الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جدوى تناول أقراص الكالسيوم للوقاية من ضرر المشروبات الغازية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
زوجي يحب شرب البيبسي كولا بكثرة، وحسبما يقال فإن للبيبسي كولا مضاراً تكمن في أنه يسبب هشاشة في العظام، فهل تناوله لأقراص الكالسيوم (Caltrate 600) حبة يومياً يفيده ويقيه من هشاشة العظام?!
ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبد الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد كتبت مقالة عن المشروبات الغازية في مجلة العربي (مارس 1998) بعنوان: أطفالنا والمشروبات الغازية، فيمكن أن ترجعي إليها إن استطعت، ومفادها: أن المشروبات الغازية تتركب من ماء معالج بغاز ثاني أكسيد الكربون الذي يعطي هذه المشروبات خاصية الفوران، وظهور الفقاقيع، والطعم النافذ المميز، ويمنع عطب المشروبات، وتضاف لها المواد التي تعطيها النكهة وتحليها.

وهذه المواد هي مزيج من السكر والأحماض، مع مواد نكهة، ومواد ملونة، ومن الأحماض المستخدمة في تركيب المشروبات الغازية: حمض الستريك، وحمض الفسفوريك، وأحماض أخرى تعطي الطعم اللاذع، أما المواد النكهة فهي إما عصير فواكه أو زيوت من الفواكه أو زيوت من جذور أوراق بعض النباتات.

وتستخدم نكهة من جوز الكولا الذي يحتوي على مادة الكافين، وتضاف المواد الملونة الغذائية لإعطاء المشروبات لوناً خاصاً.

وقد أجريت دراسة في إحدى الجامعات الأمريكية لمعرفة كمية الكافين في المشروبات الغازية المتوفرة في الأسواق الأمريكية؛ ووجد أن هذه المشروبات تحتوي على الكافين، وتتراوح كميتها في العلبة الواحدة ما بين 30-50 ملجم تقريباً في عبوة 330 ملجم من الكولا، بينما كان محتوى الكافين في الكولا التي تباع في المطاعم أكثر من ذلك وهذه الكمية تعادل كمية الكافين الموجودة في فنجان القهوة.

وقد كثر اهتمام الباحثين بأثر هذه المشروبات في صحة الإنسان خاصة بعد أن ازداد استهلاك الفرد في اليوم، وأظهرت بعض المؤشرات الصحية أن كثرة تعاطيها قد يسبب آثاراً مرضية على المدى البعيد؛ ولذا كان واجباً التعرف على هذه الآثار الجانبية للمشروبات الغازية.

وهذه الكمية من الكافين نجد أنها ليست كمية يمكن إهمالها؛ لهذا ينبغي معرفة كمية الكافين في المشروبات، خاصة مرضى القلب، والقرحة، والتهاب المريء، وحموضة المعدة.

فليس غريباً أن نلاحظ أن الأطفال يصابون بالأرق بعدما يشربون هذه المواد الغازية في المساء وما ذلك إلا لوجود الكافين المنبهة للأعصاب، وغير ذلك فإن مادة الكافين تسبب الصداع واضطرابات هضمية.

وفي دراسة لإحدى الجامعات الأمريكية تبين أن هناك زيادة في شكوى الناس من زيادة حموضة المعدة بعد تناول المشروبات الغازية، فقامت مجموعة من الأطباء ببحث موضوع علاقة كثرة تعاطي المشروبات الغازية التي يتناولها الأطفال في سن المدرسة مع نسبة حدوث الكسور، ووجد أن هناك رابطاً قوياً بين زيادة الاستهلاك من المشروبات مع زيادة نسبة حصول كسور العظام عند البنات بعد الرضوض، ولم يثبت أن هناك ارتباطاً بين استهلاك المشروبات الأخرى غير الكولا ونسبة الكسور، وقد تبين من هذه الدراسات أن تناول كمية كافية من الكالسيوم تقي زيادة نسبة حصول الكسور، واستنتج الباحثون من هذه الدراسات أن زيادة تناول الحليب عند طلبة المدارس له أهمية كبيرة عند الفتيات، خاصة أنهن يتعرضن لمرض هشاشة العظام عند التقدم بالسن.

وقد ربط الأطباء هذه الظاهرة بوجود حمض الفسفوريك في المشروبات الغازية وقلة تناول الكالسيوم الموجود في مشتقات الحليب، ووجد أن زيادة استهلاك الفسفور دون تعويض الكالسيوم يؤدي إلى نقص في تكلس العظام، وبالتالي إلى هشاشة في العظام، فإذا تناول الطفل كمية 1,5 لتر في الأسبوع من المشروبات تحتوي على الفسفوريك يؤدي إلى نقص الكالسيوم في الدم، وأن زيادة الفسفور في المواد الغذائية يؤدي إلى نقص الكالسيوم في الدم، ووجد أن نسبة الكالسيوم قد انخفضت بنسبة أكبر كلما زاد استهلاك المشروبات الغازية المحتوية على حمض الفسفوريك.

وقد تم متابعة مجموعة من الأطفال بعد أن طلب من أولياء أمورهم أن يمنعوا الأطفال من تناول المشروبات الغازية لمدة شهر، فوجد أن نسبة الكالسيوم في الدم المنخفضة قد ارتفعت، أما الفسفوريك المرتفع فقد عاد إلى الحدود الطبيعية.

من هنا نجد الأثر السلبي لهذه المشروبات الغازية في الطعام والأسنان عند الأطفال، وهذا أمر يجب أن لا يهمله أولياء الأمور.

وبالنسبة لزوجك، فإن تناول الكالسيوم يومياً قد يخفف من أثر الببسي على الكالسيوم، إلا أنه لن يمنع الآثار الجانبية لها.

وأنا أشبّه البيبسي بالتدخين، إلا أن المجتمع قد أدرك من فترة طويلة مضار التدخين، وبدأ بمحاربته، إلا أنه ما زال يتجاهل تأثير المشروبات الغازية وأثرها على الأجيال، وخاصة أنه في متناول جميع الأعمار، وندخله بأنفسنا إلى البيت كأنه جزء من الأطعمة والأشربة، ونعوّد أطفالنا عليه، وليس به إلا المضار كالتدخين تماماً.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً