الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف الاجتماعي وعلاجه السلوكي والدوائي

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبة في المرحلة الجامعية، مشكلتي أني أكره الإلقاء، وحتى المشاركة، أثّر هذا على مستواي الدراسي، استسلمت لهذا الشعور، لم أعد أحاول المشاركة، أصبحت كثيرة الغياب، أتهرب من الإلقاء، علماً أن هذا الشعور بدأ معي منذ نهاية المرحلة الثانوية، واستمر معي إلى الجامعة، فكيف يمكنني تعويد نفسي على المواجهة والإلقاء؟ وهل استخدام (عشبة عصبة القلب) مفيد لمثل حالتي؟ لأني قرأت عن فائدتها، وهل هناك ما يمكن الاستفادة منه غيرها؟

جزاكم الله خيراً على جهودكم الرائعة؛ فأنتم الموقع الذي أستفيد منه وأثق في استشارته.
شكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الحزينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أقول لك لا تحزني -أيتها الفاضلة الكريمة- ما الذي يجعلك تحزنين؟ فأنت -إن شاء الله تعالى- في خير وعلى خير.

أنصحك بالحصول على كتاب الدكتور عائض القرني (لا تحزن) ففيه الكثير من النصائح, وفيه الكثير من المعلومات السلوكية المعرفية التي تساعد في زوال الكدر والحزن، وقبل ذلك عليك بكتاب الله تعالى، وعليك بالصلاة في وقتها، والدعاء، والذكر فبها -إن شاء الله- تطمئن القلوب.

مشكلتك بسيطة جدّاً من وجهة نظري حيث إن هنالك حيثيات ومؤشرات كثيرة تدل أنك تعانين مما يسمى بقلق الرهاب الاجتماعي، وهو نوع من الخوف يأتي في صور متعددة، وجوهره أنه يجعل الإنسان يتجنب التواصل مع الآخرين, ويحس بشيء من الخجل, وافتقاد الكفاءة الذاتية, ويعتقد أنه سوف يفشل أمام الآخرين, وأنه سوف يكون مصدر السخرية والاستهزاء.

هذه الصور من صور الخوف الاجتماعي، والخوف الاجتماعي لا يدل أبداً على جُبن أو ضعف في الشخصية أو قلة في الإيمان، إنما هو نوع من الخوف القلقي المكتسب.

أيتها الفاضلة الكريمة: أرجو أن يكون هذا الشرح والتعريف مفيداً لك؛ لأن هذا ضروري جدّاً كبداية.
النقطة الثانية: هو أن الخوف الاجتماعي الذي يؤدي إلى هذا النوع من الانسحاب المجتمعي لابد أن نعالجه عن طريق المواجهة، والمواجهة تكون دائماً من خلال أن يحقر الإنسان فكرة الخوف، ويحاور نفسه, ويجاهد نفسه، وأول الأسئلة التي يجب أن تُطرح من جانبك هو: ما الذي يجعلني لا أتفاعل مع الآخرين؟ لماذا لا أكون مثلهم؟ هم بشر وأنا بشر وليس هنالك من هو أفضل من الآخر.

كلنا نلتقي في الإنسانية وسماتها وأوصافها، فهم ينامون وأنا أنام، ونمرض ونموت ونذهب إلى بيت الخلاء، وهكذا، هذا نوع من الفكر الذي يساعد الناس في تذويب الحواجز النفسية التي تجعل الإنسان يحجم عن التفاعل مع الآخرين.

من الضروري جدّاً أن تعرضي نفسك لمصادر الخوف، والتعريض يكون في الخيال أولاً، أقصد بذلك أن تتصوري نفسك أمام مجموعة كبيرة جدّاً من الطالبات ومن المعلمات وطلب منك أن تقدمي عرضاً لموضوع معين، وقمت بتحضير هذا الموضوع وتقديمه، وفي أول الأمر أحسست بشيء من الخوف والتوتر، وبعد ذلك سوف تجدين أن الأمر عادي جدّاً، وسوف تتحصلين -إن شاء الله- على الثناء والشكر والتقدير من الآخرين،
هذه نوع من التمارين الذهنية الجيدة جدّاً إذا أخذها الإنسان بجدية وتركيز تفيده كثيراً في مواجهة المخاوف.
أنصحك أيضاً بأن تزودي نفسك بالمعلومات والمعارف المطلوبة، وذلك لأنها تسهل عليك الحوار مع الآخرين. مثلاً وأنت ذاهبة لتزوري إحدى قريباتك، يجب أن تفكري وتتأملي في نوعية المواضيع التي يمكن طرحها معها، وذلك أن لكل موقف ومناسبة ما يوافقها أو يناسبها من المواضيع.

دائماً كوني متصدرة للصفوف الأمامية، هذا ضروري جدّاً، انظري إلى زميلاتك وصديقاتك في وجوههنَّ، ابدئي دائماً بالسلام، هذا يساعدك كثيراً أيتها الفاضلة الكريمة.

بقي أيضاً أن أنصحك أن تتدربي على تمارين التنفس التدريجي، وهو نوع من تمارين الاسترخاء البسيطة جدّاً، ولتطبيقها: اجلسي على كرسي مريح في غرفة هادئة، أغمضي عينيك، افتحي فمك قليلاً، ضعي يديك على ركبتيك، ارفعي رأسك قليلاً، بعد ذلك خذي نفساً عميقاً وبطيئاً عن طريق الأنف، واجعلي صدرك يمتلأ بالهواء، ثم أخرجي الهواء بكل قوة وتدبر عن طريق الفم. كرري هذا التمرين خمس مرات متتالية بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء لمدة ثلاثة أسابيع، ثم طبقيه مرة واحدة في اليوم لمدة أسبوعين أو ثلاثة.
النقطة الأخيرة في العلاج هي العلاج الدوائي، فبفضل من الله تعالى حالات الخوف والهرع الاجتماعي تستجيب بصورة ممتازة وفعالة جدّاً للأدوية المضادة للمخاوف، ومن أفضل هذه الأدوية دواء يعرف تجارياً باسم (لسترال) واسمه العلمي (سيرترالين)، وهو متوفر في المملكة العربية السعودية، ولا يحتاج لوصفة طبية، الجرعة المطلوبة هي أن تتناولي الدواء بنصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجرام - حيث إن الحبة تحتوي على خمسين مليجراماً، تناوليها بعد الأكل ليلاً، وبعد شهر ارفعيها إلى حبة كاملة، واستمري عليها لمدة ستة أشهر، بعد ذلك خفضيها إلى نصف حبة لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

هذه الجرعة جرعة بسيطة جدّاً، حيث إن هذا الدواء يمكن تناوله حتى أربع حبات -أي مائتي مليجرام- في اليوم، لكنك لست في حاجة لهذه الجرعة.

بتطبيقك لهذه الإرشادات, وتناول الدواء المطلوب الذي وصف لك سوف تتخلصين من هذا الخوف الاجتماعي البسيط.

يرجى الاطلاع على هذه الاستشارات حول العلاج السلوكي للرهاب: (269653 - 277592 - 259326 - 264538 - 262637).
نشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً