الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ظاهري الالتزام ومقبل على الزواج، فهل أعتبر مخادعاً لمن سأختارها؟

السؤال

السلام عليكم

أنا ظاهر عليّ علامات الصلاح، لكني لست ملتزما جيدا، يعني (محافظ)، والمشكلة أني مقبل على الزواج وأخاف أن آخذ امرأة ملتزمة وأكسب ذنبها لأنها ممكن بهذه الطريقة تنخدع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر أمرك، وأن يمنّ عليك بزوجة صالحة تكون عونًا لك على طاعته ورضاه، وأن يزيدك صلاحًا وهدىً واستقامة، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك أخي الكريم الفاضل من أن الظاهر عليك علامات الصلاح ولكن التزامك ليس قويًّا، ومقبل على الزواج بإذن الله تعالى وتخاف أن تأخذ أختًا ملتزمة تكسب ذنبها لأنها كما ذكرت قد تُخدع فيك.

أقول لك أخي الكريم الفاضل: لا يوجد هناك إنسان بلا عيب، ولا يوجد هناك إنسان بلا أخطاء، ولا يوجد هناك إنسان بلا معاصي، ولا يوجد هناك بالتالي إنسانًا معصومًا، وفوق ذلك لا يوجد إنسانٌ كامل الإيمان بعد محمد عليه الصلاة والسلام. وإيمان الناس جميعًا أخي الكريم (خالد) يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وأنت رجل قد منّ الله تبارك وتعالى عليك بالتزام ظاهر، وهذا طيب، وهذا من فضل الله تعالى من محبة الله تبارك وتعالى لك وإكرام الله تبارك وتعالى لك، وتفضل الله تبارك وتعالى عليك، أن أعانك على هذا الالتزام الذي من الممكن بإذن الله تعالى أن يتحول إلى إيمان صادق ويقين قاطع، وحتى وإن كان الإنسان فيه بعض القصور أو التفريط فإنه مطالب بأن يلتزم السنة، إذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فاظفر بذات الدين تربت يداك).

فإذن أقول: توكل على الله وابحث عن أصلح الأخوات أو الفتيات في المحيط الذي تعيش فيه ولا تقبل غيرها، وذلك لسبب واحد، وهو أن هذه المرأة الصالحة قد تكون عونًا لك على طاعة الله تعالى، لأنك لو تزوجت امرأة ضعيفة الإيمان قد تُضعف إيمانك، بل وقد يؤدي ارتباطك بها إلى تركك لأمور عظيمة من الأمور التي تقوم بها الآن، وأنت تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي) وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير) فأنت مطالب بارك الله فيك أن تبحث عن الأصلح والأفضل لك في دينك ودنياك، ولا تسيء الظن بنفسك، وإنما عليك حسن الظن بالله تعالى مع الأخذ بأسباب التقدم في الطاعة والعبادة والاستقامة والالتزام.

ولكن نصيحتي لك أخي الكريم الفاضل (خالد) لا تقبل غير الملتزمة، فإن صاحبة الالتزام والدين الذي يُعرف عنها أنها من أهل الصلاح والدين والتقوى، وأنها صوّامة قوّامة، وأنها من أهل الصلاح والديانة وطالبة علم شرعي، سينفعك الله بها في دنياك وآخرتك، ولذلك لا تنظر إلى نفسك وإنما انظر أيضًا إلى المستقبل، أنت الآن في أمس الحاجة إلى من تعينك على طاعة الله، فاجتهد في ذلك، وفي أمس الحاجة أيضًا إلى أن يكون أبناؤك من زوجة صالحة، لأن القضية ليست قضيتك أنت وحدك أخي الكريم (خالد) وإنما القضية قضية أكبر من ذلك، فأنت تهيئ الآن البيئة لأبناء في المستقبل من حقهم عليك أن تتخير لهم أمًّا صالحة، وهذا الكلام الذي كان يتغنى به أهل الصلاح والديانة عندما كانوا يقولون لأبنائهم: نحن أحسنا إليكم وأنتم صغارًا اخترنا لكم أمّا صالحة مستقيمة. والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت فأيقظت زوجها فقام من الليل فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء).

فإذن أنت مطالب أخي الكريم (خالد) أن تبحث عن الأخت الصالحة الفاضلة، وهذه سنة النبي عليه الصلاة والسلام، والواقع يؤيد ذلك، المرأة التي تخاف الله وتتقيه ستكون عونًا لك على الطاعة، إن غبت عنها حفظتك في عرضها ومالك، وقامت على تربية عيالك، وحافظت على بيتك وحلالك، وكانت عونًا لك على الطاعة والاستقامة، وإن كنت معها إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، لأنها تعرف حق الزوج على زوجته، أما أن تأتي بامرأة ضعيفة الإيمان ضعيفة الإيمان حالها من حالك: من يُدريك أنها لا تؤثر في إيمانك، وقد تُذهبه بالكلية عياذًا بالله تعالى، لأنها ستكون مشغولة بالدنيا وعرضها الزائل، ومشغولة بالأسواق، ومشغولة بالموديلات والاكسسوارات، وقد تكون لها غابات لا يعلم بحالها إلا الله.

فأتمنى أخي الكريم (خالد) أن لا تخطئ في الاختيار لأنك مطالب شرعًا بذلك، هذا حقك أولاً على نفسك أن تتخير من تكون عونًا لك على طاعة الله، وثانيًا أن تعلم أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ما رُزق المؤمن بعد التقوى خير وأحب إلى الله من زوجة صالحة) وقال الله جل جلاله: {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله} وقال: {والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات}. وثالثًا: كما ذكرت من حق أبنائك عليك أن تتخير لهم وعاء صالحًا، وعاء مهيئًا، وأن تتخير لهم مديرة منزل صالحة وأماً فاضلة عفيفة، حتى إذا ما خرج أبناؤك وغبت عنهم لأي ظرف من الظروف كانت تقوم بإكمال مهمتك ولا تضيع أبناءك من بعدك.

إذن أقول: توكل على الله ولا تنظر لنفسك هذه النظرة السوداوية، واستعن بالله ولا تقبل بغير الصالحة الملتزمة، واجتهد في أن تكون طالبة علم شرعي، وأن تكون مرباة في بيت طيب الحياة فيه طبيعية، بمعنى أن القوامة والقيادة لأبيها، وأمها مطيعة بارة بأبيها، لأن هذا مهم جدًّا في مسألة الاستقامة، لأنك كما تعلم أن المرء على دين خليله، وأن الإنسان منا يتأثر بالبيئة التي نشأ فيها كما قال الشاعر:

وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه
وما دان الفتى لحجىً ولكن يعلمه التدين أقربوه

أسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، وأن يوفقك لكل خير، وأن يمنَّ عليك بزوجة صالحة تكون عونًا لك على طاعته ورضاه، وأن يجعلنا وإياك من صالح المؤمنين، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً