الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من مشكلة التأتأة التي ما زالت تلازمني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب أعزب عمري (30) سنة، جامعي، أعاني من التأتأة والتلعثم بدرجة متوسطة، منذ أن كان عمري (10) سنوات، وكانت خلال فترة عمري تذهب نهائياً وتعود، ولكن منذ (10) سنوات تلازمني بشكل دائم دون انقطاع، ولكن هذه الحالة تزداد بدرجة كبيرة جداً عند مواجهة أشخاص جدد ومراجعة دوائر أو مؤسسات لأول مرة، أو الحديث أمام مجموعة من الناس، حيث يصيبني الخوف، وتزداد ضربات القلب، والخوف الشديد من الكلام أمام الناس، وهذا كان يحدث معي أيام دراستي الجامعية سابقاً، وبالشغل حالياً.

كذلك أتهرب من المواقف التي فيها تحدث أمام مجموعة من الناس، ولدي خوف من المواجهة والتحدث أمام الناس والتحدث بالتلفون، وخاصة أمام مجموعة من الناس، ولقد حاولت إيجاد حل لهذه المشكلة المتعبة نفسياً لحياتي منذ زمن، من خلال جلسات تقويم النطق لأكثر من عامين عند أكثر من أخصائي، دون جدوى تذكر، ثم أخذت أدوية مثل زبركسا، ومهدئات مثل الزولام والأندرالين، ولم يوجد تحسن، لكن – الحمد لله - نفسيتي جيدة.

أريد أن أقول شيئاً، وأنا خجول من قولي هذا، أنني عند ممارسة العادة السرية تزداد التأتأة والتلعثم بشكل ملحوظ جداً، لا أدري ما هو السبب، وذلك منذ أن كان عمري 20 سنة تقريباً، وعند عدم ممارسة العادة السرية لفترة وعدم التفكير بالجنس تختفي التأتأة بشكل ملحوظ قبل أسبوعين.

ذهبت لطبيب عام معروف وكبير جداً بالسن، ومعروف أنه متمرس بمهنة الطب، حيث عانيت من التهاب شديد بالحنجرة، وخلال حديثي معه لاحظ التلعثم والتأتأة لدي، حيث قال لي إنك تعاني من خجل شديد فوق العادة، وعدم ثقة بالنفس، ورهاب اجتماعي من الحديث أو الاختلاط بالناس ومحادثتهم، نتيجة تراكم سنوات سابقة، من دون أن أقول له إنني أعاني من التلعثم، فأعطاني دواء وقال إنه سيعيد الثقة بنفسي نوعاً ما، وعدم الخوف من التحدث أمام الناس، اسمه (zelax10 mg (Escitalopram حبة يومياً لمدة عام، ثم طلب مني القراءة يومياً، القراءة من أي كتاب بصوت عال وبوضوح وتأن بشكل دائم، حيث قال لي إن هذا سوف يذهب عنك التأتأة والتلعثم بعد فترة من استخدام الدواء والقراءة اليومية.

فما رأي المستشارين لديكم؟ أرجو الرد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن حالة التأتأة التي تعاني منها مرتبطة وبصورة واضحة جدًّا مع ما نسميه بقلق الرهاب، والذي يحدث لك عند المواجهات الاجتماعية.

أخي الكريم: من الضروري جدًّا أن تعرف أنك لست مراقبًا من قبل الآخرين، هذا مهم وضروري جدًّا، فمن العثرات الرئيسية التي تؤدي إلى التلعثم أن الإنسان يراقب نفسه حين يتكلم، ويعتقد أيضًا أنه تحت مراقبة الآخرين، هذا التفكير يجب أن يتم تغييره.

ثانيًا: عليك بالتدرب على تمارين الاسترخاء، فهي ذات فائدة كبيرة جدًّا، وأنت قد ترددت على كثير من مرافق العلاج، وأعتقد أنك قد دُربت على هذه التمارين، فيجب أن تجعلها جزءاً من ممارساتك اليومية، لأن فيها الخير الكثير.

ثالثاً: ما ذكره لك الأخ الطبيب بأن تقرأ بصوت عالٍ، هذا مفيد، لكن يجب أن لا تكون هذه القراءة من الكتب دائمًا، علّم نفسك بأن تحضر أي موضوع وتقرأه أكثر من مرة، ثم بعد ذلك قم بتسجيله دون أن تقرأ من الكتاب، أي أن ترتجل، وقم بالاستماع بعد ذلك إلى ما قمت بتسجيله، وهكذا كرر العملية، سوف تجد كل مرة أنك قد تحسنت في أدائك.

هنالك أخي الكريم نوع من التمارين الجيدة جدًّا، وهو حين تقرأ بصوتٍ عال أو ترتجل وتتحدث في موضوع معين بصوت عالٍ، تصور أنك أمام جمع من الناس، عدد كبير جدًّا من الناس فيهم الوجهاء وفيهم أصحاب المناصب وهكذا، عش هذا الخيال بكل قوة، ومع هذا الخيال يجب أن تتذكر أن هؤلاء بشر مهما كانت مقاماتهم ومهما كانت مناصبهم، في نهاية الأمر هم بشر يحدث لهم ما يحدث للآخرين، يأكلون ويشربون مثل بقية الناس، ويتغوطون ويبولون ويمرضون ويموتون، إذن البشر يشتركون في هذه الأمور، ومهما تميز الإنسان في الدنيا من ناحية موقع أو منصب فهنالك أمور يتساوى فيها الناس، هذا مهم جدًّا أخي الكريم ويساعد كثيرًا في تغيير الفكر الذي يؤدي إلى المخاوف.

أنصحك أيضًا أن تتصدر دائمًا الصفوف الأمامية، هذا مهم، حتى وإن لم تتكلم، كن دائمًا في الصف الأول، في صلاة الجماعة، في المجلس، حين تذهب إلى الزيارات، وهكذا، هذا مهم جدًّا أيها الفاضل الكريم.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا أقول لك نعم،، السبرالكس والذي يعرف علميًا باسم (استالوبرام) ويسمى (زيلاكس) كما ذكرتَ، هو من الأدوية الجيدة والمفيدة جدًّا لعلاج المخاوف ونوبات الهرع والقلق، وأعتقد أن هذه حين تعالج سوف تحس بشيء من الاسترخاء والراحة، وهذا - إن شاء الله تعالى - يجعلك تستطيع أن تؤدي واجباتك الاجتماعية والتخاطب بصورة أفضل.

جرعة السيتالوبرام المطلوبة هي عشرة مليجرام يوميًا، تناولها على الأقل لمدة ستة أشهر، بعد ذلك يمكن أن تجعلها خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

أريدك أن تدعم السبرالكس بدواء آخر وهو (ديناكسيت) وهو متوفر في الأردن، تناوله بجرعة حبة واحدة في الصباح لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناوله.

بعض الناس أيضًا يتناولون عقار إندرال، الإندرال جيد جدًّا في أنه يُجهض نوبات الرعشة وتسارع ضربات القلب والتي تنتج من تغير فسيولوجي طبيعي جدًّا يحدث مع القلق، فإذا أردت أن تأخذ من الإندرال جرعة صغيرة مثل عشرة مليجرام يوميًا صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم تجعلها عشرة مليجرام في الصباح لمدة شهر، ثم تتوقف عنه، فهذا حسن وطيب، وإن أردت أن تطرح هذه الأفكار على الطبيب الذي يقوم الآن بالإشراف على علاجك فهذا أيضًا أمر طيب، لكن أطمئنك بأن الزلاكس من الأدوية الممتازة والفعالة والمفيدة جدًّا، ودرجة السلامة فيه عالية جدًّا.

نصيحتي الأخرى لك هي أن تتفاعل اجتماعيًا، مارس الرياضة الجماعية مع أصدقائك، ككرة القدم أو السباحة أو السلة أو أي رياضة متاحة، حاول أن تذهب إلى أحد المساجد التي بها حلقات للتلاوة، هذه فيها خير كبير جدًّا وفيها تفاعل اجتماعي من نوع معين، حيث السكينة والطمأنينة والرحمة، وهذا له وقع نفسي كبير جدًّا للإنسان في أن يتخلص من مخاوفه وينطلق لسانه إن شاء الله، وعليك أخي الكريم بالدعاء: { رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري * واحلل عقدة من لساني * يفقهوا قولي }.

ولمزيد من الفائدة يمكنك الاطلاع على الاستشارات حول علاج التلعثم والتأتاة سلوكياً: 265295 - 266962 - 280701 - 2102145 .

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً