالموقع، ونسأل الله تعالى أن يكفيك بحلاله عن حرامه، وييسّر لك العفاف، ونشكر لك حرصك على إعفاف نفسك بالحلال، وسعيك لذلك، ونحن على ثقة من أنك ستُعان وتوفّق -بإذن الله تعالى-، فإن الله تعالى معينٌ كلَّ من أراد طاعته، وجاهد نفسه في سبيل مرضاته.

فقد قال سبحانه في كتابه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]، وقال في خصوص الزواج: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 33]، وفي هذه الآية -كما يقول العلماء- إشارةٌ إلى أن الله سبحانه وتعالى سيغني هذا الإنسان الذي يريد العفاف بالزواج ولكنه لا يَقدر عليه، ونسأل الله تعالى أن يجعل لك من ذلك حظًا وافرًا.

وبخصوص ما سألت عنه من إمكانية الزواج مع عدم وجود بيت يجمعك بزوجتك؛ فالجواب أن الزواج الشرعي الذي تحلُّ به المرأة لك وتُصبح زوجة، هو عقد له أركانه وشروطه، فلا يصح إلَّا إذا توفّرت هذه الأركان، ومن هذه الأركان: الولي، والشاهدان؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَي عَدْلٍ".

وهناك شروط في الزوجة: أن تكون صالحة لأن يُعقد عليها عقد الزواج، وأن تكون راضية بهذا الزواج، وشروط في الزوج.

فإذا وُجد في هذا العقد أركانه وشروطه، فهو عقد صحيح، وليس من شرط صحة الزواج قُدرة الزوج على إسكان زوجته في بيت مستقل، أو قُدرته على الإنفاق عليها، فهذا شيء من حقوقها، فإذا تنازلت عنه فهذا لا يُؤثر على عقد الزواج، فعقد الزواج صحيح ما دامت قد توفرت شروطه وأركانه، ومن حق الزوجة أن تتراجع عن هذا التنازل في حق السكنى والنفقة، متى أرادت أن تتراجع وتطالب بحقها فلها الحق في ذلك.

وبهذا تعلم أنه بإمكانك أن تتزوج بهذه الصفة التي ذكرتها في سؤالك، ولكن بشرط أن يتولى عقد الزواج وليّ المرأة، وبحضور شهود، وإذا لم يكن هناك وليّ لهذه المرأة، فالحاكم هو وليّ مَن لا ولي له، كما ورد بذلك حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإذا كنتم في بلد لا توجد فيه محاكم شرعية، فبإمكانكم الرجوع إلى من يتحاكم المسلمون إليه من أهل العلم ونحو ذلك.

نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يُيَسِّر لك أسباب الرزق والعفاف.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً