الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بقاء أعراض جزئية للقلق والاكتئاب بعد الشفاء وإمكانية التعامل معها بإيجابية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الإخوة في موقع إسلام ويب، والأستاذ الفاضل الدكتور: محمد عبد العليم
تمنياتي لكم بالتوفيق ‏والصحة والسعادة الدائمة.

التعبير يعجز عن وصف ‏المساعدة التي قدمتموها لي، فبارك الله فيكم.

أود إعلامك بأنني انتهيت من استخدام (السيبرالكس)، الجرعة الوقائية، ‏وقبل ثلاثة أشهر من الفترة التي حددتها لي، وهي (6) أشهر، وذلك ‏لأنني -والحمد لله- تحسنت كثيراً، وانتهت جميع المخاوف التي كنت ‏أعاني منها.

أصبحت أسافر وأستمتع بالسفر، وكذلك تولد لي عنصر ‏المواجهة ومناقشة الآخرين، وإقناعهم، وأبدعت في عملي كثيراً، ‏وأصبحت من أصحاب الإنجازات الكبيرة، وقدمت الدراسات العلمية ‏لدائرتي، وساهمت في إنجاز المشاريع التي كان البعض يحلم ‏بتحقيقها، وصرت اسماً معروفاً في مدينتي، وحصلت على مكافآت ‏معنوية ومادية، ولدي عزيمة وإصرار على تحقيق المزيد، وهذا كله ‏بفضل الله تعالى ومساعدتكم.
أما الشيء السلبي في هذه الإنجازات ‏هو حسد المقابل لي في العمل، وإرسال رسائل إحباط، ومحاولة ‏التأثير على عزيمتي، بأي شكل من الأشكال، وهذا ينبع من غريزة ‏الأنانية.

أتمنى أن تجيبوني على الأسئلة التالية:

‏1- هل هذا التحسن هو بفضل العلاج، أم ممارسة المواجهة ‏والاقتحام، أم الاثنين معاً؟

2- لا زال الخوف من المرض والموت يراودني ولو بنسبة قليلة، ‏والدليل هو عند فحص ضغط الدم يحصل تسارع في دقات القلب، ‏وهذا يؤدي إلى ارتفاع في الضغط مما يسبب لي قلقاً، علماً أني عندما ‏كنت أستخدم الجرعة العلاجية كان ضغطي طبيعياً. ‏

‏3- الأحلام المزعجة قلّت إلى النصف، ولكن إدمان التفكير السلبي ‏بقي، ولو تحول جزء منه إلى تفكير إيجابي بفضل الإنجازات والعمل ‏المتواصل.

‏‏4- ما هو الاكتئاب المزمن؟ وهل لديّ هذا النوع؟ وكيف الخلاص منه؟‏
وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فلا بد أن أتقدم لك باسم العاملين في (إسلام ويب) بخالص الشكر والتقدير، والعرفان على كلماتك الطيبة، ولا شك أننا سعداء جداً بهذا التحسن الذي طرأ على حالتك، نسأل الله تعالى لك دوام الصحة وكمال العافية.

أود أن أجيب الآن على أسئلتك، وأولها سؤالك حول التحسن: هل هذا التحسن هو بفضل العلاج أم بممارسة المواجهة والاقتحام؟ أم الاثنين معاً؟

أولاً: أخي الكريم لا شك أنك قد أخذت بالأسباب بصورة كاملة، وهي أنك قد التزمت بالعلاج، وقد طبقت فيما أرى المواجهة والاقتحام، وهي أسس العلاج السلوكي، والأمر المهم هو أنه من الواضح أن لديك إرادة التحسن، فالتحسن إرادة أيضاً، بعض الناس تجدهم يعيشون حياة فيها الكثير من التشاؤم والانهزامية، وهؤلاء يفتقدون إرادة التحسن.

أما في حالتك فأعتقد أن العوامل الثلاثة، وهي تناولك للدواء بانضباط، وتطبيقك للآليات السلوكية التي تؤدي إلى تعديل السلوك، وإرادة التحسن التي لديك.

أخي الفاضل! بالنسبة لسؤالك الثاني: لا زال الخوف من المرض والموت يراودك ولو بنسبة قليلة، وأنك تجد ارتفاعاً في ضربات القلب، وارتفاعاً في ضغط الدم.

أخي الكريم! لاشك أن الأعراض القلقية قد يظل منها جزئية متبقية عند الإنسان، والقلق ليس كله طاقة نفسية، القلق في بعض المرات يكون قلقاً إيجابياً، وهذه الأعراض التي تعاني منها من وجهة نظري هي أعراض بسيطة جدّاً، لكن يجب أن تتصدى لها، من خلال التفكير الإيجابي، وممارسة الرياضة، وممارسة تمارين الاسترخاء، هذه مهمة جدّاً وتساعدك -إن شاء الله- كثيراً.

أرجو أيضاً أن لا تكثر من مراقبة ضغط الدم، وكذلك ضربات القلب، هذا قد يسبب لك شيئاً من القلق، ومن التوتر، وهذا في حد ذاته يؤدي إلى المزيد من القلق والتوتر، ويدخل الإنسان في هذه الدائرة المفرغة.
أنا دائماً أفضل أن ينتظم الناس في مراجعة أطبائهم، مرة كل ثلاثة شهور أو أربعة أشهر، يراجع الإنسان طبيب الأسرة أو الطبيب الباطني الذي يثق فيه، ويقوم بإجراء الفحوصات الروتينية العامة، والفحص الجسدي المعروف، هذا أخي الكريم مطمئن جدّاً وأفضل كثيراً.

إذن أخي الكريم! هذا جزء من الحالة القلقية التي تعاني منها، ولا بد أن أضيف -وأرجو أن لا يزعجك هذا الأمر- وهو أنه في الغالب لديك شيء من الاستعداد للقلق، وهذا ليس عيباً، وليس نقصاً، وليس ضعفاً، الناس يتفاوتون في سمات شخصياتهم، هنالك من هو حساس، هنالك من تعتريه بعض الوساوس كمكون في شخصيته، هنالك من هو قلق، هنالك من هو بارد المشاعر جدّا، هنالك من هو اعتمادي، إذن هذه فوارق في الشخصية بين البشر، وهي سمات من سمات الشخصية، ولا نعتبرها مرضاً.

الأحلام المزعجة أيضاً دليل على وجود قلق بسيط، ولكن التخلص منها ليس صعباً، من خلال الرياضة وتمارين الاسترخاء وأذكار النوم، وعدم تناول أطعمة دسمة ليلاً، هذا -إن شاء الله- يقلل من هذه الأحلام المزعجة.

بالنسبة للتفكير السلبي يجب أن تحدّ منه، يجب أن تقف أمامه، يجب أن تحقره، فأنت حياتك -الحمد لله- فيها الكثير من الخير والكثير من الإيجابيات.

لا بد أن تحس بالرضا عن نفسك، هذا مهم جدّاً، أنت رجل منجز -الحمد لله تعالى- ولديك القدرة على ترتيب الأمور، وعلى إدارة الوقت بصورة صحيحة، ومن الواضح أنك لديك القدرة على الفاعلية، هذا يجب أن يبسط لديك التفكير الإيجابي وتتخلص من التفكير السلبي.

سؤالك حول: ما هو الاكتئاب المزمن؟

الاكتئاب المزمن حالة اكتئابية تحمل كل صفات وسمات الاكتئاب وأعراضه، لكن من ناحية الكم تكون هذه السمات أقل مما نشاهده في الاكتئاب المطبق، مثلاً لا يوجد كدر حقيقي، ولكن يوجد عسر في المزاج، لا يوجد حزن أو سوداوية حقيقية، ولكن ربما يعتري الإنسان شيء من عدم الانبساط، بعض اضطرابات النوم البسيطة، الشعور بالتكاسل، الشعور بافتقاد الدافعية في بعض الأحيان.

هذا هو الاكتئاب المزمن، وهو حالة لا تعطل الناس في حياتهم، ولكن ربما تقلل من إنتاجيتهم، واستمتاعهم بالحياة، وبعض الناس لا يلاحظ هذا الاكتئاب المزمن أبداً وهذه المشكلة، لا أعتقد أن لديك اكتئابا مزمنا، وأنا سعدت مرة أخرى برسالتك، وأرجعُ لموضوع الحسد: الحسد موجود، والمؤمن كيس فطن، ويستطيع أن يتجاهل هؤلاء الناس، ويأخذ بما ورد في السنة المطهرة من أذكار وأدعية، والله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين.

ولمزيد من الاستفادة يرجى مراجعة الاستشارات التالية:
حول علاج الخوف من الموت والأمراض سلوكياً: (261797 - 272262 - 263760 - 265121)، علاج الكوابيس والأحلام المزعجة سلوكياً (2744 - 274373 - 277975).

نسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً