الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد أن أكون اجتماعية لكن من حولي لا يريدني

السؤال

السلام عليكم,,

أنا معلمة, مشكلتي أني ثرثارة جدا, لا أملك نفسي عند الغضب, وإذا أغضبني أحد لا أرحمه أبدا, أريد حلا لكي أكون صامتة لا أتكلم ولا أغضب؟

وسؤالي الآخر:

أنا أرى أهلي وأقاربي وصديقاتي في المدرسة يكرهوني, ولا يهتمون بي, وإذا طلبت شيئا لا يستجيبون لي, وإذا تكلمت مع أحد يقولون عني غبية, ويضحكون علي, وقد صرت لا أسمع الأحاديث بسببهم لكني أجلس معهم وأسكت, ولكنهم لا يتكلمون معي حتى إنهم لا يقولون كيف حالك؟ ودائما أختلف مع أهلي على أبسط الأمور, ولو قلت كلمة جاء أحدهم وضربني بقوة, حتى لو عملت خطأ بسيطا فإنهم يغضبون علي كلهم و يخاصموني, وأنا أساعدهم في كل شيء لكنهم يكرهوني بشدة ولا أدري لماذا, فما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شهد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أولاً أنا أريدك أن تكوني حريصة جدًّا أن لا تبني مفاهيم سلبية عن نفسك, أنت ذكرت بأنك مكروهة من الآخرين, وأنك عصبية، فيجب أولاً أن تقيمي نفسك تقييمًا صحيحًا، وإن كانت فيك هذه الأعراض فلا تقبليها وحاولي أن تعدليها, هذه الأمور تحت إرادة الإنسان، ويمكن أن تساعدي نفسك من خلال آليات كثيرة.
بالنسبة لكثرة الكلام والثرثرة, بعض الناس يلجئون إلى كثرة الكلام من أجل التفريغ النفسي في مواقف ومواقع وأمام أشخاص معينين لأنهم يتجنبون الحديث مع مجموعات أخرى من الناس، وهذا التجنب يؤدي إلى احتقان داخلي، والاحتقان الداخلي يدفع الإنسان لأن يكون ثرثارًا في مواقف معينة، خاصة إذا كان يعرف أن الأشخاص الذين يخاطبهم في تلك اللحظة يمكنه أن يسيطر أو يهيمن عليهم أو أنه لا يخافهم.
فأيتها الفاضلة: الأمر المطلوب هو أن يكون الإنسان وسطيًا في كل شيء، أن تعرفي أن للكلام آدابا وللمحاورة آدابا وللحديث آدابا، وأفضل الناس هو الذي يجيد الاستماع.

دربي نفسك على هذا، دربي نفسك أنك سوف تكونين مستمعة جيدة، وابدئي بأهل بيتك، حين إذا كان هنالك أمر مطروح في المنزل من أحد أفراد العائلة حاولي أن تستمعي، وأجبري نفسك على الاستماع، بعد ذلك قومي بالرد على ما استمعت إليه حسب المحاور المطروحة.
أيضًا الإنسان الذي يحاول أن يرتب أفكاره ويضعها في نقاط، هذا تقل لديه الثرثرة وتكون أفكاره نافذة وجيدة.

دربي نفسك أيضًا على هذا الأمر, إذا أردت مثلاً أن تتحدثي في موضوع معين حتى وإن كان موضوعًا عامًا، اجلسي وخذي الورقة والقلم واكتبي نقاطا، وقولي سوف ألتزم بهذه النقاط, هذه تمارين بسيطة وجيدة جدًّا.

لتكوني محبوبة أمام صديقاتك كوني دائمًا أنت المبادرة بالخيرات، حيِّهنَّ أحسن تحية، عليك بالبشاشة، المرونة في الأفكار، أن تجدي لهنَّ العذر في الأخطاء أو الأمور التي لا ترضيك، هذه الطريقة التي يحبب الإنسان الآخرين فيه، فالأمر يتطلب منك المثابرة، يتطلب منك الصبر، وكذلك المرونة في الأفكار والاستماع كما ذكرت لك.

يهمني جدًّا أن تتعلمي إدارة الوقت، إدارة الوقت مطلوبة للإنسان حتى ينجح، خصصي وقتا للقراءة، وقتا للعبادة، وقتا للترفيه عن النفس بأمور طيبة ومشروعة ومفيدة, وتعلمي القراءة، أكثري من القراءة والاطلاع، فالقراءة توجه طاقات الإنسان الداخلية, وانفعالاته بصورة جيدة وإيجابية جدًّا.

هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وبالنسبة للغضب والانفعال لابد أن ترجعي إلى ما ورد في السنة المطهرة، الغضب نار يجب أن تطفأ، والرسول صلى الله عليه وسلم أوصانا بأن لا نغضب، الإنسان يجب أن يكون حذرًا في هذا الأمر, نعم قد تحدث انفعالات ولكن الإنسان حين يتملك نفسه عند الغضب هذا هو الإنسان الذي يتحكم فعلاً في انفعالاته, وسوف يكون محبوبًا لدى الآخرين.

ورد عن الرسول صلى الله عليه سلم قوله: (ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) هذا هو القوي، هذا هو الشديد، فكوني سائرة على هذا النهج، ودربي نفسك على التعليمات النبوية لعلاج الغضب، أريدك أن تطبقي هذا عمليًا: تصوري نفسك أنك في موضع بدأ لديك الغضب من شخص معين، عيشي هذا الخيال، وقومي وطبقي ما ورد في السنة: عليك بالاستغفار، وعليك أن تغيري هذا المكان الذي أنت جالسة فيه، وأن تغيري وضعك، وأن تنفثي على شقك الأيسر ثلاثًا، وأن تتوضئي, وأن تصلي, جربي هذا.

أكرر مرة أخرى: عيشي موقفا خياليا أصابك فيه غضب شديد، وقومي بتطبيق ما ذكرناه لك من إرشاد, هذا يفيدك كثيرًا.

أريدك أيضًا أن تتدربي على تمارين الاسترخاء، هذه التمارين تمارين بسيطة جدًّا وسهلة، تمارين التنفس التدرجي مثلاً: اجلسي في غرفة على كرسي مريح، ويجب أن يكون ما حولك في حالة هدوء وسكينة، وبعد ذلك أغمضي عينيك، افتحي فمك قليلاً، خذي نفسًا عميقًا وبطيئًا عن طريق الأنف، املئي صدرك بالهواء، ثم أخرجي الهواء عن طريق الأنف. هذا هو الشهيق والزفير وكلاهما يجب أن يكون بقوة وبطء, كرري هذا التمرين خمس مرات متتالية بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء لمدة ثلاثة أسابيع، ثم مرة واحدة في اليوم لمدة أسبوعين، ثم عند اللزوم, هذا سوف يفيدك كثيرًا.

أنا مطمئن تمامًا أنه إن شاء الله تعالى تستطيعين أن تتحكمي في انفعالاتك، هذه مرحلة عمرية قد تحدث فيها هذه الانفعالات، لكن الأخذ بهذه الإرشادات التي ذكرناها لك -إن شاء الله تعالى- يعجل بأن تكوني أكثر تحكمًا في ذاتك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً