الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطوات عملية لمعاملة حسنة مع الأرحام السيئين

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا متزوجة وعندي أختان، واحدة متزوجة والأخرى مخطوبة، أختي المخطوبة تسكن في بيت أهلي -علماً أن أبي وأمي متوفيان- وهذا البيت لي أنا وأختي المتزوجة نصيب فيه مثل أختي المخطوبة.
أختي تسيء استقبالنا عندما نأتي أنا وأختي المتزوجة، لنلتقي في بيت أهلي مع العلم أننا نحضر أكلنا معنا، وفي مرة من المرات عندما جئنا لنلتقي، استقبلتنا بالمشاجرة وطلبت منا أن لا نأتي إلا بإذن منها، وهذه أول مرة نأتي من غير ما نخبرها، وهي في كل زيارة تسيء استقبالنا حتى في العيد، ولا تحب أن تضيفنا بأي شيء، مع العلم أننا ليس لدينا أطفال وبيت أهلي كبير، ولها أن تبقى في أي مكان إذا أرادت البقاء وحدها.

ونحن زيارتنا ليست كثيرة في الغالب مرة في الأسبوع، رغم احترامنا أنا وأختي المتزوجة لأختي المخطوبة، لكنها لا تقدر ذلك، وفي كل مرة تريد شيئاً تطلبه منا دون تردد، وعندما نحتاج منها أبسط شيء لا تبالي، هي إنسانة تحب نفسها كثيراً وناكرة للجميل، فمهما تفعل لها من خير لا تقدرك.
حالياً أنا قررت أن لا أزورها نهائياً، وأكتفي بالسؤال عليها كل فترة برسالة بالهاتف، لأني سئمت من إساءتها لنا مع العلم أنها أكبرنا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نادين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتكم على الحق، وأن يحفظكم بما يحفظ به عباده الصالحين، وأن يعينكم على صلة أرحامكم وبركم لأختكم، وأن يوفقكم لعدم مقاطعتها، ونسأله تبارك وتعالى أن يُذهب عنها هذه التصرفات التي أدت إلى إزعاجكم، وأن يديم بينكما المحبة والوئام والتفاهم والانسجام.

وبخصوص بما ورد في رسالتك من أن أختك المخطوبة تعاملكم معاملة سيئة أنت وأختك الثانية المتزوجة، حيث إنكما تعودتما زيارتها في بيت الأسرة ما بين الحين والآخر، لكنها تشترط عليكم أن لا تأتوا إلا باستئذان، وذات مرة جئتما بغير إذن فعاملتكما معاملة سيئة، وأنتما تجتهدان في إكرامها والإحسان إليها، ولكن إذا طلبتما منها أي شيء فهي لا تفعله، وهي دائماً تُنكر الجميل، فمهما تفعلان لها من خير لا تقدركما، وقد قررت أن لا تزوريها نهائياً، وتكتفي بالسؤال عليها كل فترة بالهاتف لأنك سئمت من إساءتها لكم، مع العلم أنها أكبركم.

أقول لك -أختي الكريمة- بارك الله فيك وثبتك الله على الحق: إنه مما لا شك فيه أن تصرفات أختك هذه ليست طبيعية، وأنها تدل على أن هناك شيئاً معيناً في نفسها، إما أنها لا تريد أن يعكر صفوها أحد، وإما أنها بطبيعتها لا تُحسن التآلف مع الناس ولا التعامل معهم، وإما أنها ترى أنكما تزوجتما قبلها، ففي نفسها منكما شيء.

إذن هذا السلوك لابد له من دافع، نحن لا نستطيع أن نجزم به، وإنما نقول الله أعلم، المهم أنه سلوك غير طبيعي وغير صحيح وغير مقبول ولا منطقي ولا معقول؛ لأن هذا الذي يحدث منها ليس صحيحاً، وهو ليس موافقاً ولا مناسباً، ومن هنا فإني أقول: إن من حقك فعلاً ما دامت هي لا تُحسن معاملتكما ولا تحسن استقبالكما وتعاملكما هذه المعاملة الغير طيبة، فمن حقكما فعلاً أن تكتفيا بالاتصال عليها بالهاتف والاطمئنان عليها أو إرسال رسائل لها، ولكن أنا لا أريد ذلك حقيقة، وإنما أريد أن تجلسي أنت وأختك الأخرى معها، وأن تسأليها عن هذه التصرفات ما سببه وما الدافع لها، نحن أخوات شقيقات فلماذا هذا التعامل.

أقول: نعم قد تكوني أنت على علم وقد تأتين بآلاف الأجوبة التي تثبت وجهة نظرك، ولكن هذا أنا لا أريده، وإنما أريد أن نتأكد لماذا هذه التصرفات؟ ولماذا سوء المعاملة ونحن ليس لنا إلا بعضنا البعض، فنحن أخوات شقيقات، وفي نفس الوقت أيضاً نحن مُلاّك هذا البيت، يعني كما أن لها فيه نصيب فأنتم كذلك لكم فيه نصيب، إذن لماذا هذه المعاملة؟ ولماذا هذه المقابلات المنفرة والتصرفات الغير مقبولة؟

إذن أتمنى أن تجلسي أنت وأختك معها، فقومي أولاً: بالاتصال عليها واستأذني منها كما تحب، واذهبا إليها في الوقت المحدد، وقولا لها (نريد حقيقة أن نسأل هذا السؤال: لماذا هذه التصرفات الغير مقبولة والغير منطقية والغير معقولة؟) وفي هذه الحالة تستطيع على الأقل تعطيكم شيئاً مقبولاً وتعطيكم عذراً تقبلونه؛ لأن هذا الوضع الآن الذي هي عليه ليس وضعاً صحيحاً، وهو مزعج، وقولي لها (نحن ننزعج جدّاً من هذه الأشياء، ولقد قررنا أن لا نأتي لزيارتك ما دمت ستتعاملين معنا بهذه الطريقة) لعلكم عندما تبلغونها هذه الرسالة تحاول أن تغير من وضعها؛ لأنها كونها وحدها هذا خطر، والإنسان إذا كان وحده استحوذ عليه الشيطان، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (من أرد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد).
ثانياً: إذا كانت هي حريصة على قطع الرحم فأتمنى أن لا تكونوا أنتم سبباً في ذلك، وأن لا تقاطعوها، وإنما ينبغي أن تجتهدا في إعانتها على نفسها، وتذكيرها بحق الأخوة التي بينكم، وخاصة أنكم بنات جميعاً، وأن وجودكم مع بعض قوة لكم جميعاً، وأن في ذلك أيضاً حرصاً على مصلحتكم وعلى سمعتكم جميعاً، وأن وجودكم مع بعض قوة لكم جميعاً.

فأنا أتمنى قبل هذه الخطوة التي قررتها أن تحاولوا زيارتها في الموعد المحدد، خذا منها موعداً واذهبا إليها، وحدثاها بهذا الأمر، وبينا لها خطأها في هذه المسألة حتى وإن كنتما قد فعلتما ذلك من قبل، فما المانع أن يتكرر ذلك مرة أخرى، أنا لا أرى في ذلك حقيقة من ضير، أو لا أرى في ذلك من حرج أن نكرر؛ لأن بعض الناس أحياناً قد يصاب بنوع من الغفلة، فعندما يُذكر يتذكر، وكم من أناس كانوا فعلاً في حالة غفلة شديدة، ولكن ما أن تم تذكيرهم حتى تذكروا واستقامت أحوالهم.

فأتمنى فعلاً أن تحاولوا مسألة التذكير والنصح مرة أخرى، لعل الله تبارك وتعالى أن يذكرها، وأن تبينا لها بأنه ما دامت هذه هي طريقتها في التعامل فأنتما لم تقوما بزيارتها مرة أخرى بعد ذلك، حتى تكون على علم بهذه الخطوة التي عقدتما العزم عليها، ولكن الله تبارك وتعالى يقول: ((وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا))[الإسراء:15]، فاستدلالي بهذه الآية هنا على أنه لابد من إقامة الحجة على الناس قبل أن يعاقبهم الله تبارك وتعالى على عدم التزامهم بشرعه، وكذلك أنا أقول أيضاً: ما المانع أن نقيم الحجة عليها وأن نبين لها أخطاءها، وأن نعد لها هذه التصرفات المشينة الغير مقبولة، ثم بعد ذلك نستمع إلى وجهة نظرها، فإن قدمت كلاماً معقولاً أو أشياء مقبولة وقبلتموها فهذا خير، وإذا كان كلامها غير معقول أو مقبول، فقولي لها (إن هذا الكلام غير صحيح، ونحن حقيقة لسنا على استعداد أن نقبل إهانات متكررة، فإما أن تغيري طريقتك في التعامل معنا، وإما سنكتفي فقط بمجرد مراسلتك بالهاتف ولن نأتي مرة أخرى؛ لأننا لسنا على استعداد للطرد، وتكوني أنت بذلك التي قطعت رحمك، ونحن لم نقطعه ولم نُسيء إليك، لأننا إلى الآن حريصين على أن نكون قلباً واحداً وجسداً واحداً وروحاً واحدة، وأن يكون كل شيء شركة بيننا؛ لأننا خرجنا من رحم واحد ومن صلب رجل واحد، ونتمنى أن نظل أيضاً على قلب إنسان واحد حتى نلقى الله تعالى).

فإن قبلت هذا الطرح الجيد الرائع فهذا حسن، وإن لم تقبل فقد أقمتم عليها الحجة، وفي تلك الحالة من الممكن فعلاً أن تكتفي بالاتصال بالهاتف، ولو كل أسبوع أو كل شهر مرة للاطمئنان عليها، وأسأل الله تعالى أن يُذهب عنكم جميعاً كيد شياطين الإنس والجن، وأن يجنبكم الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجمع بينكم على خير، إنه جواد كريم. هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً