الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التعامل مع رجوع حالة الرهاب الاجتماعي بعد زمن من علاجها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حالتي النفسية رهاب اجتماعي شديد، وصلت لمرحة أني لم أعد أستطع الكلام حتى مع أهلي وأقاربي، وكنت آنذاك أدرس بالجامعة في السنة الأخيرة ومقبلاً على التخرج، وكانت هذه الحالة فجأة وكانت أهون حتى تفاقمت وكبرت في خلال شهرين من بداية الحالة، ثم أعانني الله إلى أن اتجهت إلى أحد المستشفيات النفسية وجلست ممتثلاً للعلاج لمدة خمس سنوات من قبل الدكاترة، فكنت في خلال هذه المدة فأر تجارب لكثير من الأدوية النفسية حتى كانت السنة الأخيرة من العلاج (زيروكسات)، وعلاج مدعم ممنوع حمله إلا بتصريح لا أحفظ اسمه، لكن في النهاية شفيت تماماً بعد انتهاء المدة من قبل الدكتور، فجزاهم الله ألف خير، لكن رجعت انتكاسات من ضمنها تقلصات في الحنجرة وانقطاع الصوت، خاصة عندما أؤم بالناس في الصلاة، وكذلك عندما يكون لدي دور في بعض الاجتماعات، وصرت أستخدم سيروكسات عند الحاجة فقط، وله دور فعال، لكن بصفة عامة حالتي أصبحت بنسبة 90% ممتازة، لكن السؤل: كيف أقضي على هذه الحالة أو استئصالها كلياً؟ وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طاقة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

أخي! الحمد لله، ومن فضل الله تعالى أن حالتك بالرغم من شدتها في الماضي إلا أنك قد شفيت منها لدرجة كبيرة، وما انتابك الآن لا نقول: إنه انتكاسة، إنما هو رجوع بسيط للحالة؛ لأنه يعرف عن المخاوف -والمخاوف هي في الأصل نوع من القلق- ربما ترجع في بعض الحالات للشخص الذي لديه الاستعداد لذلك.

أخي الكريم! أولاً: لا باس مطلقاً بالرجوع إلى تناول الزيروكسات، ولكن لا تتناول الزيروكسات عند الحاجة؛ فالزيروكسات لا يتم تناوله عند اللزوم، لابد من الالتزام به بمعدل جرعة يومية؛ لأنه يعتمد على بناء كيمائي معين، كما أن عدم الانتظام في تناوله يؤدي إلى آثار انسحابية تتمثل في ظهور قلق وربما شعور بالدوخة.

فإذن أخي الكريم: الذي أرجوه منك الآن أن تأخذ البروزاك بجرعة حبة واحدة في اليوم، هذه سوف تكون جرعة كافية، استمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفضها إلى نصف حبة، وهذه جرعة بسيطة وصغيرة جداً، استمر على نصف الحبة لمدة ستة أشهر، ولابد أخي أن تركز على الجوانب السلوكية، هذه تساعد على انقطاع الحالة مع الدواء طبعاً، العلاج السلوكي يتمثل في المواجهة، يتمثل في تحقير فكرة الخوف الاجتماعي والرهاب الاجتماعي، ومن المهم جداً ألا تراقب ما تقوم به.

بالطبع في الصلاة لابد للإنسان أن يكون مطمئناً وخاشعاً، ولابد أن يؤديها كما هو مطلوب، وكما وصفت، ولكن أخي لا تراقب أداءك أيضاً الأداء المطلق الشديد؛ لأن المراقبة الشديدة حتى في أداء الصلاة تقلل من أداء الإنسان في الكثير من الأحيان، فأرجو أن تكون وسطياً في فرض الرقابة على ذاتك.

فما يخص مراقبة القلق ومراقبة التوتر: أنت حين تراقب أداءك هذا يقلل من مقدراتك، هذا شيء معروف جداً، فاترك للأمور -كما ذكرت لك- أن يكون فيها نوع من العفوية.

أخي! أيضاً لابد أن تركز على العلاج السلوكي التأملي، اجلس يومياً لمدة عشر دقائق إلى ربع ساعة، وحاول أن تستعيد هذه المخاوف في ذاكرتك، ثم بعد ذلك أجرى حواراً مع نفسك، وهذا الحوار يجب أن ينتهي بأن تقتنع قناعة كاملة أن هذه الوساوس وهذه المخاوف هي أمور سخيفة، وهي يجب ألا تشغلك، وأنت أقوى منها، ويجب ألا تعطلك، وآلاف الناس تقوم بما تقوم أنت به دون أي معاناة والذي أود أن أؤكده لك أخي الكريم أن الكثير من الإخوة الذين يعانون من المخاوف الاجتماعية والقلق الاجتماعي يعتقدون أن الآخرين يراقبونهم، يعتقدون أن هنالك نوعاً من الرصد لتصرفاتهم، ويعتقدون أنهم سوف يفشلون أمام الآخرين، فهذا ليس حقيقة يا أخي، ودائماً هنالك مبالغة في استقبال الناس لمشاعر الخوف لديهم، يأتيني الكثير ويظن أنه يرتعش، ويأتيني من يقول ويظن أنه يتأتى في القراءة، وهذا ليس بصحيح أبداً، لقد صليت خلف أحد الإخوة وكان يعتقد أنه لا يحسن القراءة، وأنه يتأتى، وأن القلق عليه ظاهر، ذهبت بنفسي وصليت خلفه، فكان أداؤه ممتازاً، فإذن أخي الكريم: أرجو أن تصحح المفاهيم، هذا أمر ضروري جداً، وأرجو ألا تستاء أبداً باستعمال الدواء، فهذه جرعة بسيطة وهي تعتبر جرعة وقائية، وأنا على ثقة كاملة أنك حين تبني نمطاً سلوكياً يقوم على تحقير المخاوف ومقاومتها سوف تنقطع هذه المخاوف وتنتهي بإذن الله تعالى.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً