الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خمول الزوج وتكاسله عن أداء مهامه الحياتية بعد ابتلاء أصابه

السؤال

السلام عليكم.

يصاب زوجي كثيراً بشيء من الخمول الشديد في جسده، ولا يريد الحراك إلا للصلاة، حتى أنه يتأخر عن دوامه تكراراً، وأخشى أن يكون في تأخره حرمة، رغم أنه إذا حضر الدوام ينجز عمله بكل إخلاص، ولقد ازداد هذا الخمول بعد ابتلاء أصابه، فماذا أفعل؟ أمره يحيرني ولا أريد جرح مشاعره، أفيدوني أفادكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبد الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله أن يحفظك ويحفظ لك زوجك، وأن يعين الجميع على ذكره وشكره وحسن عبادته، وجزاك الله خيراً على هذا الاهتمام، وشكراً لك على الحرص على الحلال من الرزق، ولا داعي للقلق فهذا الزوج الذي يتحرك للصلاة سوف يعود بإذن الله إلى سيرته الأولى، وأرجو أن تجتهدوا في الدعاء وفعل الخيرات والحرص على رضى رب الأرض والسماوات، وقد قال الله عن نبيه زكريا: (( وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ))[الأنبياء:90] فسبحان من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.
لم يتبين لنا نوع الابتلاء الذي أصيب به زوجك، ولكن المؤمن مبتلى، وعجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، وعلينا أن نراجع أنفسنا ونستغفر الله من ذنوبنا، فإنه لا يصيب المؤمن هم ولا غم ولا حزن ولا وصب حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه، وما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة، قال تعالى: (( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ))[الشورى:30] ولكن المؤمن لا يستسلم، فهو يثق بما عند الله ويرجو رحمته ويخاف عقابه، ويستأنف حياته بروح جديدة مستفيداً من العبر، ويراجع نفسه ويحاسبها.
وإذا عرف السبب بطل العجب، فاجتهدي في معرفة أسباب هذا الخمول والتكاسل، فقد يكون من أثر الابتلاء الذي أصابه، وقد يكون لعدم ارتياحه في بيئة العمل، وربما كان السبب هو عدم تقدير القائمين على العمل لمجهوداته وإخلاصه في عمله، وعندما يختل ميزان العدل يدب الخلل والكسل إلى النفوس، والظلم يؤثر على الإنسان خاصة إذا شاهد زملائه يرتفعون في درجاتهم مع قلة كفاءتهم وتقصيرهم في أداء واجباتهم، وقد يكون السبب عادي مثل التأخر في النوم والسهر، ولكن المسلم يحسن عمله ويتقنه ويؤدي ما عليه لأنه يراقب الله، ويسأل الله الذي له؛ لأنه يؤمن بالرقيب الحسيب الذي لا تخفى عليه خافية سبحانه، ويحرص على الإخلاص لله في أداء عمله وعبادته لربه، والمخلص ينال الأجر مرتين الراتب والثواب من الله، ولقد أحسن من قال: المخلص مثل أم موسى عليه السلام كانت تأخذ أجرها وترضع ولدها، ودورك يا أختي الفاضلة هو تشجيع هذا الزوج بأسلوب لطيف، فضعي يديك في يده، وشدي من أزره، وأحذرك من الكلمات المثبطة، ولكن قولي له في أوقات تختاريها: يعجبني أن تنهض للعمل مبكراً، وأنا واثقة من قدرتك على الإنجاز، ولكن الالتزام بمواعيد العمل وأنظمته مطلوب، فنحن نطمع في أن يكون راتبنا حلالاً لأننا نصبر على الجوع ولا نصبر على النار.
ولا تنسي أن الترغيب والترهيب يبعث النفوس على العمل والجد والمثابرة، وهيئي له وسائل الراحة وأسباب النشاط، ومن أهمها استشعار رقابة الله، والمداومة على ذكره الذي يبعث النشاط ويطرد الكسل، فإن الشيطان يعقد على قافية أحدنا ثلاث عقد يضرب على كل عقدة عليك ليل طويل فارقد، ثم أرشدنا رسولنا صلى الله عليه وسلم على الوسائل التي تحل بها تلك العقد، فقال: (فإذا ذكر الله انحلت عقدة، وإذا توضأ انحلت الثانية، فإذا صلى انحلت الثالثة فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا -إذا لم يصل ولم يذكر الله- أصبح خبيث النفس كسلان) ومن الضروري المحافظة على أذكار الصباح والمساء وخاصة المعوذتين وخواتيم البقرة وآية الكرسي، والأذكار هي حفظٌ للإنسان من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة، فإن ذكر الله مثل رجل طارده العدو فوجد حصناً فدخل فيه ونجا من كيد العدو.

ومما يعينه أيضاً على النشاط تذكيره بإنجازاته وبضرورة المحافظة عليها، مع الابتعاد عن المقارنة بين جهودك أنت وبين أحواله، وكذلك ترك المقارنة بينه وبين زملائه، أشعريه بسعادتك مع كل خطوة إلى الأمام، وحافظي على مشاعره، وأعينيه على طاعة الله .

نسأل الله العظيم أن يوفقك ويسددك، وأن يرزقنا النشاط في طاعته، وأن يختم لنا ولكم بخاتمة السعادة، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً