الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية إقناع الزوج بأطفال الأنابيب بسبب انسداد لديه

السؤال

السلام عليكم.

أنا متزوجة من 5 سنوات ولم أنجب حتى الآن فعند مرور سنة من زواجي ذهبت لعمل التحاليل والحمد لله سليمة ولكن بعد مرور سنة أخرى أقنعت زوجي بصعوبة لعمل التحاليل.

وأدركنا أنه يوجد لديه انسداد كما قال لي ولا أعرف ماذا يعني انسداد؟ فهو لا يحب التكلم في هذا الموضوع أبداً، وهذه هي مشكلتي معه؛ لأنه لا يحب التكلم في أي شيء يخص هذا الموضوع حتى معي، ولكن بعد مرور كل هذه المدة لم أطق الانتظار أكثر من ذلك، وحاولت التكلم معه ولكن لا يعطيني الفرصة حتى أقول له عن أطفال الأنابيب، وخاصة أننا والحمد لله ميسورون مادياً.

ولكن هو يعتبر أن هذا الموضوع يجرح كرامته! فهو إنسان حساس للغاية، أرجو منكم الدعاء له وإفادتي ماذا أفعل معه ولا أجرحه فإني أحبه
أحبكم الله.

وشكراً لكم وآسفة على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم الهنا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نتحدث في البداية من الجانب الطبي ونقول إن تأخر الإنجاب في مثل حالة زوجك والذي تقولين بسبب انسداد فمعنى ذلك أن هناك انسداداً في الأنابيب الناقلة للحيوانات المنوية من الخصية إلى قناة مجرى البول للخروج في السائل المنوي وبالتالي عند فحص السائل المنوي نجده خالياً من الحيوانات المنوية وبالتالي لا يحدث الإنجاب بشكل طبيعي بالرغم من سلامة حجم الخصيتين وإنتاجهما للحيوانات المنوية بشكل طبيعي وكذلك سلامة الهرمونات.
ويكون الحل في هذه الحالة أمرين هما:

1- إجراء عملية للتخلص من هذا الانسداد، ولكن لا تعمل هذه العمليات في الوقت الحالي نظراً لتناقص نسب نجاحها وحدوث مشاكل منها.

2- القيام بعمل حقن مجهري من خلال الحصول على الحيوانات المنوية بشكل مباشر من الخصية ومن ثم تلقيح البويضة المحضرة وذلك هو أنسب الطرق لعلاج هذا الأمر بإذن الله.

وحتى لا يلوم الزوج نفسه ويرفض أي علاج وهو أمر نفسي بحت نجده مع كثير من الرجال نتيجة إحساسه بنقص الرجولة نتيجة هذا الأمر، فنوضح له أنه ليس له دور في هذا الأمر فسبب هذا الانسداد يكون إما وراثياً أو ناتجاً عن التهابات سابقة، وأن هذا المرض مثله مثل باقي الأمراض كالسكر والضغط فهل نملك في أنفسنا شيئاً؟ وهل لو كان أصيب لا قدر الله بمرض مثل السكر أو الضغط كان سوف لا يأخذ علاجاً؟! فعليك بتوضيح ذلك بهدوء.

والله الموفق.
----------------------------------
انتهت إجابة الدكتور إبراهيم زهران استشاري الجلدية والتناسلية، يليه تعليق المستشار الاجتماعي الشيخ/ موافي عزب على هذا الموضوع:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يصرف عنكم السوء، وأن يوفقكم لكل خير وأن يشرح صدر زوجك بالقيام بالتحليل والفحوصات اللازمة، وأن يمنَّ عليكم بذرية صالحة طيبة مباركة تُدخل الفرح عليكم في الدنيا وتكون حجاباً لكم في الآخرة.

بخصوص ما ورد برسالتك – أختي الكريمة أم الهنا – فإنه فعلاً كما لا يخفى عليك أن الإنسان منا إنما هو أسير بيئته التي نشأ فيها وتربى وترعرع في داخلها، وأحياناً بعض البيئات قد تلقي بعض الأفكار التي تُصبح مع الزمن مكوناً من مكونات النفس الأساسية ولا يستطيع الإنسان أن يتخلص منها حتى مع تقدم سنه ووفرة علمه وتقدم مستواه الاجتماعي والثقافي والمادي، من هذه الأمور كهذه المسألة التي ذكرتها بخصوص زوجك – حفظه الله – فإنه يشعر بأن هذا الموضوع التكلم فيه يجرح كرامته؛ لأن هذه القضية فيما يتعلق بقضية الجنس والإنجاب كانت محاطة في صغره بهالة كبيرة من السرية والكتمان، حتى إنه غابت عنه أمور كثيرة ما استطاع أن يتأقلم معها أو أن يفهمها بالطريقة الطبيعية، وهذا بلا شك خلل وخطأ في التربية التي نُشأ عليها منذ صغره؛ لأنه يرى أن هذا الأمر الحديث فيه من العيوب وأنه يؤثر على نفسيته وأنه يجرح كرامته، إلى غير ذلك من الكلام الوهمي الذي لا أساس له.

فإن هذه المسألة – كما ورد في كلام أخي المستشار الدكتور زهران حفظه الله تعالى – هي عبارة عن مسألة طبية كأي مرض من الأمراض الأخرى، ولكن الناس عادة يستحيون من مرضين اثنين في العموم:

ما يتعلق بالأمراض النفسية ويخافون أن يذهبوا إلى أخصائي نفساني حتى لا يقال عنهم مجانين، والأمر الثاني ما يتعلق بالأمراض التناسلية يخافون أيضاً أن يذهبوا إلى الطبيب حتى لا يقال عنهم إنهم عاجزون جنسياً أو غير ذلك.

رغم أن الأمراض كلها حقيقة خطرها واحد وأن أثرها على النفس لا يخفى، إلا أن هذين المرضين يحتلان مكانة كبيرة من الاهتمام والسرية والكتمان بل قد يضحي الإنسان بأمور كثيرة وسعادة في حياته نتيجة عدم قناعته بالذهاب إلى أخصائي في هذين الأمرين.

ولذلك أقول: زوجك يحتاج إلى إقناع؛ لأن هذه المسلمات بالنسبة له مرت عليه فترة وأصبحت كما ذكرت في حكم المسلمات، فيحتاج منك إلى مناقشة بهدوء واستغلال الفرصة المناسبة للكلام في هذا الموضوع، خاصة بعد مثلاً عملية الجماع وهو يقوم بها فيما يبدو بطريقة طبيعية وبطريقة جيدة، فأنت تثنين على هذه القدرة وتقولين له:

الحمد لله قد أكرمنا الله تعالى ونحن لا نعاني بحمد الله من ضعف وإنما الحياة بيننا طبيعية جدّاً وأنت من فضل الله تعالى إنسان طبيعي ولله الحمد والمنة، ولا تعاني من أي شيء.. وهذا الموضوع أمر بسيط لأنه لا يؤثر مطلقاً في قدراتك فإن قدراتك ليست في محل شك وليست في محل مساومة ولله الحمد والمنة.

ولكن أتمنى أن نفكر بشيء من العقلانية وأتمنى أن تفتح لي صدرك وأن تفتح لي قلبك وأن تستمع مني إلى وجهة نظري، وأن تناقشني فيما أقول؛ لأن هذا الأمر يتعلق بي وبك ونظراً لأني أحبك حباً شديداً أتمنى أن يرزقني الله منك ولداً جميلاً مثلك.

أشعريه بهذا الأمر وقولي له: أنا أريد أن أحمل في أحشائي منك ثمرة طيبة مباركة أظل أعتمد عليها بعد الله تعالى وتذكرني بك في كل لحظة من لحظات عمري، وقولي له: لن يوجد في حياة المرأة ذكرى أجمل ولا أروع من أن يكرمها الله تبارك وتعالى بنبتة طيبة من شخص تحبه وتتمنى أن يكون معها في الدنيا والآخرة.

هذا الكلام الطيب قد يؤثر في نفسه وقد يفكر في ذلك.. ثم بعد ذلك إن قدر الله تعالى وذهب إلى الأطباء وعولج بالطريقة التي أشار إليها أخي الطبيب فالحمد لله ونكون قد كفينا ذلك.

هناك أمر احتمالي وهو أن يكون هذا الأمر نتيجة شيء مما يتعلق بعالم الجن، فإنه من الثابت الآن بما لا يدع مجالاً للشك أن الجان قد يتسلط على الإنسان فيمنعه من الإنجاب وقد يغلق أيضاً منافذ الحيوانات المنوية بل وقد يقتل الحيوانات المنوية، بل إنه قد ثبت أيضاً عن طريق إخواننا المعالجين الثقات أنه قد يوقف عمل عضو من الأعضاء وقد يشلّ تفكير إنسان إلى غير ذلك، فلا يستبعد أبداً أن يكون هذا أيضاً من هذا الباب فلماذا لا نبدأ بالرقية الشرعية، ولذلك أرى أن تعرضي عليه - بارك الله فيك - هذا الأمر أو أن تعرضي عليه الحجامة، فإنه ثبت أنها تنفع - بإذن الله تعالى - في هذه الأمور، أعرضي عليه الرقية الشرعية ما دام يستحي أن يذهب إلى طبيب، من الممكن أن يستقبل أحد الأخوة المعالجين ليقرأ عليه - بإذن الله تعالى - ولعل الله تبارك وتعالى أن يصرف عنه هذا السوء، خاصة وأنكم في المملكة يوجد هذا النوع بكثرة ومن الممكن أن تذهبوا أيضاً إلى مكان بعيد – مدينة غير مدينتكم – وهناك المعالجون في مكة وهناك المعالجون في المدينة، وهذا الأمر سهل ميسور - بإذن الله تعالى -.

احتمال كبير أن يكون هناك شيء يتعلق بهذا، فإن الحسد قد يفعل ذلك، وإن المس قد يفعل ذلك، وإن السحر قد يترتب عليه مثل هذه النتيجة أيضاً.. فإذا لم يكن راغباً في العلاج الطبي – وأنا أفضل أن يبدأ بالرقية الشرعية لأن الرقية الشرعية عموماً إذا لم تنفع لن تضر، فهي كلام الله تعالى وكلام نبيه - عليه الصلاة والسلام - .

أتمنى أن توفقي في إقناعه بذلك وهذا يحتاج منك إلى دعاء وإلحاح على الله تعالى أن يشرح صدره لقبول كلامك، فإن وفقك الله تعالى فلعل وعسى أن يكون من باب الرقية الشرعية وبذلك من فضل الله تعالى يكون الأمر سهلاً ميسوراً وتتحسن حالتكما معاً - بإذن الله تعالى - .

الأمر الثاني: إذا لم يتيسر ذلك فعن طريق الحجامة فإنه ثبت أيضاً أن الحجامة لها أثر طيب جدّاً بفضل الله تعالى في علاج مثل هذه الحالات، وأنا أعرف كثيراً من الحالات المستعصية شفى الله سبحانه وتعالى أصحابها بالحجامة لأنها سنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم .

الأمر المهم وهو دورك – الاجتهاد في إقناعه بالعلاج سواء كان بالرقية الشرعية أو العلاج الطبي أو بالحجامة، هذا دورك أنت – كما ذكرت-

استغلال وقت مناسب أو محاولة التكلم معه بهدوء خاصة بعد أن يقوم بعملية الجماع بجدارة واقتدار ولا يشعر بشيء فتستغلي هذا بأن تقولي له بأنك وضعك طبيعي وإنك إنسان رائع وأنك ما عندك أي مشكلة وهذه القضية بعيدة تماماً عن أن تتهم فيها بشيء لأن هذا من قدر الله تعالى، ونحن نعلم أن الإنجاب بيد الله وأن الذي يهب لمن يشاء ذكوراً ويهب لمن يشاء إناثاً إنما هو الله، وأن الذي يجعل من يشاء عقيماً إنما هو الله، ولكن الله تبارك وتعالى أمرنا بالتداوي على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ما رأيك أن نبدأ مثلاً بالعلاج بالرقية الشرعية، طيب ما رأيك أن نبدأ بالحجامة؟ ثم بعد ذلك تصلين إلى العلاج الطبي وأنا واثق بأنكم - بإذن الله تعالى - ستصلون إلى حل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بقوله: (فإن الله ما خلق داءً إلا خلق له دواء).
وأسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يشرح صدر زوجك لقبول العلاج بأي صفة كانت، وأن يمنَّ عليكم بذرية صالحة، وأن تبشرونا قريباً، مع تمنياتنا لكم دائماً بالتوفيق.

والله ولي التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً