الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أترك مناسبة إلا واحتقرت فيها ذاتي.

السؤال

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم.

الدكتور الفاضل محمد عبد العليم: السلام عليكم ورحمة من الله وبركاته.

لقد أسعدني كثيراً ردك على سؤالي، فذلك عنى لي الكثير، وهو ما شجعني على كتابة المداخلة التالية لجنابك، وأعتقد أنها المداخلة الأخيرة لي بعد أن أيقنت أن لا حل لمشكلتي, على الأقل بهذه الدنيا، والتي يشهد الله علي - وهو أعلم بالنفوس - بأني لم أذق طعم السعادة فيها إلا مرات معدودات.

ما وددت التعليق به على جوابك السابق لي مشكوراً، هو التالي: يقول الإمام الشافعي - رحمة الله عليه - :

خبت نار نفسي باشتعال مفارقي *** وأظـلـم ليلي إذ أضـاء شـهـابـهــا
أيا بومةً قد عشعشت فوق هامتي *** على الرغم مني لما طار غرابـهـا
رأيـت خـراب الـعـمـر مـني فـزرتني *** ومأواك من كـل الـديـار خــرابــهـا
أأنـعـمُ عـيشاً بـعـدما حـل عارضي *** طلائع شيبِ ليس يغني خضابها
إذا اصـفـر لـون الـمرء وابيض شعره *** تـنـغـص مـن أيـامـه مـسـتطـابها

يبدو يا أخي الفاضل أن هناك أناساً قُدر لهم أن يعيشوا بائسين ويموتوا وحدهم، ويبدو أنني واحد منهم

فيا صديقي كلُ شيء بقضاء *** ما بأيدينا خُلقنا تعساء

أتدري بم أواسي نفسي هذه الأيام؟ بأنني في قعر الهاوية ولا أترك مناسبة إلا واحتقرت فيها ذاتي، فعندما أفعل ذلك أشعر بتحسن، أعلم أنك ستستغرب من رسالتي هذه وكيف جنحت فيها عن الموضوع الأساسي، ولكن اعذر جنوني، فالمجنون لا حرج عليه.

وفقكم الله لما فيه خير العباد، ولا تنسني من صالح دعائك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إسلام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنشكرك على رسالتك هذه، وحقيقة لم نستغرب لها أبدًا، فالإنسان أخي الكريم تأتيه لحظات تتقاذفه أفكار، من الجميل جدًّا أن يعبّر عنها مهما كانت هذه الأفكار، فأعتقد أنك أنت خلال هذه اللحظات وددت أن تعبر عن مشاعرك وأدخلت نفسك من خلال هذا التفكير السلبي في وجدان تشاؤمي وسوداوي لدرجة كبيرة.

رسالتك أعجبتني جدًّا، لأن ما ذكرته من وجهة نظري هو نوع من التفريغ النفسي الإيجابي، والتفريغ النفسي يفيد صاحبه ويوصله - إن شاء الله تعالى - إلى قناعة مختلفة عما كان يفكر فيه بصورة سلبية.

أخي الكريم: أعتقد أنك تتفق معي أن الحياة جلد ومجاهدة، وعمل وكد، وكر وفر، وأمل ورجاء، هذه هي الحياة، وأنا حقيقة أريد أن أتواصل معك، وثقتي كبيرة جدًّا في أنك سوف تبني من نفسك رجلاً، لا أقول طويل القامة، ولكنه شامخ الخلق يبحث عن المعالي والعلم والمعرفة والدين، وهذا يا أخي الكريم أفيد كثيرًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

إضافة:

كما نرجو تذكيرك بضرورة مراسلتنا والتواصل معنا، ولا نرضى بأن تكون هذه الرسالة هي آخر رسائلك إلينا، فما يزال هناك أمل كبير في هذه الدنيا

أعلل النفس بالآمال أرقبها...ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل

ومهما بلغ بالمرء الخطوب، أو ضيق العيش، وكدر الحياة، فلا بد أن يكون أقوى من كل هذه الظروف المحيطة، بما أودع الله في هذا الإنسان من قوة عجيبة، تقهر الجبال، وتسامي السماء، فلا تنظر للعالم من خرم إبرة، ولا تضع نظارة سوداء على عينيك، بل أنت عالم كبير انطوى داخل جرم صغير

أتحسب أنك جرم صغير...وفيك انطوى العالم الأكبر

بمعنى أن السموات والأرضين خلقت وسخرت من أجلك
كل هذا لك، ثم تزهد عنه!!
نرجو أن تتأمل في هذا الأمر مليا، ولا تحتقر ذاتك، فأنت كائن مهم، خلقت لأمر عظيم.

وفقك الله لما يحب ويرضى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً