الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحادثت مع شاب في أمور الدين، فهل ما فعلته خطأ؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة، وقد أرسل لي شاب فاجر منذ يوم صورًا غير لائقة –ذات طابع جنسي–، مع أنني لا أعرفه، وتواصل معي على الخاص، فقمت على الفور بحظره، وأبلغت مشرف المجموعة ليقوم بحذفه.

عندما تواصلت مع مشرف المجموعة -وهو شاب ملتزم- حدّثني عن أهمية الالتزام بالأذكار وقراءة القرآن، حتى لا أتأثر بما رأيته من تلك الصور الفاحشة التي أرسلها ذلك الشاب الفاجر.

ثم تحدثنا بعد ذلك عن خطورة هذه الصور ومدى تأثيرها على الشباب، وكيف تزرع في أذهانهم أفكارًا سيئة، قد تؤدي بهم إلى الوقوع في الاستمناء، أو غيره من السلوكيات المحرّمة، وكنا نبحث عن حلول، من بينها الدعاء لله أن يخلّصنا منها.

حتى شعرنا أن الحديث بيننا عبر المحادثات قد يكون حرامًا، وقد أخبرني هو بذلك، فاتفّقنا على حذف المحادثة، وأن يستغفر كلٌّ منا ربه، وقد فعلنا ذلك بالفعل، ولم نتحدث بعدها مطلقًا.

الآن أشعر بالندم، وفي الوقت نفسه أشكّ في كون ما فعلناه حرامًا؛ لأننا لم نتبادل كلمات غزل أو كلامًا فاحشًا، بل كان حديثنا يدور حول كيفية التخلص من آثار الشهوة.

فهل يُعتبر ما فعلته خاطئًا؟ علمًا أنني وهو ملتزمان، ولم يصدر مِنَّا كلام غير لائق، وأنهينا الموضوع بسرعة، ولم نسترسل في الحديث.

أفيدوني –بارك الله فيكم– فأنا عادةً لا أتحدث مع الشباب مطلقًا، ولكن هل مجرد الحديث بين الفتاة والشاب يُعد حرامًا، أم أن الكلام بينهما لا يكون محرّمًا إلَّا إذا كانت هناك علاقة حب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولًا: لا بد أن تعلمي أن دخولك في مجموعة (جروب) فيها اختلاط بين الرجال والنساء فيه محاذير عديدة؛ لأن الأصل أن تتواصل الفتاة مع النساء، وأن يتواصل الشاب مع الرجال.

فكونك في مجموعة فيها اختلاط بين الرجال والنساء يُعد خطرًا عليك، والدليل على ذلك أن هذا الفاجر - كفاك الله شره وهداه- استغل معرفة رقمك من خلال المجموعة، وأرسل لك هذه الصور الفاحشة -حسب تعبيرك- على الخاص، فلولا دخولك للمجموعة لما استطاع أن يصل إليك.
فخذي الدروس والعبر، وغادري المجموعة، واقتصري على المجموعات النسائية النافعة، إلا إن كانت مجموعات عامة ضرورية، مثل مجموعات الجامعة؛ فهذه ضرورة، وللضرورات أحكامها الخاصة.

ثانيًا: ما يتعلق بسؤالك عن حديث الفتاة مع الشاب، فيوجد فرق بين الحديث المباح والحديث المصحوب بالعشق والغرام، فالجواب كالآتي:

1. حديث الرجل مع المرأة في حدود الحاجة والضرورة:
مثل المعاملات الحياتية، وأماكن الاستقبال في الدوائر الحكومية، والمستشفيات، وغيرها؛ هذه الأمور تتطلب التواصل، ويكون ذلك للحاجة وبالأدب، دون خضوع أو ميل، كما قال تعالى: {وَلَا يَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}، وهذا جائز في حدود الشرع.

2. الحديث بين الرجل والمرأة خارج إطار الحاجة والضرورة:
غير جائز، ولا سيما في وسائل التواصل الاجتماعي، ولو كان كلامًا مباحًا، أو كان الرجل والمرأة ملتزمين، فهذا التواصل محفوف بالمخاطر؛ فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وهو لا يوقع الإنسان في المعصية من الوهلة الأولى، بل يبتدئ بخطوات حتى يوقعه في المعصية، فيبدأ بالحديث عن الخير، والالتزام، والنصيحة، ثم يتبعه بخطوات حتى يوقعهما في الحب والغرام، وربما يؤدي ذلك إلى الوقوع في الفاحشة.

والإنسان مفطور على ميل الرجل للمرأة، والمرأة للرجل، مهما قوي إيمان الإنسان، كما قال تعالى: {وَخَلَقَ الإِنْسَانَ ضَعِيفًا}.

وقد أحسنت حين شعرت بالخطأ من كلامك مع هذا الشاب الملتزم -حسب قولك- وبالتالي أنصحك فورًا بالتوقف عن التواصل معه، وقد ذكرتِ أنكما تكلمتما عن الصور الفاحشة وما تقود إليه من الاستمناء!! فهذا الكلام لا يجوز لأنه باب فتنة، حتى وإن كان ظاهره الخير والنصح! كما أن هذا التواصل ليس بعلم أهلك، فكيف لو عرفوا ذلك؟! فأقبلي على الطاعة حتى يرسل الله لك زوجًا صالحًا يعينك على الخير.

3. الحديث بين الشاب والفتاة إذا كان عن علاقة حب وغرام:
لا يجوز للفتاة المسلمة أن تقيم علاقة حب مع شاب؛ فهذا حرام، ومن مصائب هذه الأزمان بسبب وسائل التواصل الاجتماعي، فعلى الفتاة المسلمة أن تتقي الله تعالى حتى يرسل لها زوجًا صالحًا، يأتِ البيوت من أبوابها.

وفي الختام: أسأل الله -عز وجل- أن يثبتك على الالتزام، وأن يرزقك الزوج الصالح، آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً