الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا تجعلي صدمتك السابقة تحرمك سعادة الزواج

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
باختصار شديد .. أنا كنت مخطوبة لشاب، وفسخ العقد بيننا بعد الخطبة ب6 أشهر لأسباب غامضة من جهته (بدون مبالغة، وأقسم بالله أنه فعلاً لم تكن هنالك مشاكل أو أي سوء تفاهم بيننا)، وتعبت كثيراً، وأنا لهذه اللحظة لم أسامحه.
ومن هذه التجربة القاسية علي، أصبحت أخاف من أي ارتباط من شاب آخر؛ لأنه تكونت لدي فكرة عامة عن الشباب أنهم أنانيون، ولا يهمهم سوى أنفسهم، فعلاً أنا أكره جنس ( آدم ) لما أسمعه من تجارب البنات ولما حصل معي.

وقبل خطبتي جلست معه واستخرت الله، وتيسرت الأمور بيننا، وأنا لا أعترض على قضاء الله وقدره، ولكن أصبحت لدي مشكلة نفسية، فماذا أفعل حتى أعود لما كنت عليه؟

وهل أن الإنسان مكتوب له من هو زوجه؟ وهل أنا مذنبة لأنني لم أسامحه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة / حلاً حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فكل شيء بقضاء وقدر، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده، وعجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له أو أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، ولا داعي للانزعاج، ولعل الخير في هذا الذي حصل، ((وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ))[البقرة:216]، ففوضي أمرك إلى الله، وكوني راضية بقضاء الله، وارفعي أكف الضراعة إلى الله، وأصلحي ما بينك وبين الله، واعلمي أن الله يدافع عن أهل الإيمان؛ فكوني مع الله وأحسني لعباد الله، وتذكري أنه سبحانه:
((إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ))[النحل:128]، واحمدي الله الذي نجاك من هذا الرجل الغامض، ولن يضرك ما حصل، لأنك لم تقعي في الخطأ وإنما يندم ويتأثر من عصى الله وخالف شرعه.
وليس من الإنصاف أن تحكمي على إخوانك من الرجال وهم بالملايين لأجل تجربة أو تجربتين أو مواقف محددة، والله تبارك وتعالى يخبرنا بأنه ((وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى))[الأنعام:164]، وأرجو أن تلتمسي لذلك الشاب الأعذار، وربما كان قراره عند غيره، ولن ينال خيراً إذا كان قصده إحراجك أو إدخال الحزن على أسرتك.
وسوف يشرب من نفس الكأس، فلا تعطي الموضوع أكبر من حجمه، وليس في تركه لك نهاية الدنيا، وعجباً لأمر المؤمن، وإن أعظم الجزاء مع عظم البلاء، وأن الله تبارك وتعالى إذا أحب عبداً ابتلاه؛ فمن رضي فله الرضى، وأمر الله نافذ، ومن سخط فعليه السخط وأمر الله نافذ.
واعلمي أن الله تبارك وتعالى يقول: ((مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ))[الحديد:22-23]
ونحن نوصيك بوصية الله للأولين والآخرين؛ قال تعالى: ((وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ))[النساء:131].
وحافظي على صلاتك وذكرك، واشغلي نفسك بالخير والذكر، ولا تستجيبي لوساوس الشيطان، فإن هذا العدو يريد أن يحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون، ونحن ندعوك إلى أن تستقبلي الحياة بأمل جديد، وأبشري بالخير من الله المجيب، واخلعي عن عينيك هذه النظارة السوداء، وابتسمي لتضحك الدنيا معك، واعلمي أنك لن تنالي إلا ما قدر لك، واجعلي رضاك في مواقع الأقدار، واستغفري الرحيم الغفار، وأكثري من الصلاة والسلام على نبينا المختار.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً