الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تصورات خاطئة عن الحجاب

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إنني فتاة التزمت بالحجاب الشرعي الصحيح بعد أن كنت أرتدي الحجاب المزركش الملفت للأنظار بفضل الله تعالى، لاقيت معارضة شديدة من قبل والديّ؛ بحيث عملت والداتي ـ حفظها الله ـ بتخبئة الحجاب الشرعي الصحيح!

والداي يحبونني كثيراً خصوصاً أني ابنتهم الوحيدة من بين خمسة أولاد، ويريدون أن أعيش حياتي وأكون سعيدة، أنا معهم في ذلك وأقدر لهم ذلك، لكن ألا ترون أنه يجب أن أرضي الله والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أولاً حتى أكون مرتاحة البال وسعيدة في حياتي؟!

أمي تعتقد أني إذا ارتديت الحجاب الشرعي الصحيح فسأصبح متقوقعة، وأنني لن أكون سعيدة أبداً بهذا الحجاب، مع إخبارها بأني سأكون سعيدة جداً عند ارتدائه، وأنني ما زلت صغيرة للالتزام بهذا الحجاب، وأن الخطاب سوف يقلّون، وأن هذا الحجاب هو ليس لزمننا هذا بل للصحابيات ـ رضي الله عنهن ـ ! وليس هناك أي معصية إن خرجت بالحجاب المزين أو بما كنت أخرج به سابقا!

فما هي الطريقة المناسبة لإقناعها بأن التزامي بالحجاب الشرعي الصحيح هو الأفضل لي، وأنني لن أصبح فتاة متقوقعة، وأغير من طريقة التفكير بحيث أقنعها بما أمرني به الله والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنه بذلك تكون سعادتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ المجاهدة في سبيل الله حفظها الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعاً رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!

فأرجو أن تحمدي الله على هدايته وتوفيقه، وأبشري بحب والديك لك ونسأل الله أن يرزقك رضاهما بعد رضا الله، ولاشك أن الابتلاء سنة، والمؤمن ينال بصبره وثباته أعظم الأجور، ويتبين به صدق الصادقين قال تعالى: (( أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ))[العنكبوت:2-3].

ولا داعي للانزعاج لأن ثباتك وإصرارك على الحجاب سوف يعينك على تجاوز تلك الصعاب، ونوصيك بالتوجه إلى الله الذي يجيب المضطر إذا دعاه، وأرجو أن تحرصي على كمال الأدب واللطف في معاملة والدتك حتى تعرف أن الحجاب والالتزام يزيد من البر والإحسان لآبائنا والأمهات، وتذكري (أن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على سواه).

ولابد كذلك من إزالة الشبهات حول الحجاب، وإزالة سوء الفهم عند الوالدة التي تتأثر بلا شك بالوسط الذي تعيش فيه، وهذا عرض لبعض الشبهات:

1- اعتقاد كثير من الناس أن الحجاب يكون لكبيرات السن المتزوجات، وهذا يصادم الفهم الصحيح؛ لأن الشابة أولى بالحجاب والستر من كبيرات السن بل إن القواعد من النساء بإمكانهن وضع الحجاب.

2- بعض الأمهات تظن أن الحجاب يخفي جمال الفتاة، وبالتالي لا تجد من يتقدم للزواج منها، وهذا غير صحيح لأن الشباب يفضل الفتاة المحجبة وحتى الشباب غير الملتزم عندما يريد بناء أسرة لا يرضى لنفسه بفتاة عرضت محاسنها في الأسواق والطرقات، وحتى لو تزوجها فإن الشكوك تطارده؛ لأنه يعرف أن الفتاة التي تبرجت بالأمس لن تترك ما تعودته.

3- بعض النساء تظن أن الفتاة الجميلة لا تتحجب لتخفي جمالها، وأن الحجاب الكامل لا تلبسه إلا الفتيات ناقصات الجمال، وهذا غير صحيح فالحجاب شريعة الله، وأجمل شيء في الفتاة حياؤها وحشمتها، وقد نصحت فتاة امرأة بضرورة ستر وجهها فقالت لها المتبرجة: أظن أنك غير جميلة فلما كشفت لها وجهها وشاهدت جمالها انصرفت حياءً والتزمت بالحجاب.

4- ليس للحجاب وقت معين أو أجيال معينة، ولكن الحجاب حكم الله لكل زمان ومكان، وشرف للمرأة أن تتأسى بالصحابيات، والإنسان لا يجوز له أن يجاري أهل العصر إن خالفوا أحكام الله.

5- يعتقد بعض الناس أن الفتاة المتحجبة معقدة وتعامل الناس بقسوة وتخاصم أهلها ووالديها، وهذا غير صحيح وحتى لو فرضنا أنه وجدنا حالات نادرة، فليس ذلك بمقياس، وكثير من المتبرجات لا أدب عندهن ولا حياء.

6- يظن بعض الناس أن الإيمان في القلوب، وإذا كانت الفتاة مؤدبة فلا ضرورة للبس الحجاب، وهذا فهم مغلوط لأن الإيمان تصديق بالجنان ونطق باللسان وعمل بالجوارح والأركان، وليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل، كما قال الحسن البصري رحمه الله.

واعلمي أن طاعة الله أعلى وأغلى، وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه، وأن من طلب رضوان الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه عباده، ولكن من يطلب رضوان الله فإن الله يرضى عنه ويلقي له القبول والمحبة في قلوب الخلق، قال تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ))[مريم:96].

وأرجو أن تحرصي على زيادة البر والاهتمام بوالديك، واطلبي من الأخيار من أرحامك أن يعاونوك في إقناع الوالدة، وأرجو أن تطلبي من صديقاتك المحجبات زيارة الوالدة والجلوس معها وملاطفتها حتى تتصحح المفاهيم الخاطئة.

والله ولي التوفيق والسداد!

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر من مصر

    جزاكم الله خيرا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً