الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الحبة السوداء شفاء لجميع الأمراض، حتى النفسية منها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحبة السوداء هي شفاء لكل داء، كما قال رسولنا الكريم ﷺ، فهل هي شفاء للأمراض النفسية أيضًا؟ وما هو السنا والسانوت؟ وهل توجد أشياء أخرى مثل الحبة السوداء والسنا والسانوت أخبرنا بها رسول الله ﷺ؟ وهل يمكنكم إخباري بالطريقة المثلى لتناول كل واحدة منها؟

وشكرًا جزيلًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مروة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولًا: كلام أهل العلم في معنى قوله ﷺ «الْحَبَّةِ ‌السَّوْدَاءِ ‌شِفَاءً ‌مِنْ كُلِّ دَاءٍ» (رواه البخاري ومسلم).

أجمع العلماء وشراح الحديث على أن هذا لا يعني أنها تُشفي كل الأمراض على الإطلاق، بل المراد أنها شفاءٌ من أكثر الأمراض، أو من كل داءٍ يُمكن أن يُعالج بها بحسب نوعه وطبّعه وطريقة استعمالها، وبإذن الله تعالى.

قال الإمام النووي -رحمه الله- في شرح مسلم: "قوله ﷺ: «فِي الْحَبَّةِ ‌السَّوْدَاءِ ‌شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ»، المراد من الأدواء التي يمكن أن يُشفى منها به؛ فإنها تنفع من أدواءٍ كثيرة، ولا يلزم من هذا عموم جميع الأمراض."

وقال ابن حجر العسقلاني -رحمه الله- في فتح الباري: "المراد بالشفاء فيها من كل داءٍ أنها تصلح للداء بالخاصية أو بالتجربة، أو يكون المراد أنها شفاءٌ من كل داءٍ يقع من البلغم، لا من كل داءٍ مطلقًا، والكلّ بإذن الله".

وقال ابن القيم الجوزية -رحمه الله- في زاد المعاد: "الحبة السوداء نافعةٌ من أمراضٍ كثيرةٍ بحسب طبع المريض واستعمالها واعتدال المزاج؛ فإنها شفاء من كل داءٍ بإذن الله، لمن صدّق بقول النبي ﷺ، وأحسن استعمالها في الوقت والقدر المناسب".

فالمقصود أن الحديث إخبارٌ عن بركةٍ عامةٍ فيها، لا أنها تغني عن سائر الأدوية أو الطب الحديث.

ثانيًا: السَّنَا والسّنوت:
- السَّنَا: هو نبات معروف «عَلَيْكُمْ ‌بِالسَّنَا وَالسَّنُّوتِ، فَإِنَّ فِيهِمَا شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا السَّامَ» (رواه ابن ماجه)، والسَّنَا معروف بأنه ملين طبيعي قويّ ينظّف الأمعاء من السموم، قال ابن القيم: "السَّنا من أنفع الأدوية للمعدة، ومن الأدوية المباركة".

- السَّنُّوت: اختلف العلماء في معناه، والأرجح أنه العسل، وقيل: الكمون، أو السمن، لكن أكثر المحدثين يرون أن السنوت هو العسل الذي يُخلط بالسَّنا عند التداوي، وهو مما يسهّل شربه ويخفّف أثره.

ثالثًا: أدوية نبوية أخرى عظيمة الذكر:
- العسل قال تعالى: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ}، وهو من أعظم ما شفى الله به الأبدان والصدور.
-التمر (العجوة خاصة)، قال ﷺ: « مَنْ ‌تَصَبَّحَ ‌بِسَبْعِ ‌تَمَرَاتٍ عَجْوَةً لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ» (متفق عليه).
-زيت الزيتون: قال تعالى: {يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ}، وقال النبي ﷺ: «كُلُوا ‌الزَّيْتَ، ‌وَادَّهِنُوا بِه، فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ» (رواه أحمد والترمذي).
-ماء زمزم: قال ﷺ: «‌مَاءُ ‌زَمْزَمَ ‌لِمَا ‌شُرِبَ ‌لَهُ» (رواه أحمد)، فمن شربه بنية الشفاء نال من بركته بإذن الله.
-الحجامة: قال ﷺ: «الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ: ‌شَرْبَةِ ‌عَسَلٍ، ‌وَشَرْطَةِ ‌مِحْجَمٍ، وَكَيَّةِ نَارٍ، وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الْكَيِّ» (رواه البخاري).

هذا كله نافع بإذن الله تعالى، إلَّا أنه لا ينبغي أن يكون بديلًا عن الطب والعلم كما أسلفنا، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً